بقلم: جان بيير فيليو

(صحيفة “لوموند” الفرنسية, ترجمة: وائل حزام– سبأ)

إن وباء الفيروس التاجي “كورونا” يتفاقم من عدم حالة الاستقرار المزمنة أصلا في الشرق الأوسط.

ففي هذه المرحلة قد تبدو المنطقة أقل تأثرا بكثير من اوروبا، ولكن الحذر لا يزال ضروريا لغياب الشفافية بين الدكتاتوريات المختلفة, كما أن صرامة مصر ومن ثم العراق ضد المراسلين الغربيين المتهمين بالتشكيك في الاحصائيات الرسمية، امر ينذر بالخطر.

وبالنسبة لنظام الأسد فقد انتظر حتى  الـ 3 من ابريل الجاري, لعزل ضريح السيدة زينب الواقع في ضواحي دمشق، عندما كان معرضا لخطر التلوث لأسابيع.

وقد يكون القادم هو الأسوء في سوريا خاصة في مخيمات اللاجئين، وفي قطاع عزة بسبب انهيار المرافق الصحية المحلية.

ومع ذلك فمن الممكن بالفعل التمييز بين “الفائزين” و”الخاسرين” من وباء الفيروس التاجي (كوفيد-19).

نتنياهو مرارا وتكرارا

يدخل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عامه الثاني عشر على التوالي في منصبه كرئيس للوزراء بعد أن قاد الحكومة في الماضي لمدة ثلاثة أعوام.

فقد استخدم تهديد الفيروس التاجي “كورونا” للدعوة الى “الوحدة الوطنية”، ومن الواضح انه حول نفسه على الرغم انه لم يحصل على الأغلبية في الكنيست المنتخب الشهر الماضي, كما أن الاستحالة المادية سمحت له في الجمع بين النواب المحصورين بمناورات تأخير مختلفة و استنفاد من عدم القدرة على المنافسة مع منافسه الرئيسي بيني غانتس, ومع ذلك كلف بتشكيل الحكومة.

وكما هو الحال في انتخابات ابريل وسبتمبر 2019، فاز بنيامين نتنياهو في الانتخابات امام غانتس الذي خسرها, وبالنسبة لغانتس غير القدر على تجسيد بديل حقيقي لرئيس الحكومة، وسيوف يستقر في وزارة مرموقة ويترك المعارضة في حالة خراب.

حتى أن نتنياهو، الذي تعزز في إدارة ازماته, قرر حصر قوات الأمن على معقل بني براك الأرثوذكسي المتطرف الذي اصبح مرتعا للتلوث.

وفي وضع مختلف تماما، يشعر النظام اللبناني، الذي يواجه تحديا كبيرا منذ أكتوبر الماضي بسبب طائفيته وفساده، يشعر بالارتياح لان الفيروس التاجي “كورونا” افرغ الشوارع أخيرا.

ففي الـ 27 من مارس الماضي، قامت الشرطة بتفكيك اخر مخيم للمتظاهرين في قلب بيروت, كما أن حزب الله، الذي يعد دولة دخل دولة وركن من اركان النظام، تعرض لانتقادات واسعة منذ بداية وباء كورونا وبقاء أنصاره في ايران.

ومنذ ذلك الحين، اخذ حزب الله زمام المبادرة من خلال وضع منظمته القوية في خدمة التطهير والاحتواء والعلاج بما في ذلك خارج معاقله الشيعية التقليدية.

إن “الفائز” الأخير من الازمة الصحية في هذه المرحلة النسبية هو داعش, فجزء من التحالف الغربي الذي احتشد ضد داعش في العراق انسحب بالفعل بسبب خطر التلوث.

وفي 29 مارس الماضي، اندلع تمرد جهادي وربما تبعه هروب، من سجن تديره الميليشيات الكردية في سوريا, وبشكل علني، أوصت المنظمة الإرهابية أخيرا أعضائها بعدم المخاطرة بالتلوث بالسفر الى أوروبا …

النظام الإيراني تحت الضغط

مع ارتفاع عدد القتلى رسميا الى 3452 حتى الـ 4 من ابريل الجاري، تعد ايران إلى حد كبير أكثر البلدان تضررا في المنطقة, وربما يكون الواقع أكثر مأساوية بسبب الهوس السري للجمهورية الإسلامية واقتناعها بالحصانة الإلهية في الحج الشيعي.

ولم يتم بعد الإعلان عن الاحتواء, حيث يعود حاليا ثلاثة ملايين إيراني من عطلة راس السنة الفارسية ولا تزال الحركة داخل مختلف المحافظات مسموحا ولا تزال مدينة قم المقدسة، مركز الوباء غير خاضعة للحجر الصحي.

إن هذا التذبذب على قمة الدولة هو نتيجة للتوترات الحاصلة بين المتعصبين المتشددين والمعتدلين الواقعيين، وهي التوترات التي أدت بالفعل إلى إلغاء مهمة بعثة المساعدة الطبية الفرنسية.

ولم يسبق للنظام أن بدا معزولا إلى هذا الحد عن السكان الذين يعانون, فقد نفذت محاولاته لإحياء المواجهة مع الولايات المتحدة الأميركية في العراق ولم تعد حملته الجديدة لرفع العقوبات الأميركية تسمح له بالتهرب من  مسؤولية الثقيلة جدا.

وعلى غرار السكان الإيرانيين، تظهر الشعوب العربية في الشرق الأوسط مرة أخرى ضحايا لمواجهات الوباء وتعسف قياداتهم.

وكما رأينا في لبنان والعراق، فقد ساعد فيروس كورونا في اسكات الاحتجاجات مؤقتا على الأقل ويجب على مائة مليون مصري أن يتحملوا أكاذيب دولة نظام السيسي الذي بعد أن حدد أن السياح هم الوحيدين من يحملون الفيروس، كان عليه أن يعترف بوفاة جنرالين, كما انه لم يتم الاستجابة لدعوة الأمم المتحدة لوقف اطلاق النار في سوريا واليمن وليبيا باسم مكافحة الوباء.

كان من الممكن أن تنقل الولايات المتحدة الأميركية هذه الدعوة أو حتى تدعمها في أوقات أخرى.

بل أنه من الواضح أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لم يفكر حتى في ذلك, فهو الذي تباهى قبل شهرين فقط بتسوية الصراع الإسرائيلي– الفلسطيني بما يسمى “صفقة القرن” ولم يعد بإمكانه حتى تقديم الخدمة ما بعد البيع.

اما جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي، المهندس الكبير للاتفاقية المذكورة، فهو الان مسؤول عن “نهج ريادة الاعمال” للازمة الصحية في بلاده وقد سبق له وطرح بالفعل “نهج” من هذا النوع لتعزيز السلام في الشرق الأوسط.

* المقال تم ترجمته حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.