لماذا تستمر الحرب في اليمن على الرغم من أزمة الفيروس التاجي؟
(صحيفة” التليجرام- Télégramme ” الفرنسية, ترجمة: أسماء بجاش- سبأ)
لم يدوم وقف إطلاق النار الذي اعلنته المملكة العربية السعودية في اليمن, في 9 من أبريل الجاري, ولمدة اسبوعين قابلة للتجديد, جراء انتشار جائحة الفيروس التاجي, طويلاً في اليمن.
وفي المقابل, يريد الحوثيون الذين أصبحوا في موقف قوي الاستفادة منه.
لا يظهر الصراع الدائر في اليمن أي بوادر للإنفراج, فبعد مرور أسبوع واحد فقط من إعلان التحالف العسكري الذي تقوده الرياض وقف إطلاق النار من جانب واحد لمكافحة الفيروس التاجي الذي يهدد البلد الغارق بالفعل في خضم أسوء أزمة إنسانية خطيرة, حيث لا يزال القتال مستمرا على أرض الواقع.
الوضع في اليمن؟
قال أمجد علي, شاب يمني في 28 من العمر, أن العالم كله يخاف من الفيروس التاجي, لكن ليس اليمن, حيث أنهم قد اعتدوا بالفعل على الموت.
بحسب التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة, يواجه اليمن أسوأ أزمة إنسانية في العالم، حيث يعتمد نحو 24 مليون يمني, أي ما يعادل أكثر من 80% من اجمالي السكان على شكل من أشكال المساعدات الإنسانية أو الحماية, كما أشارت كذلك إلى أن اليمن يعاني من نزوح أكثر من ثلاثة ملايين شخص، كثير منهم يعيشون في مخيمات معرضة بشكل خاص لخطر انتشار الأمراض.
قال عبد الحق العامري ذو 35 عاما, وهو من سكان العاصمة صنعاء, نحن في اليمن, لا نريد اعلان وقف اطلاق النار أو هدنة، فنحن ما نريده فقط هو إنهاء هذه الحرب.
ففي صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون، لا يخفي بشير الفضلي أيضاً سخطه على التحالف وانصار الله على حد سواء, حيث سلط الضوء على أن الشعب اليمني لم يعد بإمكانه تحمل هذه الحرب بعد الآن! نظراً لكون الخاسر الوحيد هو المواطن اليمني، الذي أصبح بدون ماء، وبدون كهرباء، وبدون تعليم, ناهيك عن كونه لم يعد يتقاضى راتبه من الخدمة المدنية”.
أي وقف لإطلاق النار؟
لم ينهي إعلان الرياض وقف العمليات العسكرية اعتباراً من 9 أبريل القتال على الأرض، كما لا تزال الغارات الجوية التي يشنها التحالف العربي مستمرة في الأجواء اليمنية.
فمن جانبه, أشار بيتر ساليسبري، المختص في الشأن اليمني في مجموعة الأزمات الدولية, إلى أنه ليس لدينا حتى الآن اتفاق لوقف إطلاق النار موقع من قبل جميع الأطراف الرئيسيين في الصراع, وكان المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث, قد ارسل بالفعل مقترحات جديدة الى طرفي الصراع لوقف اطلاق نار وطني واستئناف عاجل للحوار السياسي, حيث أصر على أن تأكيد أول حالة إصابة بفيروس “كوفيد-19” في اليمن يجعل من الضرورة أكثر من السابق العمل على وقف القتال فوراً.
ماذا يريد الحوثيون؟
يتفاوض الحوثيون في الوقت الحالي من موقع قوة بعد النجاحات العسكرية الاخيرة التي سطرها, فهم يسيطرون بالفعل على عدة أجزاء من الأراضي الشمالية للبلد، كما أنهم يتقدمون إلى آخر معقل للحكومة في المناطق الشمالية، في محافظة مأرب، المنطقة الاستراتيجية الغنية بالنفط.
ومن جانبهم, نشر الحوثيون قائمة بشروط الهدنة, منها انسحاب القوات الأجنبية وإنهاء الحصار الجوي والبحري للتحالف على اليمن, كما طالبوا قوى التحالف بدفع رواتب الحكومة للعقد المقبل وتمويل إعادة اعمار البلد، خاصة تلك المنازل التي دمرتها الغارات الجوية.
تقول إيلانا ديلوزييه من مركز أبحاث معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: “قد ترغب الرياض بالفعل في الانسحاب من الحرب في اليمن، وهي بالتأكيد مستعدة لدفع جزء كبير لعملية إعادة الإعمار, ولكن من غير المرجح, أن توافق الرياض على التوقيع على اتفاق يعني ضمناً “استسلامها الكامل”.
لماذا رفع السعوديون الراية البيضاء؟
عرجت ديلوزييه, أيضاً على أن الإعلان عن وقف إطلاق النار يأتي في وقت حساس جداً بالنسبة للمملكة، نظراً لكونها الدولة الخليجية الأكثر تضرراً من الوباء, كما وقد تأثر اقتصادها بشكل خاص جراء انخفاض أسعار النفط.
إن المملكة العربية السعودية تريد بشكل متزايد إنهاء الحرب في اليمن, حيث أن أولوياتها اليوم قد تغيرت, فالحرب في اليمن مكلفة ومن المستحيل عسكرياً تحقيق الفوز بها.
ووفقا للعديد من الخبراء, ففي الأشهر الأخيرة، تعرضت دول التحالف للضغط الدولي بسبب حجم الخسائر في صفوف المدنيين جراء الغارات الجوية، كما أدى انسحاب دولة الإمارات من التحالف واندلاع حرب أخرى داخل صفوف أشقاء السلاح في المعسكر الموالي للحكومة اليمنية, قد عمل على إضعاف الحكومة اليمنية, في حين عزز من موقع وعزيمة الحوثيين.
* المقال تم ترجمته حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.