تركيا تطلب من الناتو الانضمام إلى حربها ضد سوريا وروسيا
بقلم: اريك زويس
(صحيفة” مودرن ديبلوماسي- modern diplomacy” الإنجليزية, ترجمة: انيسة معيض- سبأ)
دعا المتحدث باسم الحزب الإسلامي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في وقت سابق جميع أعضاء حلف الناتو إلى خوض الحرب ضد سوريا بسبب الغارة التي شنتها سوريا وأسفرت عن مقتل العشرات من القوات التركية وذلك لإلحاق الهزيمة بتركيا لغزوها واحتلالها لمدينة إدلب السورية، التي تقع على الحدود معها.
إن خوض الحرب ضد سوريا يعني خوض الحرب ضد روسيا الموجودة على الأراضي السورية لحماية سيادتها, وإذا قبلت الولايات المتحدة هذا الاقتراح التركي، فسيتمخض عن ذلك حرب عالمية ثالثة.
تطالب تركيا بحماية الناتو بعد مقتل 33 من جنودها في غارة جوية سورية على ما يبدو في إدلب أثناء قتالهم المزعوم في صفوف الإرهابيين, وفي خضم هذه الفوضى الإقليمية التي تمخضت، هناك لاعب واحد فقط بمقدوره أن يربح.
لقد راينا التكهنات حول ما سيحدث بعد ذلك في المادة الـ 5 من معاهدة الناتو على تويتر في الساعات التي تلت الهجمات، بعد أن أشار عمر جليك، المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا للصحفيين في أنقرة إلى أنه سيقوم بطلب حماية رسمية من الناتو ضد دمشق ووكيلها المتمثل في القوات الجوية الروسية, حيث صرح جليك للصحافة التركية قائلاً: يجب البدء بعقد المؤتمرات, أن هذا ليس [هجوماً] على تركيا فقط، بل هو هجوم على المجتمع الدولي, هناك حاجة لرد فعل مشترك, فالهجوم يعد أيضا هجوماً ضد حلف شمال الأطلسي, حيث تنص المادة الـ 5 من معاهدة الناتو على أن شن الهجوم على عضو واحد يعد هجوماً على جميع الأعضاء.
من جهتها أدانت وزارة الخارجية الأمريكية الهجوم، قائلة إنها تقف إلى جانب حليفتها في حلف شمال الأطلسي تركيا, كما ذكرت أنها تواصل “الدعوة إلى إنهاء فوري لهذا الهجوم البغيض من قبل نظام الأسد والقوات المدعومة من إيران وروسيا, وقد قام السفير الأمريكي لدى حلف شمال الأطلسي “كاي بيلي هتشينسون” بإخبار الصحفيين أيضاً أن “كل شيء مطروح على الطاولة”.
تعد هذه فرصة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب للانضمام إلى معارضيه وإلى حملة الكراهية ضد روسيا من قبل الحزب الديمقراطي، وكذا من حزبه، ومن خلال التلويح بحرب عالمية ثالثة إن أراد ذلك, فعلى سبيل المثال، كان الكونغرس الموحد، من كلا الحزبين، هو الذي أجبره في 17 يوليو 2018, على القول إن روسيا قد ساعدت في أن يصبح رئيساً للولايات المتحدة.
وداخلياً، في تركيا التي يحكمها الحزب الإسلامي التركي، كانت وكالة أنباء الأناضول الرسمية قد عنونت تقرير إخباري باللغة الإنجليزية، قالت فيه: “لقد تجاوزت الأزمة في إدلب جميع الحدود.
كما قال المتحدث الرئاسي بعد أن قام النظام السوري بشن الهجوم على القوات التركية والذي أسفر عنه مقتل 33 من الجنود الاتراك” ودعا المتحدث باسم الرئاسة التركية المجتمع الدولي إلى اتخاذ تدابير لتهدئة التوترات في سوريا بعد استشهاد العشرات من الجنود الأتراك في هجوم ليلي شنته قوات النظام السوري.
فيما لم يرد ذكر أولئك “الشهداء” الذين قضوا نحبهم في الأراضي السورية على يد القوات التركية العسكرية التي قامت بالغزو والاحتلال العسكري، كما أن “النظام” الذي أشاروا إليه هو الحكومة السورية الملتزمة بالإيديولوجية العلمانية وغير الطائفية وهي الحكومة الوحيدة في سوريا المعترف بها دولياً (ولكن تركيا الإسلامية تحاول الآن الاستيلاء على محافظة إدلب السورية وضمها ضمن الأراضي التركية).
أشار “فيرات كوزوك” مراسل موقع بلومبرغ الأمريكي إلى أنه بحلول الساعة 7 مساءً بتوقيت تركيا يوم الجمعة 28 من فبراير, ليس لدى تركيا خيار سوى تخفيف الوضع على اللاجئين.
وصرح فراتيتين ألتون، مدير الاتصالات للرئيس رجب طيب أردوغان، للصحفيين في أنقرة, بأن تركيا تتعرض للضغوط جراء التطورات في إدلب السورية وليس لديها خيار سوى “التخفيف” من سياستها المتمثلة في منع اللاجئين من السفر إلى أوروبا, وإذا سقطت إدلب، فسوف يحاول ملايين اللاجئين السوريين الفرار إلى تركيا وأوروبا, و تركيا لم تعد لديها القدرة على توفير الموارد لهؤلاء الناس ومساعدتهم.
هذا يشكل ضغطاً على الدول الأوروبية الأعضاء في حلف الناتو, ولم يعد أمامهم سوى الانضمام إلى حرب تركيا الدائرة الآن ضد كلاً من سوريا وروسيا أو مواجهة إطلاق تركيا لسراح عشرات الآلاف من “المتمردين” وخاصةً الجهاديين الاساسيين الذين تقوم القوات التركية في محافظة إدلب السورية بحمايتهم من نيران الجيش السوري ومن القوات الجوية الروسية.
“تركيا تطالب بضم محافظة إدلب السورية لكونها إقليم تركي”:
في 26 فبراير، قال الرئيس التركي أردوغان أمام حزبه السياسي الإسلامي أن إدلب هي أكثر محافظة في سوريا يتواجد فيها الجهاديين, كما أنها المحافظة التي كانت سوريا ترسل اليها الجهاديين الذين هزموا أثناء قتالهم في أماكن أخرى من قبل الجيش السوري والآن هم بشكل دائم تحت الحماية التركية وينتمون إليها وإلى الأراضي.
جاء في عناوين أخبار قناة روسيا اليوم, بتاريخ 26 من فبراير, أن الرئيس اردوغان صرح أثناء اجتماع لحزبه حزب العدالة والتنمية ان تركيا هي المضيفة هناك وأنها لن تنسحب من الإقليم الذي يقع تحت السيادة السورية, فأنقرة تمنح الأسد إنذاراً بالانسحاب”, كما يستبعد الانسحاب من إدلب، حيث تقوم قواته بدعم المحاربين الذين يقاتلون الجيش السوري هناك, وأعطى دمشق مهلة للانسحاب خارج مراكز المراقبة التركية التي تم وضعها على الأراضي السورية.
وفي اليوم التالي، كتبت صحيفة يني شفق التركية الناطقة باللغة الإنجليزية أن الوضع في إدلب في سوريا يصب في مصلحة تركيا, حيث قال الرئيس التركي إن بلاده قد قلبت أيضاً الوضع في ليبيا والذي كان في السابق لصالح أمير الحرب الليبي حفتر, فهو يرى إشارات على أن تركيا تقدم حقائق دولية جديدة في كلاً من سوريا وليبيا.
في وقت لاحق من نفس اليوم، جاء في عناوين الأخبار على قناة روسيا اليوم: “مقتل 33 جندياً تركياً في غارة جوية في إدلب بينما كان أردوغان يرأس اجتماعاً طارئاً بشأن سوريا, وذكر أن المسئولين الأتراك نسبوا الضربة إلى الجيش السوري.
ومع ذلك، فإن أي رد انتقامي من قبل تركيا ضد القوات السورية سوف لن يقابل فقط بالدفاع الروسي عن القوات السورية, بل سيكون رداً سورياً واضحاً على العدوان التركي، وبالتالي فإن أي تدخل أمريكي يدعم تركيا في هذا الشأن سيكون مشاركة أمريكية في انتزاع تركيا غير القانوني وبشكل صارخ لمحافظة إدلب, حتى حلفاء أمريكا في أوروبا وفي أماكن أخرى قد يتركون الولايات المتحدة ويتركون تركيا.
إن الموقف الحازم وبشكل استثنائي المتمثل في الاستيلاء على إدلب من قبل أردوغان ناتج عن تسلسل الأحداث التي سيتم وصفها هنا:
لقد أوضح الرئيس ترامب وحلفاء أمريكا وبشكل لا لبس فيه في أواخر أغسطس وأوائل سبتمبر 2018 أنه إذا كانت سوريا وروسيا ستحاولان استعادة سيطرة على محافظة إدلب السورية، فإن الولايات المتحدة وحلفاءها سيقومون بتصعيد الحرب ضد الحكومة السورية.
وعلى سبيل المثال، غرد الرئيس ترامب في 3 سبتمبر 2018: “لا ينبغي على الرئيس السوري بشار الأسد أن يهاجم بتهور محافظة إدلب, سوف يرتكب الروس والإيرانيون خطأ إنسانياً جسيماً للمشاركة في هذه المأساة الإنسانية المحتملة, فمئات الآلاف من الناس يمكن أن يقتلوا”.
تأتي تغريدة ترامب في الوقت الذي قال فيه وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في بداية زيارته لدمشق إنه يجب “تطهير محافظة إدلب من الإرهابيين” ويجب إعادة إدلب بالكامل إلى أحضان السيادة السورية, كما يجب حماية السلامة الإقليمية لسوريا ويجب على جميع القبائل والجماعات العمل كمجتمع واحد، وأن تبدأ عملية إعادة الإعمار ويجب أن يعود اللاجئين إلى ديارهم”.
كما التقى ظريف بالرئيس الأسد ووزير الخارجية السري وليد المعلم و ناقشوا في الغالب القمة المتوقع انعقادها في 7 سبتمبر 2018، والتي ستعقد في طهران, ومن المفترض أن يجتمع القادة الروس والاتراك والسوريين والإيرانيين ويناقشوا الوضع في إدلب.
وجاء في بيان عن مكتب الأسد إن إيران وسوريا لديهما آراء متشابهة حول القضايا المختلفة التي سيتم مناقشتها.
وفي 10سبتمبر 2018, جاء “ما لم تسلم سوريا إدلب المحافظة الأكثر تأييداً للجهاديين بسهوله إلى تركيا المجاورة لها والتي تدعي أن لديها 30 ألف جندي هناك وتعتزم إضافة 20 ألف آخرين ستكون هناك حرب بين تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي التي ستقوم بغزو المنطقة وستقابلها روسيا والتي – بناءً على طلب سوريا – كانت تساعدها في إلحاق الهزيمة بجميع المجاهدين في سوريا.
قام الجيش السوري بتحرير واستعادة معظم الأراضي السورية تدريجياً من الجهاديين، لكنه كان يستخدم محافظة إدلب كمنطقة تجميع لأولئك الجهاديين الذين كانوا يحتجزون المدنيين السوريين كدروع بشرية.
تم القيام بذلك التجميع للجهاديين لخفض أعداد المدنيين الذين قد يقتلون عندما يقوم الجيش السوري باستعادة المنطقة تحت غطاء جوي روسي, وذا من شأنه أن يسمح للمدنيين هناك بالهروب إلى الأراضي التي تسيطر عليها الحكومة السورية ومن ثم تتحرك القوات المسلحة السورية والروسية وتقوم بالقضاء على الجهاديين الذين بقوا هناك وبذلك تستعيد سوريا تلك المنطقة من أيدي الجهاديين المدعومين من الولايات المتحدة.
وفيما سبق أعلن الرئيس الروسي والرئيس التركي بشكل مشترك في 17 سبتمبر في طهران: “لقد اتفقنا على إنشاء منطقة منزوعة السلاح بين القوات الحكومية والمسلحين قبل 15 أكتوبر, وستكون المنطقة بعرض 15-20 كم, مقارنة بـ عرض 4 كم المنطقة الكورية المنزوعة السلاح.
على الرغم من أن التفاهم الذي توصل إليه أردوغان مع الرئيس الإيراني روحاني ومع الرئيس بوتين, كان مجرد إجراء مؤقت من أجل جعل الولايات المتحدة وحلفاءها يتوقفون عن التهديد بالحرب العالمية الثالثة إذا سمحت سوريا وروسيا بقتل وإزهاق أرواح “ألمتمردين” في إدلب (وهؤلاء هم المقاتلون الرئيسيون السابقون التابعون لأمريكا من اجل إلحاق الهزيمة بالحكومة السورية واستبدالها)، وسرعان ما قدم أردوغان مؤشرات واضحة على أنه يريد بالفعل الاستيلاء على الأراضي السورية والحصول على أكبر قدر ممكن منها, وهذا هو هدفه في سوريا ويشمل توسيع تركيا إلى سوريا.
تبين أن وظيفته المؤقتة لتأمين المجاهدين، كما اتفق عليها مع روسيا وعزل الجهاديين المهزومين وعدم السماح لهم بالفرار وقد أصبحوا محاصرين هناك، كانت أكثر من ذلك بكثير: لقد تبين أنها حماية أردوغان لهؤلاء الجهاديين.
في 25 من نفس الشهر 2018, كنت قد كتبت “تركيا تسيطر الآن على الجهاديين السوريين” وقمت بتقديم الخلفية التاريخية لذلك.
وبعد ذلك، وفي 14 يوليو 2019, كتبت “تركيا ستحصل على جزء كبير من سوريا لكونها عضو في حلف الناتو” وشرحت أنه بسبب دعم الناتو لتركيا للاستيلاء على الأراضي السورية، فإن تركيا ملتزمة بالفعل ببناء الفروع التركية في سوريا لجامعة غازي عنتاب التركية وجامعة حران التركية وكذلك لبناء البنية التحتية الداعمة لتلك المرافق والاستحواذ على أجزاء من شمال سوريا وضمها إلى تركيا.
وهكذا, لقد كانت هذه عملية تدريجية, والآن فإن أردوغان المدعوم من الرئيس ترامب وحلف الناتو سينقذ أرواح عشرات الآلاف من الجهاديين بالإضافة إلى عائلاتهم, وبالتالي, سيجنبون ما حذرت منه الولايات المتحدة وحلفاؤها من الوقوع في شرك أزمة إنسانية تتمثل في ذبح جماعي لهؤلاء الجهاديين المهزومين الذي ما زالت الولايات المتحدة وحلفاؤها يسمونهم “المتمردين السوريين” رغم أن معظمهم ليسوا حتى سوريين.
كما أشارت في مقالة الصادر في 14 يوليو 2019, إلى أنه في ذلك الوقت وقبل مؤتمر طهران مباشرة, كانت الولايات المتحدة وحلفاؤها والأمم المتحدة يطالبون بان لا يقع الغزو الشامل لإدلب الذي خطط له من قبل حكومتي سوريا وروسيا من اجل أسباب إنسانية.
كان هناك كل هذا الاهتمام “الإنساني” بقيادة واشنطن من أجل التركيز العالمي بشكل أقوى على جبهة النصرة والجهاديين بقيادة جبهة النصرة والسكان المدنيين الأكثر دعماً للجهاديين في سوريا.
من ناحية, تظهر واشنطن الكثير من “اللطف كالشعور بالإنسانية” الرائعة, ومن ناحية أخرى، كانت تهدد بزيادة قواتها بشكل كبير ضد سوريا إذا وقع هذا الغزو من قبل سوريا وروسيا في إدلب.
لقد انعقد مؤتمر طهران من أجل التوصل إلى حل لهذا الوضع الطارئ وبشكل رئيسي تهديدات أمريكا بحرب محتملة ضد روسيا لمنع هذا الهجوم.
كان دعم ترامب للعدوان التركي يماثل بشكل كبير دعم الولايات المتحدة في عهد سلفه باراك أوباما للجهاديين من أجل الإطاحة بحكومة سوريا غير الطائفية وتثبيت حكومة تكون مقبولة لدى عائلة آل سعود الأصولية السنية التي تحكم المملكة العربية السعودية.
والآن، يهدد أردوغان روسيا مرة أخرى باندلاع الحرب العالمية الثالثة إذا استمرت روسيا في الدفاع عن سيادة سوريا على إدلب.
في 26 من فبراير, كتبت صحيفة يني شفق التركية: “لن تقبل تركيا مطلقاً الحل الوسط بشأن اتفاقية سوتشي الخاصة بسوريا وبالتالي، يهدد أردوغان بكل صراحة قيام حرب عالمية ثالثة إذا قاومت روسيا وسوريا استيلاء تركيا على إدلب و قيامها بحماية الآلاف من الجهاديين.
وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة قادت هذا النصر الواضح من أجل الجهاديين والعدوان الدولي, حيث أن أردوغان تركيا كان رأس الحربة.
لم توافق روسيا وإيران على هذا, وبالتأكيد، لم يوافق زعيم سوريا بشار الأسد على أي شيء يتمخض عنه هذه النتيجة.
لقد التزمت تركيا في اتفاقها المبرم في 10 سبتمبر 2018 مع روسيا وإيران، بفصل الجهاديين وقتلهم؛ لكن بدلاً من ذلك، كانت تركيا تقوم بحمايتهم وسوف تستوعبهم الآن وتعمل على آخذ محافظة إدلب المجاورة.
و في 22 أكتوبر 2019, قام اردوغان بقطع وعد لبوتين تضمنته اتفاقية سوتشي بأن “يكرر الجانبان التزامهما بالحفاظ على الوحدة السياسية والسلامة الإقليمية لسوريا”، كما “يؤكدان عزمهما على مكافحة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره وتعطيل المخططات الانفصالية في الأراضي السورية”.
افتتحت صحيفة مقالتها في 26 فبراير بكلمة رئيس الدولة: “لن تقبل تركيا مطلقاً بحل وسط فيما يخص اتفاق سوتشي بشأن محافظة إدلب.
اعترف بريت ماكغورك، المحافظ الجديد البارز في إدارة جورج دبليو بوش وباراك أوباما ودونالد ترامب، في 27 يوليو 2017, بأن محافظة إدلب تعد أكبر ملاذ آمن للقاعدة منذ 11 سبتمبر, وهي مرتبطة مباشرة بأيمن الظواهري، لذلك يتم إرسال عشرات الآلاف من أطنان الأسلحة والتطلع إلى أن يأتي المقاتلون الأجانب إلى سوريا، ربما لم تكن أفضل طريقة، لكن النظام الأمريكي يواصل هذا الطريقة ويدعم انتزاع تركيا لإدلب وحماية هؤلاء الجهاديين.
وفي السابق, كان ماكغورك المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى تنظيم الدولة الاسلامية في العراق وتحالف بلاد الشام, ومن خلاله قام اوباما بدعم الجهاديين بقيادة جبهة النصرة “فرع تنظيم القاعدة في سوريا” كما دعم الأكراد الانفصاليين في سوريا للإطاحة بالحكومة السورية.
ومع ذلك، عندما ترشح ترامب للرئاسة في عام 2016, أطلق وعوداً بعدم المضي فيما يتعلق بهاجس أوباما للإطاحة بالرئيس بشار الأسد ووعوداً مماثلة تناقض الالتزامات الأساسية للمؤسسة الأمريكية.
في حين أن الأكراد الانفصاليين كانوا هم الجيش الأمريكي الرئيسي الذين يقاتل في شمال شرق سوريا, فقد قادت جبهة جبهة النصرة جيوش الولايات المتحدة الأمريكية بالوكالة في كل مكان في سوريا.
وفي موعد لا يتجاوز ديسمبر 2012, عقد أوباما العزم على جبهة النصرة لقيادة حملة الإطاحة بالأسد في داخل سوريا و يرجع ذلك إلى أسباب لها جذور تاريخية عميقة للغاية.
لقد اتهمت روسيا الولايات المتحدة بحماية جبهة النصرة، وهو الاتهام الذي كرره في موسكو وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف.
كتبت صحيفة ديلي صباح التركية في عددها الصادر يوم 28 من فبراير تحت عنوان “بعد أجرائهما مكالمة هاتفة, قد يجتمع أردوغان وبوتين الأسبوع المقبل، كما يقول الكرملين لمحاولة نزع فتيل التوترات التي تزايدت, بشكل ملحوظ في شمال غرب سوريا بعد مقتل 33 جندياً تركياً في غارة جوية شنها النظام السوري.
يحاول أردوغان إما أن إيجاد طريقة لحفظ ماء الوجه من مخاطرته الضخمة أو يحاول بوتين منع الحرب العالمية الثالثة أو كليهما. وبعد ساعة واحد ، كتبت تلك الصحيفة عنواناً ” قال اردوغان لترامب, تركيا مصممة على إزالة نظام الأسد من إدلب السوري”.
لماذا يمكن لبلد ما أن يعلن بفخر في عنوان رئيسي أنه سوف يقترف عدواناً دولياً في انتهاك صارخ للقانون الدولي، ومع ذلك لا يمقته الناس في جميع البلدان بشدة بسبب قيامه بهذا العمل الشرير؟
ومن جانبها, قامت شركة TRT World التركية بالتعليق “تقصير حلف الناتو والغرب لواجبهم نحو سوريا وتركيا” واضافت: “إذا واصل الغرب وحلف شمال الأطلسي (الناتو) السير على هذا النهج الذي اختاروه، فسيسمح ذلك لفلاديمير بوتين أن يعيد تشكيل نظام الاتحاد السوفيتي العالمي بمفهومه”.
بعد محاولة تخويف قادة أوروبا من خلال التهديد بإغراقهم ربما بمئات الآلاف من الجهاديين المفرج عنهم والذين تم الإبقاء عليهم في إدلب، يحاول أردوغان مناشدة هؤلاء القادة بالالتزامات تجاه حلف شمال الأطلسي “التحالف العسكري الأمريكي المناهض لروسيا”.
كتبت صحيفة الجارديان البريطانية تحت عنوان “الناتو يعرب عن تضامنه التام مع تركيا بشأن الضربات الجوية السورية”, لكن قائد الناتو “ستولتنبرغ لم يقدم أي وعد فوري بالمساعدة لتركيا”، واستمر المقال في القول بأن المملكة المتحدة وخمسة من حلفائها سوف يرفعون الأمر إلى مجلس الأمن الدولي, حيث من المؤكد أن مطالب تركيا لن تذهب سدى.
كانت حقيقة بيان ستولتنبرغ بمثابة اهانة تامة لأوهام أردوغان لاعتقاده انه بسبب عضوية بلاده في الناتو، يمكنه دفع الولايات المتحدة لغزو روسيا.
لكن ستولتنبرغ تحدث بنبرة خطاب الكراهية المعتاد من منظمة حلف شمال الأطلسي ضد روسيا وحلفائها، قائلاً أن الحلفاء يدينون استمرار الغارات الجوية العشوائية التي يشنها النظام السوري ومسانده روسيا في محافظة إدلب.
حتى عندما يقوم أحد أعضاء الناتو بعدوان أجنبي واضح في انتهاك قانون الحظر الذي عمله ميثاق الأمم المتحدة ضد ذلك وينتهك صراحة قانون جريمة العدوان الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية، فإن الناتو سوف يتحدث بمنطق الكراهية المعتادة ضد الدول التي كانت وما تزال ضحية هذا العدوان غير المشروع بشكل صارخ من قبل دولة عضو في الناتو.
وعلى الرغم من لغة الناتو الدبلوماسية في بعض الأحيان فإنها وبعد أن وضعت روسيا حداً من جانبها للحرب الباردة في عام 1991, فأن الناتو يعد في الأساس منظمة كراهية عسكرية خطيرة، ويجب أن تشعر كل دولة من الدول الأعضاء فيها بالحرج الشديد للانتماء اليها.
المقال تم ترجمته حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.