تضارب المصالح الإماراتية والسعودية يبقي الصراع اليمني مستمراً
مع الذكرى السنوية الخامسة لتدخل التحالف السعودي والإماراتي, فإن احتمالات السلام تبدو أبعد من أي وقت مضى
بقلم: بيثان مكيرنان
(صحيفة”الجارديان” البريطانية- ترجمة: انيسة معيض- سبأ)
تقول عائشة التميمي التي تبلغ من العمر21 عاماً، انها لم تتكيف أبداً مع الجو بما فيه من الغبار والحرارة في مدينة مأرب الصحراوية اليمنية, إذ تنحدر عائلتها من المرتفعات الخضراء المورقة في حجة في شمال البلد, لكنها اضطرت إلى المغادرة بعد أن وصلت العمليات القتالية بين الحوثيين المدعومين من إيران والقوات الحكومية إلى قريتهم قبل عامين.
أصبحت مدينة مأرب الغنية بالفعل باحتياطيات النفط والغاز, مدينة مزدهرة منذ اندلاع حرب اليمن، حيث وجد فيها أولئك الذين شردوا بسبب العنف في أماكن أخرى من البلد ملاذاً أمناً نسبياً, ولكن حتى الاستقرار في مأرب قد أثبت أنه هش بعد اندلاع معارك جديدة شرسة في شمال وغرب المدينة.
قالت التميمي: “كنا نظن أننا سنكون أكثر أماناً هنا, ففي بعض الأحيان يقاتلون لمجرد القتال”.
في بداية هذا العام, أشاد المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن، مارتن غريفيث، بالتزام الأطراف المتحاربة في البلد إلى حد كبير باتفاقية خفض التصعيد لعام 2018.
خيمت آمال كبيرة بأن تؤدي أشهر الهدوء النسبي إلى محادثات أكثر جوهرية, وبعد شهرين فقط مع حلول الذكرى الخامسة لتدخل التحالف السعودي والإماراتي واندلاع الحرب كانت احتمالات السلام أبعد من أي وقت مضى.
اندلعت الحرب الأهلية اليمنية في 26 مارس 2015 بعد أن فر الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى المملكة العربية السعودية المجاورة وتدخل تحالف من 20 دولة عربية لمحاولة طرد الحوثيين المدعومين من إيران إلى خارج العاصمة صنعاء.
ومنذ ذلك الحين تحول الصراع إلى أسوأ أزمة إنسانية في العالم, مما أسفر عن مقتل ما يقدر بنحو 100 الف شخص وترك 80٪ من السكان – حوالي 24 مليون شخص- يعتمدون على المساعدات الانسانية للبقاء على قيد الحياة.
اتُهم كلا الجانبين بشن هجمات عشوائية على أهداف مدنية, ولكن وفقاً لمشروع بيانات اليمن يُقدر أن 30٪ على الأقل من أكثر من 20 الف غارة جوية قام بها التحالف قد استهدفت البنية التحتية المدنية.
كما فرض التحالف المدعوم من المملكة المتحدة والولايات المتحدة ودول غربية أخرى, حصاراً على الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيين مما دفع بما يقرب من نصف إجمالي السكان المدنيين إلى حافة المجاعة وأدى إلى تفشي الامراض كالكوليرا والدفتيريا.
يواجه اليمن الآن أزمة مدمرة جديدة محتملة وذلك في مواجهة جائحة كوفيد 19.
اندلعت أحدث جولة من العنف بعد أن حاولت قوات هادي التقدم على طول الطريق السريع من مأرب إلى العاصمة صنعاء التي يسيطر عليها أنصار الله, لكن المحاولة انعكست بشكل مذهل بعد رد الحوثيين بهجمات مضادة على عدة جبهات والتقدم للاستيلاء على الحزم، عاصمة محافظة الجوف مطلع الشهر الجاري.
أدى القتال العنيف في الجوف, شمال مأرب, إلى فرار ما لا يقل عن 1750 عائلة، مما أدى إلى إرباك وكالات الإغاثة المحلية التي تعمل بالفعل في مخيمات النازحين في ضواحي مدينة مأرب, حيث يحتاج حوالي 70 الف شخص الآن إلى المساعدة اليومية.
قُتل 35 مدنياً بينهم 19 طفلاً، في غارات جوية للتحالف على الجوف في يوم واحد في فبراير, في واحدة من أكثر الهجمات عنفاً في الحرب حتى الآن، حيث توفي 116 جندياً موالين للرئيس المنفي هادي في هجوم صاروخي على مسجد في مخيم مأرب العسكري والذي ألقى باللوم فيه على الحوثيين.
إن أولئك الذين يقاتلون ويعانون في أعمال العنف الأخيرة هم من اليمنيين ويتم تشكيل تحالفات جديدة حالياً بين القبائل المحلية والحوثيين عملت على تغيير ميزان القوى على الأرض بشكل كبير لصالح أنصار الله.
ومع ذلك، فإن تعرقل وقف إطلاق النار المستمر منذ ثلاث سنوات في المنطقة وما نجم عنه من انتكاسات جديدة في عملية السلام يعكس المصالح المتباينة للعناصر السعودية والإماراتية.
بعد سقوط الحزم في يد الحوثيين، غرد محمد جميح, الممثل الدائم لليمن في اليونسكو، بأن الخسارة كانت نتيجة “خيانة” “عكست المصالح والمعارك من جانب واحد للقادة السياسيين والعسكريين من خارج البلد”.
تتنافس الإمارات والسعودية بالفعل على من تكون لها اليد العليا في جنوب اليمن, حيث تدعم الإمارات العربية المتحدة حركة انفصالية تقول إنها تريد اعادة الاستقلال لجنوب اليمن, في حين انخرط السعوديون في الصراع مع الحوثيين في محادثات القنوات الخلفية التي يسرت لها عمان على مدى الأشهر القليلة الماضية، وهو اعتراف واضح بحقيقة أنه بعد خمس سنوات من الحرب، لم يكن بالإمكان اخراج الحوثيين.
وبدلاً من ذلك, يعتقد أن الإماراتيين الذين يدعمون رئيس الأركان اليمني الجديد الفريق “صغير بن عزيز” دفعوا للهجوم جزئياً للحد من طموحات الوكلاء المدعومين من السعودية مثل حزب الإصلاح الكتلة المرتبطة بالإخوان المسلمين في الحكومة اليمنية والقوية في مأرب.
وقال عبد الغني الإرياني المحلل في مركز صنعاء: “ليس سراً في هذه المرحلة أن السعودية في اليمن تهتم فقط بتأمين حدودها وإبعاد أنصار الله (الحوثيين) عن إيران”.
ما يتم التقليل من قيمته هو مدى التصاعد لمستوى العداء بين الرياض وأبوظبي, لاسيما عندما يتعلق الأمر بدعم الإصلاح, لكن العلاقة الشخصية بين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وحاكم أبو ظبي محمد بن زايد هو ما يحافظ على استمرار العلاقة ولو تُركت للقنوات القانونية فسوف ينهار التحالف.
اختتمت التميمي حديثها, مع إلغاء الدراسة في الجامعة بموجب التهديد المحدق الذي يشكله الفيروس التاجي كورونا، فإن لديها الان الكثير من الوقت للتفكير في الاشتباكات الأخيرة وما تعنيه لمستقبل اليمن, إذا قام كلاً من الحوثيون والسعوديون بالتحدث, فربما تعتقد أننا يمكن أن نعود إلى محادثات السلام, وبدلاً من ذلك، نشهد المزيد من القتال وبقية العالم يتجادلون حول الحرب وما يريده اليمنيون العاديون لا يبدو أنه يشكل اهمية.
* المقال تم ترجمته حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.