حقيقة أن الأمير محمد بن سلمان  رفع الحظر المفروض على قيادة المراة للسيارة وحبس في الوقت نفسه أولئك الذين قاموا بحملات وعانوا من أجل مثل هذه الإصلاحات يوضح دافعه الفعلي: إسكات المعارضة ومنع أصوات هؤلاء النساء من السماع.

 

تعتبر قضية لجين الهذلول وناشطات حقوق المرأة الأخريات في المملكة العربية السعودية هي إحراج كبير لولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي بذل جهوداً هائلة لإقناع حلفائه الغربيين بأنه قام بإصلاحات كبيرة وأن المملكة أصبحت أكثر ليبرالية

 

بقلم: ميديا بنجامين وآرييل جولد

 

(موقع “منتبرس نيوز” الانجليزي, ترجمة: نجاة  نور- سبأ)

 

خلال هذا الاسبوع، كان ولي العهد محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للمملكة العربية السعودية البالغ من العمر 34 عاماً, فاقداً للسيطرة على نفسه، فقد ألقى القبض على أفراد من العائلة المالكة وبدأت حرب أسعار النفط مع روسيا التي تسببت في انخفاض أسعار النفط وأسواق الأسهم العالمية, كما  تصدر اسمه ايضاً العناوين الرئيسية، حيث ستشهد المملكة حدث هام آخر في 18 مارس, إذ ستمثل الناشطة الحقوقية “لجين الهذلول” التي اعتقلت منذ عامين تقريباً بسبب دفاعها عن حق قيادة المرأة للسيارة أمام المحكمة.

 

يريد الشيطان محمد بن سلمان أن يقنع العالم أنه المصلح الليبرالي في العالم العربي، وقد نال الفضل في منح النساء حق القيادة بعد صراع طويل، ولكنه أيضاً من ألقى بالهذلول وتسع نساء أخريات في السجن، متهماً إياهن بأنهن يعملن وكلاء وجواسيس لجهات اجنبية.

 

إن سجن هؤلاء الناشطات المسالمات يكشف الطبيعة الوحشية لنظام محمد بن سلمان و ازدواجية الديمقراطيات الغربية التي تستمر في دعمه.

 

تشوهت سمعة “لجين الهذلول”  في عام 2013 بسبب حملتها ضد حظر القيادة للنساء عندما نشرت مقاطع فيديو وهي تقود السيارة التي اعتبارها على أنها شكل من اشكال العصيان المدني, حيث تم القبض عليها لأول مرة في ديسمبر 2014 عندما حاولت القيادة من الإمارات إلى السعودية وقضت 73 يوماً في السجن في ذلك الوقت.

 

كانت الهذلول أيضاً من الناشطات المطالبات بوضع حد لنظام ولاية الذكور الذي لا يعامل المرأة سوى كالأطفال طوال حياتها.

 

وفي 15 مايو 2018, داهمت مجموعة مسلحة من جهاز أمن الدولة منزل عائلة لجين وألقت القبض عليها, وخلال الأشهر الثلاثة الأولى من سجنها، تم احتُجزها بمعزل عن العالم الخارجي, حيث منعت من الاتصال بأسرتها أو بمحاميها.

 

ووفقاً للمقالة التي نشرتها شقيقتها بعد أن تمكنت عائلتها من زيارتها، أشارت إلى انها تعرضت خلال تلك الأشهر الثلاثة للضرب والتعذيب بالماء والصعق بالصدمات الكهربائية والتحرش الجنسي والتهديد بالاغتصاب والقتل.

 

لجين التي تم سجنها في سجون سعودية لمدة عام تقريباً قبل أن يعلن مكتب المدعي العام أخيراً أنه اختتم تحقيقاته معها, زعم أنها متورطة في أنشطة “تهدف إلى تقويض أمن المملكة واستقرارها ووحدتها الوطنية”, كما اتُهمت بالتواصل مع “جماعات معادية” في إشارة إلى التعاون مع الأمم المتحدة وجماعات حقوق الإنسان مثل منظمة العفو الدولية.

 

كانت جلسة لجين الأولى في مارس 2019, لكن لم يُسمح لها بتوكيل محام أو سماع التهم قبل الجلسة, سمح لأفراد أسرتها بالحضور، بيد أن المحكمة منعت حضور الدبلوماسيين والصحفيين.

 

ووفقا لتصريحات أسرتها، في أغسطس 2019، عُرضت على الهذلول الحرية مقابل أن تظهر في فيديو تنكر فيه تعرضها للتعذيب, حيث فرفضت العرض بسبب شجاعتها المذهلة وتصميمها على النضال من أجل حقوق المرأة, واليوم تم ترشيحها لنيل جائزة نوبل للسلام من قبل ثمانية من أعضاء الكونغرس الأمريكي.

 

إن قضية الهذلول ونشطاء حقوق المرأة الآخرين الذين تتم محاكمتهم في السعودية تشكل إحراجاً كبيراً لـمحمد بن سلمان، الذي بذل جهوداً هائلة لإقناع حلفائه الغربيين بأنه مصلح وأن المملكة أصبحت أكثر ليبرالية, ولكن خلف ستار السماح بإقامة الحفلات الموسيقية الجديدة والمتنزهات, أشرف ولي العهد على حملة قمع واسعة النطاق لجميع أشكال المعارضة والخصوم.

 

ففي نوفمبر 2018, توصلت وكالة المخابرات المركزية ” سي آي أي ” إلى أن محمد بن سلمان هو من أمر باغتيال الصحافي جمال خاشقجي الذي كان يعمل لدى صحيفة واشنطن بوست, كما يعتبر المسؤول أيضاً عن جر السعودية إلى صراع داخلي في اليمن، حيث قضى القصف السعودي المستمر على ما كان يعتبر بلداً فقيراً في الاصل.

 

في حقيقة الامر, يوضح رفع  محمد بن سلمان حظر القيادة للنساء, كما قام في الوقت نفسه بسجن أولئك الذين قاموا بحملات وعانوا من أجل مثل هذه الإصلاحات, دافعه الفعلي والمتمثل في إسكات المعارضة ومنع أصوات هؤلاء النساء من أن تسمع.

 

وتقول لينا الهذلول، شقيقة لجين أن النظام ألقى القبض على الناشطات في مجال حقوق المرأة “حتى يُفهموا [السعوديين] أن التغيير يأتي من الأعلى إلى الأسفل ولا ينبغي للناس حتى محاولة إجراء التغييرات.

 

رددت هذه الكلمات سوزان نوسيل، الرئيسة التنفيذية في منظمة “بي اي ان امريكن”, حيث قالت :”لقد تحدت هؤلاء النساء الشجعان واحدة من أشهر حكومات العالم التي تبغض النساء، وألهمت العالم بمطالبتها بالقيادة وتنظيم حياتهن وتحرير جميع النساء السعوديات من كل أشكال العبودية في العصور الوسطى التي لم يعد لها مكان في القرن الحادي والعشرين.

 

بينما ًرحت لين معلوف، مديرة أبحاث الشرق الأوسط بمنظمة العفو الدولية: “إن اقامة هذه المحاكمة الزائفة في حد ذاته يزيل النقاب عن ما تدعيه السلطات من أجل الإصلاحات في المملكة, كيف يمكنهم الشروع في التغيير في البلد في الوقت الذي لا تزال فيه النساء اللواتي حاربن من أجل هذه الإصلاحات يعاقبن على ذلك؟”.

 

إن المحاكمة الزائفة للجين الهذلول التي تجري هذا الأسبوع من شأنها أن تجبر الحكومات في جميع أنحاء العالم على ممارسة المزيد من الضغط على السعوديين والمطالبة بالإفراج الفوري وغير المشروط عنها.

 

إن سجنها بالإضافة إلى اعتقال محمد بن سلمان لأفراد العائلة المالكة والحرب الوحشية السعودية في اليمن, يجب أن يكون محرجاً بشكل خاص للمجتمع الدولي في ضوء اجتماع مجموعة العشرين المقرر عقده في المملكة العربية السعودية في نوفمبر  القادم.

 

فكيف يمكن لقادة العالم التظاهر بأنه من المقبول الاجتماع في بلد يسجن ويعذب الناشطات المسالمات ويقصف المدنيين في اليمن؟ اليس كذلك!

 

 

* المقال تم ترجمته حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.