منذ العام 2015 واليمن يمثل مسرحاً للصراع الذي يتجاوز تخومه وآفاقه ليقع فريسة للمواجهة بين المملكة العربية السعودية من جانب والعدو الإيراني اللدود من جانب آخر, وعلى إثر مقتل الجنرال الإيراني، قاسم سليماني، في غارة أميركية جوية في مطلع العام الحالي لدعمه المنتظم للميليشيات الحوثية، ما هي التأثيرات والتداعيات التي من الممكن أن تترتب على ذلك في نطاق الصراع على الأراضي اليمنية؟

 

بقلم: جولي جاكون

 

(صحيفة “لو باريسيان” الفرنسية, ترجمة: محمد السياري-سبأ)

 

 

بحلول شهر مارس القادم، سوف تدخل الحرب التي اندلعت على الأراضي اليمنية في العام 2014 عامها السادس, ومن الجلي للعيان أن مسمى “حرب بالوكالة” لا يكاد يفارق هذه المنطقة المنكوبة منذ زمن لا يسبر غوره؛ وهذا بالفعل ما كان معروفاً عنه في العقود التي مضت: وعلى امتداد الحرب الباردة – القائمة بين الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفياتي سابقاً – كان الجزء الجنوبي من البلد يدين بالخضوع والتبعية للنفوذ السوفياتي عقب رحيل المستعمر البريطاني الذي ظل يسيطر عليه لما يزيد على قرن من الزمان.

 

ومن زاوية أخرى فمنذ العام 2015 وجدت كلاً من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة من جهة وإيران من جهة أخرى على الأراضي اليمنية ميداناً صالحاً للمواجه العسكرية ولكن دون المساس بأمنها القومي بصورة مباشرة:

 

وفي حين سارعت الرياض إلى تقديم كل ما يلزم من دعم ومساندة عسكرية ومالية ولوجستية لضمان بقاء واستمرارية الحكومة الانتقالية الشرعية في البلد، لم تتوانى طهران عن الوقوف إلى جانب ما يسمى بـ”المتمردين الحوثيين” ودفعهم بكل قوة للصمود في وجه قوات التحالف العربي التي تتولى قيادتها الرياض, ولا بد لنا هنا من التعريج ولو بشكل سريع على الطابع الديني الذي تنتمي إليه حركة أنصار الله، فهي في الواقع لا تنخرط بشكل مباشر تحت مضلة المذهب الشيعي بل تمتد جذوره لتصل إلى المذهب الزيدي.

 

ومن منطلق الجهاد ضد الإمبريالية الأميركية، لم تتوقف هذه الطائفة عن التصدي للنفوذ الأميركي بكل حيلة ووسيلة على الصعيدين السياسي والديني منذ ما يصل إلى تسعينيات القرن الماضي.

 

فضلاً عن ذلك، الجنرال الإيراني قاسم سليماني، الذي قُتل في مطلع الشهر الحالي على أثر صاروخ أطلق من طائرة أميركية دون طيار، كان من أهم الرواد المساهمين في مساندة الحراك الثوري المناهض للسيادة الأميركية في صنعاء وكذلك هو الحال في بيروت وبغداد ودمشق… وعلى وجه الخصوص في طهران؛ الأمر الذي دعا إلى ضرورة التحرك العاجل من قبل المخابرات الأميركية للتخلص منه بعد أن كان قد أُدرج ضمن قائمة الإرهابيين الأشد خطورة في العالم على أمن وسلامة المصالح الأميركية القومية.

 

ومن المسلم به جدلاً أن المنطقة اليمنية لا تحظى بأهمية كبيرة من الناحية الإستراتيجية لدى صناع القرار الإيراني خلافاً لما تحظى به مناطق النفوذ الشيعي الأخرى؛ ولكن من المرجح بقوة أن تتسبب الأحداث والمستجدات الأخيرة والتحديات العسكرية القائمة بين إيران والولايات المتحدة الأميركية في إدارة البوصلة الفارسية باتجاه هذا البلد الذي تسبب الصراع الحاصل على أراضيه في سقوط ما يزيد على  12 ألف قتيل من المدنيين وفقاً لما نشر من قبل العديد من المنظمات الإنسانية غير الحكومية.

 

ولعل هذا التغيير المفاجئ في مجريات الصراع الأميركي-الإيراني يكون سبباً جديداً لإشعال نيران أزمة إنسانية في المنطقة لا سابقة لها.

 

* المقال تم ترجمته حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.