بقلم: إيف بورديلون

(صحيفة” ليزيكو-les echos ” الفرنسية, ترجمة:أسماء بجاش-سبأ)

أثارت الرياض حرب أسعار جديدة ستكلفها غالياً، إلى جانب الآثار المترتبة عن انتشار جائحة وباء الفيروس التاجي, بيد أنها يمكن أن تصمد في حالة واحدة, في حال لجأت إلى الاقتراض, فهذا الوضع الأكثر تقلباً جعل من ولي العهد يشدد على أهمية القضاء على منافسيه.

تعد المملكة العربية السعودية واحدة من بين دول العالم الأكثر اعتماداً على صادرات النفط, وهكذا تتأثر بشدة جراء الانخفاض الحاد في الأسعار التي شهدتها  الأيام الأخيرة, حيث عملت على اتخاذ قرار بزيادة صادراتها من النفط بشكل حاد من أجل الدفاع عن حصتها في السوق ضد النفط الصخري الأمريكي.

استراتيجية محفوفة بالمخاطر

يرى ألكسندر كاتب*، الخبير الاقتصادي, أن الإستراتيجية المحفوفة بالمخاطر يصعب الحفاظ عليها على المدى المتوسط, وذلك لسبب وجيه, حيث يمثل الذهب الأسود ثلاثة أرباع عائدات ميزانية البلد وكل عملات البلد تقريباً, فقد خاضت الرياض بالفعل رهان مشابه في العام 2014، مع تحقيق نجاح ضئيل, بعد أن أثبت الزيت الصخري الأمريكي مرونته.

ومن الوارد جداً أن يؤدي العمل المشترك لخفض الطلب العالمي ورفع معدل الصادرات السعودية إلى تفاقم العجز في الميزانية العامة للمملكة التي من المتوقع أن تبلغ 6% من الناتج المحلي الأجمالي لهذا العام حتى الشروع في الأزمة, ويقدر “الجمود المالي” وهو السعر الذي يضع الميزانية السعودية في مرحلة الخطر بنحو 83.6 دولار للبرميل هذا العام, ومع ذلك، فإن سعر الذهب الأسود بلغ قرابة 30 دولار للبرميل.

يمكن الرياض أن تعاني من عجز تجاري في العام الحالي، وهو وضع غير عادي للغاية.

وحسب الخبير ألكسندر كاتب، فإن الرياض تخسر أسبوعياً 1.75 مليار دولار من عائدات النقد الأجنبي مقارنة بالوضع الذي كانت عليه قبل اندلاع الأزمة.

اللجوء إلى القروض

كل هذا يجب أن يلقي بثقله على كاهل النمو السعودي الذي كان متوسطاً بالفعل لمدة ثلاث سنوات.

تقدم أجندة التنويع الاقتصادي الطموحة التي تم إطلاقها من قبل ولي العهد الأمير محمد بن سلمان تحت مسمى “رؤية 2030” نتائج مخيبة للآمال, حيث يتم إغلاق باب التحفيز النقدي، نظراً لكون الريال السعودي مرتبط به مقابل الدولار, وبالتالي, لم يبق أمامهم سوى سلاح التحفيز المالي الذي من المرجح أن تعمل الرياض عليه.

وفي وضع مماثل، ففي الفترة ما بين  2016-2017، فرض الأمير محمد بن سلمان إجراءات تقشفية, وسرعان ما تم وضعه في الخزانة قبل مواجهة احتجاجات السكان السعوديين الذين اعتادوا على سخاء الدولة.

وبرغم من كل ذلك, فإن المملكة السعودية التي تملك احتياطيات كبيرة وصندوق ثروة سيادية، لديها علامة جيدة في الأسواق المالية الدولية.

ومع الإنتاج الحالي والمقدر بي 9.7 مليون برميل يوميا في العالم، في ثالث أكبر منتج على مستوى العالم, والتي يمكن أن ترتفع إلى 12.5 مليون برميل في اليوم الواحد، ينبغي أن تكون المملكة العربية السعودية قادرة على مواجهة العاصفة مع الاتجاه نحو الاقتراض، ولكن قد تضطر أيضاً إلى العودة كما يرى المحللون إلى طاولة المفاوضات مع الروس في غضون 3 إلى 6 أشهر.

ومع ذلك، فإن الوضع في الرياض لا يزال معقد بسبب الهجوم المستمر على ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لخلافة والده المريض البالغ من العمر 84 عاماً في أقرب وقت ممكن, ولتحقيق ذلك, عمل على الزج بثلاثة من أبرز أفراد العائلة المالكة في السجن، بمن فيهم شقيق الملك، بتهمة “الخيانة والتآمر”.

استراتيجية عالية المخاطر تثير غضب جماً داخل أروقة الأسرة الحاكمة، حتى لو كان الخوف سائدا في الوقت الراهن, كما يمكن إضافة خطر ثالث: ماذا سيحدث إذا اشتعل وباء جائحة الفيروس التاجي في المملكة، كما يفعل بطريقة فاتكة وقاتلة مع العدو والجار الإيراني؟

* ألكسندر كاتب: خبير اقتصادي وكاتب مقالات ومستشار دولي, متخصص في الاقتصاد المصرفي والمالي وتحليل الاقتصادات الناشئة وإستراتيجية الاستثمار, ويقدم بصفته هذه المشورة للمؤسسات المالية والمصارف المركزية والتجارية وصناديق الاستثمار وبورصات الأوراق المالية وغرف المقاصة, بشأن مواضيع تتراوح بين الاستبصار الاستراتيجي وتحليل المخاطر, ومن بينها مجموعة BNP Paribas وغرفة المقاصةLCH Clearnet.

* المقال تم ترجمته حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.