ليبيا وسوريا واليمن … ما هو تأثير الفيروس التاجي على الصراعات المشتعلة في منطقة الشرق الأوسط؟
صحيفة “جون أفريك– jeuneafrique” الفرنسية, ترجمة:أسماء بجاش – سبأ
تمكنت جائحة الفيروس التاجي “كوفيد-19” من حصد أرواح عشرات الآلاف من الناس حول العالم, بينما أجبر نصف سكان العالم على عزل أنفسهم بغية تجنب الإصابة بهذا الوباء, في حين لا يزال تأثيره على الحروب الدائرة في الشرق الأوسط غير مؤكد.
في الوقت الذي يصب فيه العالم بأسره جُل اهتمامه على مكافحة جائحة وباء الفيروس التاجي، فإن الجهات الفاعلة في الصراعات الدائرة في كلاً من سوريا, واليمن, وليبيا والعراق، حيث تتدخل القوى الأجنبية وتواصل تعزيز بيادقها… مع عدم وجود أي احتمال للتوصل إلى نتيجة دائمة في المستقبل القريب.
وبالنسبة لهذه البلدان، يخشى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس من أن “الأسوأ لم يأت بعد”, نظراً لما يثير انتشار جائحة “كوفيد-19” من مخاوف وقوع تلك الدول التي مزقتها الحرب في شرك مستنقع كارثة انسانية, نظراً لاعتماد ملايين الاشخاص على المساعدات الإنسانية الطارئة, ويمكن للدول الغربية التي تضررت بشدة جراء هذا الوباء، أن تحول مواردها المالية والعسكرية من هذه الصراعات الخارجية، ولكنها أيضاً تضعف عمليات التفاوض.
– اليمن نحو الهاوية:
انحت الحكومة اليمنية والمتمردون الحوثيون في البداية أمام دعوة الأمين العام للأمم المتحدة الداعية لوقف العمليات القتالية, وبنفس الحماس رحبت المملكة العربية السعودية المنضوية تحت لواءها تحالف عربي عسكري يدعم القوات الموالية للحكومة اليمنية بهذه الدعوة, ولكن سرعان ما تبددت الآمال في لمس تهدئة دائمة بعد مرور أكثر من خمس سنوات من الجمود.
ففي 28 مارس، تمكنت الدفاعات الجوية السعودية من اعترض صواريخ تم اطلقها من قبل الحوثيون في سماء مدينة العاصمة الرياض واحدى البلدات القريبة من اليمن, ورداً على ذلك، استهدف التحالف العربي “أهدافاً عسكرية” في العاصمة اليمنية صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون.
وفي السنوات الأخيرة، توقفت المفاوضات بشكلٍ نهائي في البلد، التي وصفتها الأمم المتحدة بأنها تعاني من أسوأ أزمة إنسانية في العالم.
ومن جانبها, تخشى المنظمات غير الحكومية حدوث كارثة في حال انتشر الفيروس، حيث يعاني اليمن من انهيار النظام الصحي وشحة في المياه النظيفة.
يقول محمد عمر، سائق سيارة أجرة في مدينة الحديدة الساحلية الواقعة غرب البلد, بنبره ملئها الخوف: “اذا استمرت الحال كم هو عليه الآن, فإن الفيروس التاجي سينتشر, والناس سيموتون في الشوارع والجثث ستتعفن”.
– احتدام العمليات القتالية في ليبيا:
وكما هو الحال في اليمن، رحبت جميع أطراف الصراع الليبي على الفور بدعوة الأمم المتحدة التي دعت اليها منتصف مارس المنصرم لوقف إطلاق النار لدواعي الإنسانية, بيد أنهم سرعان استأنفوا الأعمال العدائية على الفور, حيث اشتدت العمليات القتالية خلال الأيام القليلة الماضية، مما أثر على العديد من المناطق السكنية في العاصمة طرابلس, وهذا ما دفع مرة أخرى بالأمم المتحدة لتكرار دعواتها للهدنة, حيث لا تزال هناك فجوة كبيرة بين التصريحات والأفعال.
ففي ليبيا، تدعم الحكومة التركية حكومة طرابلس بقيادة فايز السراج والمعترف بها من قبل الأمم المتحدة, في مواجهتها لهجوم جيش التحرير الوطني بقيادة الجنرال خليفة حفتر منذ ما يقرب من العام بدعم خاص من روسيا ومصر والإمارات العربية المتحدة.
ومن جانبه, يشدد البروفيسور فابريس بالانالش، المتخصص في شؤون العالم العربي, على أن فك الارتباط الغربي من الصراعات في المنطقة يمكن أن يكون في مصلحة القوات الموالية للجنرال حفتر, وبحسب مركز أبحاث مجموعة الأزمات الدولية (ICG Group)، فإن الجهود الرامية إلى ضمان وقف إطلاق النار في ليبيا لم تعد تجذب الانتباه على أعلى مستوى.
– في سوريا هدنة في إدلب:
بدأ الفيروس التاجي الجديد يكتسب طفرة دولية مع دخول هدنة أخرى حيز التنفيذ, ولكن هذه المرة في محافظة إدلب ومحيطها في المناطق الشمالية الغربية السورية بين النظام السوري وحليفه الروسي من ناحية والجماعات الجهادية و المتمردين, بما في ذلك بعض المؤيدين للأتراك من ناحية أخرى.
لم يكن لدى سكان هذه المنطقة البالغ عددهم ثلاثة ملايين نسمة, أمل كبير في أن تستمر فترة التهدئة بعد أن أنهكها الهجوم المميت الأخير الذي شنتها القوات الموالية لنظام في دمشق, ولكن يبدو أن المخاوف من انتشار الوباء تساعد على الحفاظ على هذه الهدنة.
ففي مارس المنصرم انخفض عدد القتلى في صفوف المدنيين إلى أدنى مستوى له منذ بداية الصراع في العام 2011, حيث بلغ عددها 103, وذلك وفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان.
وبالنسبة لمختلف الجهات الفاعلة في الميدان- النظام والقوات الكردية في الشمال الشرقي والفصائل المناهضة لنظام السوري في إدلب – فإن الإدارة الجيدة للوباء من شأنها أن تعزز مصداقيتها, حيث يقول فابريس بالانالش أن هذا الوباء هو وسيلة لدمشق لإظهار أن الدولة السورية هي الوحيدة الفاعلة وأنه يجب إعادة دمج مختلف الأراضي في ظل سيادتها.
يمكن أن يعجل هذا الوباء برحيل القوات الأمريكية، حيث أن “أمنها الصحي” يعتبر بمثابة “قضية رئيسية”, حيث سيساهم ذلك في فراغ أمني من شأنه أن يشجع على عودة تنظيم الدولة الإسلامية أو ما يعرف بتنظيم داعش الذي تهاوت اركانه في سوريا في مارس من العام الماضي.
ففي التسع السنوات الماضية، أودى الصراع الدائر في سوريا بحياة أكثر من 380 ألف شخص، فضلاً عن تشريد ملايين الاشخاص والذين أصبحوا لقمة صائغة أمام الفيروس بشكل خاص إذا تمكن من الانتشار.
– العراق مهدد بظهور تنظيم الدولة الإسلامية مرة أخرى:
في العراق، وعلى الرغم من انتهاء الحرب بالفعل، لا تزال البلد مهددة بعودة ظهور تنظيم الدولة الإسلامية في بعض المناطق، في حين أن التوترات بين الولايات المتحدة وإيران لم تظهر عليها أي علامة من علامات على الإرهاق أو التعب.
ومن جانبها, نشرت الإدارة الأمريكية هذا الأسبوع بطاريات دفاع جوي مضادة, مما أثار مخاوف من تصعيد جديد أخر مع طهران التي يتحمل مؤيدوها العراقيون المسؤولية عن الصواريخ التي لا تزال تطلق على المنطقة الخضراء في العاصمة بغداد، حيث تتواجد السفارة والقواعد الأمريكية التي تستضيف الجنود الأمريكيين.
* المقال تم ترجمته حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع