بقلم: احمد عبدالكريم (موقع“- منتبرس نيوز“mintpressnews الانجليزي, ترجمة: نجاة نور- سبأ) 

حجة، اليمن- أثبت يوم الخميس أنه يوم مأساوي للنازحين في مخيم المزرق للاجئين في محافظة حجة شمال اليمن, حيث يقع المخيم على مشارف مدينة حرض بالقرب من الحدود اليمنية السعودية.

صُدم سكان المخيم بصوت الانفجارات المدوية والطائرات التي تحلق فوق رؤوسهم، خاصة وأن الأخبار وصلتهم للتو عن إعلان المملكة العربية السعودية وقف لإطلاق النار في اليمن وسط مخاوف من تفشي فيروس كورونا، الذي اصاب أعضاء في العائلة المالكة.

وبحلول نهاية اليوم، كان من الواضح أن الجيش السعودي كان وراء الهجمات وكان الهدف من العملية الاستيلاء على ميناء جمركي في حرض، على بعد 20 كيلومتراً فقط من مخيم اللاجئين.

حتى بعد الدعوات المتكررة للأمم المتحدة بوقف الحرب في اليمن للحيلولة دون انتشار فيروس كورونا واصلت السعودية شن غاراتها في البلد بلا رحمة.

وفي ليلة الأربعاء جاء الاعلان أخيراً أن السعودية أوقفت العمليات العسكرية “لتجنب تفشي محتمل للفيروس”, وعلى الرغم من هذا الإعلان , الا أن المملكة أطلقت صباح الخميس حملتها العسكرية في حرض.

ادعى المتحدث باسم التحالف السعودي العقيد تركي المالكي أن المملكة علقت العمليات العسكرية من أجل “دعم جهود الأمم المتحدة لإنهاء الحرب التي استمرت خمس سنوات وتجنباً لانتشار فيروس كورونا “.

بيد أن التحالف لم يشر إلى رفع الحصار المفروض على البلد للسماح للمساعدات والإمدادات الطبية بالدخول اليها.

وقال المالكي في بيان نشرته وكالة الأنباء السعودية الرسمية: “تهدف هذه الخطوة إلى خلق ظروف مواتية لاجتماع بإشراف الأمم المتحدة تمهيداً لوقف إطلاق نار دائم في اليمن”, كما أشار إلى أن وقف إطلاق النار سيدخل حيز التنفيذ يوم الخميس ويستمر لمدة أسبوعين, وهذه الخطوة قابلة للتجديد وهي “فرصة للتوصل إلى وقف شامل ودائم لإطلاق النار في اليمن”.

بعد وقت قصير من إعلان وقف إطلاق النار، قصفت طائرات التحالف السعودية عدة أهداف مدنية في كلاً من محافظات صعدة وعمران والبيضاء وحجة والجوف, وعلاوة على ذلك، بدأت العمليات العسكرية الجديدة بدعم من المستشارين العسكريين الأمريكيين في عدة مناطق محاذية للحدود السعودية اليمنية, وشمل ذلك الهجمات على ميناء حرض الجمركي بالإضافة إلى الغارات الجوية في رشا عسير والبقع في نجران.

إن إعلان الرياض عن وقف إطلاق النار الذي انتهكته على الفور لا يعد الأول من نوعه, ففي يناير 2016, أعلن التحالف الذي تقوده السعودية أنه لن يلتزم بوقف إطلاق النار الذي أعلن عنه في 15 ديسمبر أثناء المحادثات التي اشرفت عليها الأمم المتحدة والتي تهدف إلى إنهاء الحرب.

سخر أنصار الله الجناح السياسي لحركة الحوثيين، القوة الرئيسية التي تقاتل لطرد القوات السعودية من اليمن، من إعلان السعودية لوقف إطلاق النار، واصفة إياه بأنه مناورة وخطوة تكتيكية ومحاولة للتهرب من المسؤولية عن عواقب انتشار كوفيد – 19.

قال محمد عبد السلام المتحدث باسم أنصار الله أن المبادرة السعودية مناورة سياسية وإعلامية ولها أهداف متعددة منها تحسين الصورة “الملطخة والدموية” ومحاولة عرقلة المفاوضات بين الأمم المتحدة وأنصار الله التي من الممكن ان تنهي الحرب على اليمن.

ومن جانبه, عرج محمد البخيتي، عضو بارز في المكتب السياسي لأنصار الله، على إن المبادرة السعودية لا تعبر عن قناعة بالسلام، لكنها مجرد خطوة تكتيكية, كما حث الرياض على استخدام تفشي كورونا كفرصة لوقف إطلاق نار حقيقي وخروج يحفظ لها ماء الوجه من حرب اليمن.

يعتقد أنصار الله، مثل معظم اليمنيين، أن أي هدنة لا تنطوي على رفع الحصار المفروض منذ عام 2016 سيكون معناه استمرار للحرب السعودية.

وقد قيد هذا الحصار السلطات اليمنية من إدارة والتعامل مع تهديد فيروس كورونا, ففي الواقع ،تم  أغلق ما لا يقل عن 60 % من المرافق الصحية في اليمن إلى الأبد, جراء الحصار فقط، فيما تفتقر تلك التي بقيت تعمل إلى المتخصصين والمعدات الأساسية والأدوية لأنهم لم يتمكنوا من إعادة تموينها بسبب الحصار.

علاوة على ذلك، فإن مجموعة من الأوبئة مثل الخناق والكوليرا وحمى الضنك وإنفلونزا الخنازير والملاريا تفتك بمخيمات اللاجئين في الوقت الراهن، مما يجعل من المستحيل على الناس مواجهة وباء فيروس كورونا القادم بشكل اكيد.

قال لاجئ يبلغ من العمر 35 عاماً في مخيم المزرق للاجئين لـ “مينتبرس”: “بالنسبة لنا، حتى إذا أوقفت السعودية الحرب، فقد حان الوقت لحفر قبورنا والانتظار بهدوء حتى الموت”.

فيروس كورونا يصيب اليمن رسمياً:

تأكدت أول حالات الإصابة بالفيروس التاجي الرسمي في اليمن في محافظة حضرموت قبل يومين, ومن جانبها, حذرت منظمة الصحة العالمية ومنظمة إنقاذ الطفولة من انفجار وشيك لحالات الإصابة بالفيروس التاجي في البلد, حيث قال كزافييه جوبرت، المدير القطري لمنظمة إنقاذ الطفولة في اليمن:” اليوم، تم تأكيد أول حالة مصابة بالفيروس في اليمن, وهذه لحظة لطالما خشيناها جميعاً وكنا نأمل ألا تحدث، لأن اليمن يعاني من نقص في المعدات لمواجهة هذا الفيروس, حيث أن نصف المرافق الصحية في اليمن فقط ما زالت تعمل,كما يوجد 700 سرير وحدة عناية مركزة، بما في ذلك 60 سرياً للأطفال و 500 جهاز تنفس صناعي لسكان يبلغ عددهم حوالي 30  مليون شخص”.

كما أشار الدكتور, طه المتوكل وزير الصحة والسكان في حكومة صنعاء، في تصريح له امام أعضاء مجلس النواب اليمني: “إذا انتشر فيروس كورونا في اليمن فسوف يقتل 500 ألف شخص على الأقل, وأضاف أن مصانع الأكسجين قد دمرت، ولا يوجد سوى 1000 سرير في جميع أنحاء البلد و 400 جهاز تنفس صناعي”.

الانتظار بهدوء حتى الموت:

بالنظر إلى مدى سرعة انتشار الفيروس في جميع أنحاء العالم، فمن شبه المؤكد أن كورونا سيصل الى اليمن لا محالة وسيتفشى خاصة بين اللاجئين الذين يعانون بالفعل من ضعف جهاز المناعة.

ووفقًا لوزارة الصحة، سيؤثر الفيروس على 90 % من السكان وسيكون قاتلاً بشكل خاص لأولئك الذين يعيشون في مخيمات اللاجئين.

معظم اليمنيين لا يتمتعون برفاهية شراء أدوات التنظيف والمعقمات أو الاتصال بالمراكز الوبائية عندما يشعرون بالمرض, حتى غسل أيديهم بالماء النظيف يمكن أن يمثل تحدياً، ناهيك عن ممارسة التباعد الاجتماعي.

ففي مخيم المزرق للاجئين، تضطر عائلات متعددة غالباً إلى مشاركة نفس الأواني, والحمامات، وأدوات الطبخ والخيام وكثيراً ما يعاني سكان المخيمات من ظروف صحية أساسية مثل سوء التغذية والكوليرا، مما يجعلهم أكثر عرضة للفيروس.

حتى خارج المخيمات، فإن الرعاية التي يحتاجها مرضى كورونا عندما يصابون بمتلازمة الضائقة التنفسية الحادة غير موجودة فعليا في اليمن, في حين وفرت منظمة الصحة العالمية 30 “جهاز اختبار حرارة ” للبلد فإنها تطلب من المسؤولين تأكيد الحالات قبل أن يرسلوا المساعدة، بحسب الأمين العام للمجلس الوطني لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية في صنعاء.

تسليح الفيروس:

ومما زاد الطين بله، انخرطت المملكة العربية السعودية في عدد من الممارسات المشكوك فيها التي يخشى مواطنون يمنيون أنها تحاول تسريع انتشار كوفيد -19 عمدا.

ففي وادي الضام، وهو وادي يمتد عبر الحدود بين اليمن والسعودية ويرتبط مباشرة بمنطقة الرقة اليمنية، قام النظام السعودي بنقل مئات اللاجئين الأفارقة الذين تم ترحيلهم من المملكة, حيث يظهر مقطع فيديو تم تصويره بواسطة هاتف خليوي, للمواطنين يتجمعون في المنطقة في خطوة يخشى اليمنيون أنها قد تكون محاولة لإثارة تفشي فيروس كورونا بين اللاجئين من أجل نشره إلى السكان المحليين وفقًا لسلطات صعدة.

تنتشر في الرقة مخيمات للاجئين التي يسكنها الآلاف من المهاجرين من إثيوبيا والصومال الذين تم ترحيلهم من السعودية, والذين يقومون غالبا بالدفع للمهربين اليمنيين لنقلهم إلى مدن كبيرة في البلد على أمل الفرار من الحياة في مخيمات اللاجئين المكتظة.

يُعتقد أن العديد من المهاجرين الأفارقة قد تم ترحيلهم من مناطق المملكة,  حيث ينتشر الفيروس, ومنذ أن بدأت جائحة فيروس كورونا، طرد النظام السعودي أيضاً آلاف العمال اليمنيين.

وقال الدكتور, حسين مقبول، رئيس اللجنة الوزارية العليا لمكافحة الأوبئة ومقرها صنعاء، لقناة إخبارية تلفزيونية محلية مساء الخميس أنه تم إنشاء 76 مركزا للحجر الصحي فقط في 12 محافظة في اليمن, وأشار إلى أن 400 شخص مازالوا يصلون يومياً إلى ميناء عفار بمحافظة البيضاء، بمجموع 12 ألف شخص شهرياً, هذا، في الوقت الذي أوقفت فيه معظم الدول رحلاتها في محاولة لاحتواء الوباء, كما أن التحالف السعودي يسيطر بشكلٍ شبه كاملة على المجال الجوي اليمني.

حذر مسؤولون في صنعاء من الترحيل المستمر لليمنيين من السعودية إلى اليمن واستمرار رحلات التحالف إلى مدينة عدن دون مراعاة أي إجراءات للحجر الصحي, يقولون أن التحركات تتناسب مع إطار خطط التحالف لإدخال الفيروس إلى اليمن.

ومن جانبه, قال محسن طاووس، الأمين العام للمجلس الوطني لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية إن السعودية تقوم عمداً بترحيل المصابين بفيروس كورونا إلى اليمن.

* المقال تم ترجمته حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع