كارثة جديدة لليمن
بقلم: جاني جوسلين
(صحيفة “لا برس- “lapresse الكندية الناطقة باللغة الفرنسية – ترجمة: أسماء بجاش- سبأ)
أخشى من الإصابة بعدوى جائحة كوفيد- 19، فهذا الأمر قد يعني الموت المؤكد، هكذا وصف خالد علي، شاب يمني يبلغ من العمر 27 عاماً, يعمل في القطاع المحاسبي في العاصمة صنعاء، لصحيفة “لا برس”, وفي المقابل, فهو يرى إنه من المستحيل العمل من المنزل، نظراً لكون شبكة الإنترنت في البلد ليست قوياً بما فيه الكفاية, لذا فهو يخشى البقاء في المنزل، لأن هذا يعني البقاء بدون عمل, وبدون مستقبل, فليس هناك الكثير من الأمل الذي يستطيع اللجوء إليه.
ومن جانبها, دقت العديد من المنظمات الدولية ناقوس الخطر بشأن مخاطر انتشار جائحة كوفيد -19, في البلدان التي تنتشر فيها الصراعات المسلحة, وعلى الرغم من إعلان التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية وقف إطلاق النار من جانب واحد لمدة 15 يوماً قابلة للتجديد، إلا أن القتال لا يزال مستمراً في اليمن.
وبالرغم من كون هذا البلد الذي لا تتوفر فيه سوى اختبارات قليل, فقد تم تأكيد ظهور أول حالة من الفيروس التاجي المستجد خلال الآونة الأخيرة في محافظة حضرموت الجنوبية, ولكن كما هو الحال في أماكن أخرى، يدرك اليمنيون أن هذا لا يمكن أن يكون سوى غيض من فيض.
مخاوف وهموم:
أعرب كلاً من كاترين ارسينو التي تعمل لصالح منظمة أوكسفام وجان نيكولا باكيه-رولياو من اللجنة الدولية للصليب الأحمر, فكلاهما يعملان حاليا في اليمن منذ عدة أشهر إنهم قلقون جداً من وقوع البلد في شرك أحداث دراما جديدة في البلد الذي لم يشهد فترة راحة تذكر خلال السنوات الأخيرة.
تقول كاثرين أرسينو، المسؤولة عن المشروع والمقيمة في العاصمة المؤقتة عدن منذ أكتوبر الماضي: “من المنظور الصحي، أصبح 50% من النظام الصحي خارج نطاق الخدمة, بالإضافة إلى عدم وجد الكثير من الأدوية أو الأطباء, بالاختصار فاليمن ليس مستعداً لمثل هذا الوباء”.
فقد تم استهداف المستشفيات والمرافق الصحية جراء الغارات الجوية التي تشنها مقاتلات التحالف العربي بقيادة الرياض في اليمن منذ إعلانها بدء العمليات العسكرية في أواخر مارس من العام 2015, حيث أخذ هذا التحالف على عاتقه مهمة دعم القوات الحكومية اليمنية ضد الهجوم الذي شنه الحوثيين المدعومين من إيران, بيد أنه واجه العديد من الانتقادات الدولية واسعة النطاق بسبب غاراتها الجوية, كما اتهمت العديد من المنظمات المقاتلين التابعين للحركة الحوثية باقتحام المستشفيات وتحويلها إلى ثكنات عسكرية وتعريض حياة المدنيين لأعمال انتقامية.
وبدأت السلطات في تمهيد الطريق، داعية اليمنيين إلى البقاء في المنازل, إلا أن مثل هذه التدابير تعتبر صعب بالنسبة لأولئك الذين لا يملكون ترف العمل عن بعد، وبالتالي فهذا يعني حرمان أنفسهم من الدخل أو توفير المستلزمات, ناهيك عن كون الملايين اليمنيين على شفا المجاعة.
تقول كاثرين أرسينو, أن هذا ليس واقعيا, فالكثير من الناس يقومون بشراء الطعام كلما تمكنوا من كسب المال في نفس اليوم.
وبحسب التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة, يعتمد حوالي 24 مليون يمني، أي ما يعادل 80% من أجمالي عدد السكان، على شكل من أشكال المساعدات أو الحماية, وبالإضافة إلى كون اليمن هو أفقر بلد في شبه الجزيرة العربية, فإن هذا يشكل تحديا أخر في بلد لا يزال فيه الوصول إلى المرافق الصحية صعبا للغاية.
ولهذا, عجلت منظمة أوكسفام ببناء العديد من مرافق ودورات المياه النظيفة تحسباً لتفشي المرض، كما عملت على توزيع مساعدات غذائية, وهناك العديد من المنظمات غير الحكومية تعمل جاهدة على مساعدة الشعب اليمني في تلبية احتياجاته الصحية والغذائية والبنية التحتية.
صعوبات وتحديات:
يرى جان نيكولا باكيه رولياو، المنسق الميداني للجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن، أن أحد التحديات الرئيسية يتمثل أيضاً في اللوجستيات: أول شيء هو العثور على المواد، ثم يتوجب عليك أن تكون قادراً على أخذها وهذا يحتاج إلى استئجار طائرة والحصول على إذن للهبوط على الأراضي اليمنية وهناك أيضا مسألة الموظفين الذين تقطعت بهم السبل على الحدود.
وعلى الرغم من تهديد كوفيد -19, تستمر الحياة, ففي سوريا, أشار جان نيكولا باكيه رولو, الذي عمل هناك في سابق لمدة عامين, أنه على الرغم من خطر انتشار الوباء، فإننا نواصل الاستجابة لتوفير احتياجات الآلاف من السجناء، ومرضى غسيل الكلى والأشخاص الذين يحتاجون إلى أجراء عمليات جراحية, كما أن هناك الكثير من المعاناة التي يعيشها الشعب السوري، مضيفاً أن الشعب اليمني غالباً ما يُظهر قدراً معيناً في مواجهة هذه السلسلة من التجارب.
أضاف إلى كل المعاناة التي يعيشها الشعب اليمني, عرجت كاترين أرسينو على أن اليمن على موعد مع موسم هطول الأمطار والذي يأتي معه خطر الإصابة بوباء الكوليرا, لذا, فاليمن اليوم يمكن أن يكون في مواجهة شرسة مع وباءين في نفس الوقت، فهذا البلد لا يوجد لديه نظام صحي تقريبا.
يختتم, خالد علي حديثه, بأن الأمل لا يزال ضئيلاً في أن يحقق وقف إطلاق النار ما يصبوا اليه الشعب اليمني، مما يجلب بعض الراحة على الأقل على هذه الجبهة, فالوضع في اليمن سيء حقاً, فنحن نحلم بحياة هادئة.
* المقال تم ترجمته حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.