بقلم سودارسان راغافان

(صحيفة واشنطن بوست الأميركية، ترجمة: جواهر الوادعي-سبأ)

وجهت، وفاة زعيم فرع تنظيم القاعدة في اليمن الشهر الماضي في غارة أمريكية بطائرة بدون طيار، ضربة لطموحات الجماعة، لكن المسؤولين والمحللين الغربيين يحذرون من أن التصعيد الأخير في الصراع اليمني قد يسمح لها بإعادة تجميع صفوفها إلى حد ما.

وقالت إليزابيث كيندال, عالمة بجامعة أوكسفورد بشؤون اليمن, مستخدمة الاختصار الإيديولوجي للقاعدة في شبه الجزيرة العربية فرع اليمن،”سيبقى المتشددين الأيديولوجيين للقاعدة في جزيرة العرب دائماً, لقد عاد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب بشكل أقوي من قبل، حيث أعاد تجميع جماعاته المبعثرة إلى كيان أيديولوجي مرة أخرى, هذا ليس وقت الرضا عن النفس”.

في رسالة صوتية مدتها 16 دقيقة خلال عطلة نهاية الأسبوع, أكد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب وفاة زعيمه قاسم الريمي, كما أعلنت المجموعة عن قائدها الجديد, خالد باطرفي, وهو ناشط بارز في تنظيم القاعدة، وغالبًا ما يظهر في مقاطع الفيديو التي تقدم إرشادات دينية حول الأبوة والأمومة الجيدة وغيرها من الموضوعات.

خلال العقد الماضي, انتعشت القاعدة عدة مرات، واستعادت الأراضي والمجندين من خلال الاستفادة من الفراغات الأمنية الناشئة عن الصراعات بين الفصائل المتناحرة في اليمن والآن, بعد هدوء نسبي في الحرب, اشتد القتال في أربع محافظات على الأقل بما في ذلك أو بالقرب من المناطق التي تتمتع فيها كل من تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية بوجود أو دعم من القبائل المحلية.

حرب اليمن التي دامت خمس سنوات حرضت المتمردين الشيعة في الشمال المعروفين باسم الحوثيين ضد تحالف من الدول الإسلامية السنية المدعومة من الولايات المتحدة، بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والتي تسعى لاستعادة حكومة البلد المعترف بها دوليا. ويحاول التحالف أيضاً منع إيران المتحالفة مع الحوثيين من توسيع نفوذها الإقليمي.

انخرطت السعودية والحوثيون مؤخراً في جهودهم الأكثر أهمية حتى الآن لإنهاء الحرب، بما في ذلك تبادل الأسرى والقرار سعودي بالسماح برحلات الإجلاء الطبي من العاصمة اليمنية صنعاء.

لأكثر من ثلاثة أشهر، قلصت الرياض من غاراتها الجوية, كما أوقف الحوثيون اعتداءاتهم بالصواريخ والطائرات بدون طيار على المملكة.

لكن الاشتباكات التي استؤنفت الشهر الماضي دفعت كبار مسئولي الأمم المتحدة إلى التحذير من أن جهود السلام قد تنفجر، خاصة تلك التي تتمركز في مدينة الحديدة الساحلية الاستراتيجية.

يقول المسئولون إن هذا سيؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية التي سبق وصفها بأنها الأكثر حدة في العالم.

في اليمن اليوم, وقع الكثير من القتال العنيف في محافظات صنعاء والجوف ومأرب وصعدة, وفقًا لمسئولي الأمم المتحدة.

وبحسب قادة القبائل اليمنيين ومسئولي الأمم المتحدة ومحلليها فقد نشط تنظيم القاعدة في جزيرة العرب في الجوف ومأرب ولديه موالون ومتعاطفون قبليون في جميع المحافظات الأربع, قتل الريمي في منطقة وادي عبيده بمحافظة مأرب.

في محافظة البيضاء, التي تقع على حدود مأرب، تتنافس كل من القاعدة في جزيرة العرب والدولة الإسلامية في مسابقة قاتلة على الأرض والمجندين والتأثير.

تحدث الاشتباكات والكمائن بشكل متكرر, بينما تشن المجموعات حربًا دعائية على منتديات التواصل الاجتماعي وغرف الدردشة على الإنترنت.

لسنوات، اعتبر المسئولون الأمريكيون القاعدة في شبه الجزيرة العربية أخطر فروع القاعدة.

لقد كانت وراء بعض من أكثر الاعتداءات جرأة ضد الغرب, فقد حاولت دون جدوى تفجير طائرة متجهة إلى الولايات المتحدة فوق ديترويت يوم عيد الميلاد 2009, وأعلنت مسؤوليتها عن إطلاق النار المميت عام 2015 على صحيفة تشارلي إيبدو الساخرة في باريس.

استولى تنظيم القاعدة على مساحات شاسعة من جنوب اليمن في أعقاب ثورات الربيع العربي عام 2011 التي أطاحت بالمستبد على عبد الله صالح, واستفاد من الحرب الأهلية التي اندلعت في أواخر عام 2014, والتي ادت في نهاية المطاف الى التحالف الذي تقوده السعودية في عام 2015, اكتسبت القاعدة في جزيرة العرب الأراضي والمجندين وعمقت نفوذها وشبكاتها بين القبائل المحلية,

كما خرج فرع تنظيم الدولة الإسلامية من هذه الفوضى السياسية.

اليوم, تضم المجموعة حوالي بضع مئات من المقاتلين وشنت حرب عصابات في الجنوب, حيث أرسلت انتحاريين ضد جنود ومسؤولين حكوميين يمنيين.

استهدفت الغارات الجوية الأمريكية التي بدأت في عهد إدارة أوباما واستمرت في عهد الرئيس ترامب، قادة القاعدة في جزيرة العرب ومقاتلي الدولة الإسلامية.

عام 2015, قتلت غارة جوية أمريكية بطائرة بدون طيار، ناصر الوحيشي، زعيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، الذي كان سلف الريمي, وفي أكتوبر 2019، أعلن ترامب أن صانع القنابل الرئيسي للمجموعة قتل في غارة جوية بدون طيار.

قال حمد وهيت، أحد زعماء القبائل في مأرب: “عندما سمعنا خبر مقتل قاسم الريمي شعرنا بالارتياح, القاعدة في جزيرة العرب تشكل تهديدا لمجتمعنا في اليمن ونحن اليمنيين نكافح الإرهاب والقاعدة”.

ومع ذلك, بحلول وقت مقتل الريمي, كان تنظيم القاعدة قد ضعف بالفعل بسبب فقدان القادة والمقاتلين المهرة، وكذلك الاشتباكات مع الدولة الإسلامية والحوثيين, وذلك وفقاً للمحللين, حيث لقد تقلصت قدرة الجماعة على تنفيذ هجمات ضد الغرب.

قال بيتر سالزبوري, المحلل البارز في الشأن اليمني في مجموعة الأزمات الدولية: “لقد ركزت القاعدة في معظم جهودها على الحفاظ على فرعها داخل اليمن، ومهاجمة الحوثيين والقوات المدعومة من دولة الإمارات العربية المتحدة بينما كانت تدير عمليات إعلامية مخفضة تركز على العالم الخارجي لتشجيع عمليات الذئب الوحيد”.

“لم يشكل هذا النوع تهديد للغرب كما فعل قبل عقد من الزمن منذ عدة سنوات”.

أشار محللون إن من ضمن القاعدة كان الريمي شخصية مثيرة للانقسام ولم يحظى بنفس القدر من الاحترام والهيبة التي كان يتمتع بها سلفه.

قال كيندال, في إشارة إلى وفاة الريمي: “التأثير محدود, والسبب ببساطة لأن القاعدة في جزيرة العرب كانت على وشك التفتت بالفعل, حيث تشير الدلائل إلى أن بقايا تنظيم القاعدة في جزيرة العرب قد تحولوا بشكل متزايد من محاربين مقدسين إلى مقاتلين مأجورين “.

في البيضاء, قال محللون إن مجموعة من مقاتلي القاعدة, قد انشقوا عن الدولة الإسلامية, بينما انضم آخرون إلى ميليشيات وعصابات إجرامية أو انضموا إلى القوات التي تدعمها الحكومة.

قال كيندال:”يبدو أن داعش، في الاسم المختصر لتنظيم الدولة الإسلامية،  يتمتع الآن بميزة على تنظيم القاعدة في البيضاء”.

والسؤال الآن, بحسب المحللين, هو ما إذا كان الزعيم الجديد للقاعدة, باطرفي, يستطيع إحياء امجاد الجماعة. قال المحللون أن باطرفي هرب ذات مرة من سجن في اليمن – مثل كل أسلافه – وهو رئيس سابق للعمليات الخارجية للقاعدة في جزيرة العرب، مما يوحي بأن المجموعة قد تعيد التركيز مرة أخرى على استهداف الغرب.

عند تعيين شخصية دينية, يمكن أن تتحول القاعدة أيضاً إلى تركيز أيديولوجي أكثر، ربما من أجل الحصول على مجندين ومصداقية.

ومع ذلك, يمكن أن ينفر مقاتلو القاعدة في جزيرة العرب الذين أرادوا قائدًا عسكرياً أو قائدًا أكثر واقعية.

يرى تويت غريغوري جونسن، محقق سابق في الأمم المتحدة ومؤلف كتاب “الملاذ الأخير: اليمن والقاعدة وحرب أمريكا في الجزيرة العربية, انه سيكون من المثير للاهتمام معرفة ما إذا كان هذا سيؤدي إلى مزيد من التشرذم داخل المجموعة”.

هناك اشارات تبعث على القلق أن الصراع قد يتصاعد, مما يقلل الضغط على القاعدة في جزيرة العرب في سعيهم لإعادة تجميع انفسهم تحت حكم باطرفي.

الأسبوع المماضي، قالت الرياض إنها اعترضت صواريخ أطلقها الحوثيون على عدة مدن سعودية, وجاء ذلك بعد يومين من اتهام البنتاجون لإيران بنقل نوع جديد من الصواريخ المضادة للطائرات إلى الحوثيين.

ووفقًا لتقرير صدر الأسبوع الماضي من Conflict Armament Research، وهي مجموعة تتخذ من بريطانيا مقرا لها وتتتبع الأسلحة في مناطق الصراع فإن أنصار الله نشروا طائرات بدون طيار مقاتلة بشكل متزايد مع محركات أكثر قوة وحمولات متفجرة.

* المقال تم ترجمته حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.