محمد علي القاسمي ——-

أرض السعيدة هكذا أطلق على اليمن قديماً نظراً لشهرتها الزراعية  فقد وصفها الله سبحانه وتعالى بقوله (لقد كان لسبأ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور) صدق الله العظيم حيث أنعم الله عليها  بالأراضي الخصبة سوا كانت في السهول أو الوديان  أو المدرجات الجبلية الزراعية فيما أن اليمن تعتمد بشكل رئيسي على الإمطار الموسمية.

وكما كان اليمن سلة غذاء منطقة الخليج  بحيث يعتمد على الاكتفاء الذاتي من المنتجات الزراعية، إلا أن ذلك تراجع حتى 15%  منذ نهاية السبعينات وتدنت مساهمة الناتج الزراعي في الدخل المحلي الإجمالي إلى 13%، برغم أن المجتمع اليمني مجتمع زراعي ويعمل في هذا القطاع 53% من قوة العمل  كما يعتمد 50% من سكان الجمهورية على عوائد الإنتاج الزراعي.

ولكن اليمن أصبح اليوم  أكبر مُلتقي للمعونات في العالم العربي وبما  يزيد من حدة الأزمة أن اليمنيين يزدادون تراجع في أنتاج المواد الغذائية  لعدة أسباب قديمة وحديثة وابرزها:-

  • عدم الاهتمام بزراعة أهم محصول وهو القمح والذي يعتمد عليه السكان بدرجة أساسية  للغذاء حيث يتم استيراده من الخارج بشكل كبير جداً وهذا بدوره جعل من اليمن سوقاً للدول التي تصدر القمح إلى اليمن بحيث ساعد ذلك على ازدهار الجانب الزراعي والاقتصادي للدول المصدرة للقمح وجعل من الشعب اليمني شعباً يعتمد على غيره في مأكله وأدى ذلك إلى عدم الاهتمام بزراعة القمح في بلادنا.
  • انتشار زراعة القات بشكل كبير ومخيف وفي أهم وأخصب الأراضي الزراعية في الجمهورية اليمنية، نظراً لأن غالبية السكان يقبلون على تناول القات وبشكل يومي ما دفع الكثير من المزارعين إلى الاهتمام بزراعته على حساب المحاصيل الأخرى لأنه يدر عليهم المال الوفير على مدار العام.
  • إهمال الجانب الزراعي وتصحر وانجراف معظم الأراضي الزراعية خاصة المدرجات الجبلية نتيجة اتجاه معظم السكان لأنشطة اقتصادية أخرى، إضافة إلى الهجرة الداخلية والخارجية.
  • تعمد الحكومات السابقة تهميش الزراعة ودعم المزارعين وإنتاج الحبوب، والاتجاه نحو دعم القطاع الخاص بالاعتماد على المحاصيل المستوردة.
  • تدمير العدوان حاليا 131 منشأة زراعية حيوية “أسواق زراعية ومبان ومكاتب ومراكز صادرات، إضافة إلى مخازن ومستودعات ومنشآت مائية وكذلك مصانع مستلزمات زراعية ومخازن حبوب” تم قصفها بشكل كلي وجزئي من قبل تحالف العدوان السعودي على مدار الخمس سنوات.

فيما أن الزراعة تأثرت في عدة مناطق بسب العدوان والهجرة من مناطق النزاع والمواجهات مثل محافظة صعدة التي تأثرت فيها الحقول الزراعية بشكل كبير وخصوصاً المزروعة ب(الرمان والليمون والعنب) التي تشتهر بها المحافظة، واستخدم التحالف فيها أحدث الأسلحة الأشد فتكاً، والتي خلفت دماراً هائلاً وخسائر فادحة وأضراراً كارثية، ستبقى آثارها السلبية لعشرات السنين على الأرض والنبات والبيئة المحيطة نتيجة الانبعاثات الكيميائية السامة من الأسلحة المحرمة دولياً، وأضرارها على التربة الزراعية والنبات والتنوع الحيوي بشكل عام، لأنه قد يحدث تغييرا في التركيب الجيني أو الوراثي للمحاصيل الزراعية خلال سنوات قادمة.

كما هاجر العديد من المزارعين في محافظات حجة والحديدة ومارب والجوف بسب القصف الجوي والاشتباكات المتكررة تاركين مزارعهم خلفهم والهروب الي أماكن آمنة مما تسبب بتدمير الأراضي الزراعية.

ويلعب القطاع الزراعي دوراً هاماً في الاقتصاد الوطني للجمهورية اليمنية، حيث يعد أحد أهم دعائم ومرتكزات الاقتصاد الوطني؛ وتبلغ متوسط مساهمة القطاع الزراعي حوالي (13.7%) من إجمالي الناتج المحلي، وبلغ متوسط مساهمة قطاع الزراعة في الدخل القومي (16.5%) للجمهورية اليمنية.

وعلى الرغم من تدهور القطاع الزراعي بسبب ما ذكر اعلاه، إلا أن طموح المزارع اليمني مستمرا بالزراعة والوصول إلى الاكتفاء الذاتي وبالذات في مجال زراعة الحبوب بكل أنواعها خصوصا وأن حكومة الانقاذ بدعم من  المجلس السياسي الاعلى  شرعت بتنفيذ خطة التعافي الاقتصادي بخطوات هامة عبر دعم المزارعين عن طريق توفير البذور المحسنة والمعدات الزراعية عبر الجمعيات الزراعية والمؤسسات التابعة لوزارة الزراعة والري وعمل منظومة الطاقة الشمسية للآبار الارتوازية وإصلاح الأراضي المهجورة وإعادة تأهيلها وشراء المنتج الزراعي منهم.

إضافة إلى اطلاق وزارة الزراعة والري جائرة الرئيس الشهيد صالح الصماط التنافسية لتشجيع المزارعين للاهتمام بالزراعة وإنتاج الحبوب ضمن خطة التعافي مما يؤدي بالمستقبل إلى زيادة إنتاج الحبوب وزيادة نسبة الاكتفاء الذاتي تدريجياً، وتخفيض تكاليف الإنتاج ودعم وتشجيع المزارعين.

وختاما نستطيع ان نجزم  ان  أرض اليمن السعيدة قادرة على تحقيق حلم وطموح يراود كل أبناء اليمن الصامد للوصول الى الاكتفاء الذاتي من إنتاج الحبوب في حال وجدت ارادة سياسية  وكثفت الجهود الجادة  لتحفيز المزارعين والتثقيف والتوعية بكل الوسائل المتاحة وتعاونت الجهات المعنية  بالحكومة مع الداعمين من القطاع الخاص .