بقلم: ديون نيسنباوم وينوا فوكون وفيليسيا شوارتز

(صحيفة “وول ستريت جورنال” الامريكية- ترجمة: انيسة معيض-سبأ)

 

قال مسؤولون أميركيون ومسؤولون إقليميون إنه في ظل تهدئة الأعمال القتالية بين إيران والولايات المتحدة في الوقت الحالي، تسعى إدارة ترامب إلى مواصلة الضغط على إيران دون دفع المنطقة إلى مواجهة جديدة متفجرة, ومن جانبه, أشار المسؤولون الأمريكيون إنهم واثقون بشكل كبير من أن إيران وحلفاءها في الشرق الأوسط يتطلعون إلى تجنب القتال المباشر مع أمريكا، حتى عندما صرح الزعيم الإيراني الأعلى “آية الله علي خامنئي”  بتصريحات حماسية خلال صلاة الجمعة في طهران.

يرى أعضاء رئيسيون في فريق الرئيس ترامب للأمن القومي أن طهران أضعفتها المواجهة وتكافح من أجل استعادة مكانتها محلياً بعد أن أسقط جيشها عن طريق الخطأ طائرة تجارية في إيران، مما أدى إلى أيام من الاحتجاجات في جميع أنحاء البلد عقب اعترافها بالغارة الصاروخية التي قتلت 176 شخصا.

يحث كبار المسؤولين الأمريكيين الرئيس ترامب على الوقوف بحزم ومواصلة فرض العقوبات الاقتصادية والانتظار لمعرفة ما إذا كان القادة الأوروبيون يتحركون لإعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران لانتهاكها اتفاق منع الانتشار النووي.

وحسب قول المسؤولين المشاركين في المناقشات فأن بعض المسؤولين الذين أيدوا قرار اغتيال اللواء قاسم سليماني في 3 يناير  يقولون أن الاستمرار في الضغط على إيران يمكن أن يضعف الحكومة أو حتى يؤدي إلى الانهيار القريب على المدى القصير .

صرح مسؤولو إدارة ترامب إنهم لا يسعون لتغيير النظام، بل  يسعون إلى حدوث تحول كبير في سياسة  طهران في الشؤون العسكرية والخارجية, ولكن بعض المسؤولين الأمريكيين يعتقدون أيضاً أن الانهيار يمكن أن يمهد الطريق لحكومة أكثر اعتدالاً.

قال براين هوك، الذي يشرف على سياسة  إدارة ترامب تجاه إيران في وزارة الخارجية: “أن مزيج الضغط الاقتصادي الأقصى وإعادة الردع عن طريق التهديد الجاد باستخدام القوة العسكرية، إذا تم الهجوم عليه، سيعمل المزيد لتعزيز السلام والاستقرار في المنطقة أكثر من سياسة تسوية الخلافات مع النظام”.

يعتقد مسؤولون آخرون في الإدارة بمن فيهم البعض الذين أبدوا مخاوفهم بشأن الضربة على سليماني, أن المحادثات المباشرة للقنوات الخلفية بين طهران وواشنطن ستكون وسيلة أكثر فاعلية لتجنب الصراع المفتوح, ويبدو أن هؤلاء المسؤولين هم الأقلية.

لقد عرض ترامب المشاركة في محادثات مباشرة كما فعل مع كوريا الشمالية وقال أنه مستعد للاستماع إلى أي شخص يمكنه المساعدة في تحقيق ذلك، لكن إيران رفضت الحضور إلى طاولة المفاوضات ما لم تخفف الولايات المتحدة من بعض العقوبات.

في الوقت الحالي، يعتقد مسؤولو الإدارة أن الإيرانيين ليس لديهم خطط فورية لمهاجمة القوات أو الدبلوماسيين الأمريكيين.

وقال مسؤول رفيع في الإدارة الأمريكية: “يبدو أن الجميع يقفون, والسؤال الآن هو ما الذي يمكننا القيام به للدفع بأجندة الرئيس؟”.

وفي الوقت نفسه، يعيد حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط سياسات إعادة التوازن، حيث تحث إسرائيل على استمرار الضغط العسكري الأمريكي ضد حلفاء إيران في المنطقة، وحثت دول الخليج العربي الولايات المتحدة على وقف تصعيد المواجهة العسكرية مع إيران.

قال مسؤولون أميركيون إن ترامب تحدث مرتين هذا الشهر عبر الهاتف مع الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر الذي تربطه صلات وثيقة بطهران, وقد عرض الشيخ تميم العمل كوسيط بين واشنطن وطهران على أمل تفادي نشوب صراع خطير، حسبما قال مسؤولون حاليون وسابقون في الولايات المتحدة الذين أطلعوا على المكالمات.

لكن العديد من مسؤولي إدارة ترامب يشككون في أن جهود الوساطة القطرية ستكون أكثر نجاحاً من جهود فرنسا أو اليابان أو عمان أو باكستان والتي فشلت جميعها في تحقيق انفراج دبلوماسي.

أشار مسؤول أمريكي إلى أن قطر تعمل بشكل فعال وعلى مستويات عالية من تلقاء نفسها وبدون تفويض, حيث كشف البيت الأبيض عن مكالمة واحدة فقط من اصل اثنتين.

ومن جانبها, أرسلت المملكة العربية السعودية نائب وزير الدفاع، الأمير خالد بن سلمان، إلى واشنطن للعمل على حث الرئيس ترامب على البحث عن طرق لتجنب حرب إقليمية.

كان المسؤولون السعوديون يشعرون بالقلق من أن مقاتلي الحوثيين الذين تدعمهم إيران في اليمن قد يقومون بناءً على طلب طهران بتصعيد هجماتهم على السعودية المجاورة لهم، مما قلل من الهجمات عبر الحدود وأرسى الأساس لاتفاق سلام محتمل.

تحققت هذه المخاوف في نهاية الأسبوع عندما شنت القوات الحوثية ضربة صاروخية أسفرت عن مقتل أكثر من 110 من القوات اليمنية المدعومة من الحكومة السعودية، وفقاً لوزارة الصحة اليمنية, حيث يأتي هذا الهجوم وسط تصاعد حاد في الاشتباكات التي تهدد بتقويض محادثات السلام الهشة.

بينما تحاول قطر ودول عربية أخرى نزع فتيل التوترات، يبدو أن إسرائيل تستأنف غاراتها الجوية على القوات الإيرانية التي تساعد الرئيس السوري بشار الأسد.

وفي الوقت الذي أطلق الشيخ تميم حملة القناة الخلفية الدبلوماسية، شنت غارة جوية إسرائيلية مشتبه بها وأدت الى  قتل ثلاثة أشخاص في قاعدة سورية تستخدمها القوات الإيرانية وحلفاؤها, فهذه الغارة أرسلت رسالة مفادها أن طهران ستستمر في مواجهة الضغوط العسكرية.

معظم التركيز في الولايات المتحدة في أعقاب الغارة الجوية التي وقعت في بغداد وأدت الى مقتل الجنرال سليماني قد انصبت على احتواء الأضرار في العراق، حيث دفعت المشرعون من خلال إجراء غير ملزم يدعو أمريكا إلى سحب جميع قواتها.

لقد شعر الحلفاء الأمريكيون في جميع أنحاء المنطقة بالارتياح لرفض الرئيس ترامب للمطالب، الأمر الذي دفع رئيس الوزراء المؤقت للعراق عادل عبد المهدي إلى التخفيف من دعواته لسحب القوات الأمريكية, وهو الآن يسمح للحكومة المقبلة بأن تتخذ القرار، نصرٌ لواشنطن وحلفائها الذين يريدون الحد من النفوذ الإيراني.

يقول دور جولد، المدير العام السابق لوزارة الخارجية والذي يشغل الآن منصب رئيس مركز القدس للشؤون العامة: “أن التركيز الأهم هنا هو أن لا يتم انخراط العراق في محور شيعي تقوده إيران”.

وهذا هو السبب في أن قطر وغيرها من حلفاء الولايات المتحدة  العرب يركزون جهودهم على نزع فتيل التوترات في العراق.

قال دبلوماسي قطري: “نؤكد أيضاً على أنه لا ينبغي للعراق أن يتحول إلى ساحة للنزاعات الإقليمية أو الدولية وبسبب الموقع الجغرافي السياسي لقطر، يعول أصحاب المصلحة بمختلف انواعهم ويعقدون آمالاً كثيرة على هذه الجهود للدبلوماسية القطرية”.

يرى مسؤولون إيرانيون أن الوساطة لا يمكن أن تنجح دون أن تعمل الولايات المتحدة على تخفيف العقوبات, كما لا يهم القناة التي نستخدمها, فالعقبة الرئيسية تكمن في الجانب الآخر من المحيط الأطلسي.

* المقال تم ترجمته حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.