بقلم: جاك هوبير رودييه

(صحيفة “ليزيكو” الفرنسية, ترجمة: محمد السياري –سبأ)

عقب مسيرة طويلة ومستمرة من الانتهاكات والتجاوزات التي ترتكبها قوات التحالف العربي بقيادة الرياض في اطار حقوق الإنسان إلى جانب العمليات العسكرية البائسة في ظل حربها غير المباشرة ضد العدو الإيراني اللدود على الأراضي اليمنية فضلاً عن جريمة اغتيال الكاتب الصحافي في صحيفة “الواشنطن بوست” الأمريكية، جمال خاشقجي، وعدداً لا يحصى من عمليات الإعدام الجماعي الممولة من قبل صناع القرار الخليجي، ها هي قائمة الفضائح تستقبل القادم الجديد على إثر عملية القرصنة التي طالت الهاتف المحمول الخاص بالمؤسس والرئيس والمدير التنفيذي لشركة أمازون العالمية ومالك صحيفة واشنطن بوست، جيف بيزوس، والتي يشار فيها بأصابع الاتهام بوجه خاص تجاه ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان.

وإذا ما أكدت التحقيقات الجارية بهذا الخصوص صحة تلك المزاعم فلعلها تكون آخر المسامير التي تدق في نعش “أسطورة التجديد” التي أراد صناع القرار السعودي من خلاله قلب صفحة من التشدد الديني والرتابة السياسية للبدء في رسم ملامح عهد جديد ومنفتح على العالم الخارجي.

وفي ظل هذه المستجدات، من البديهي والأكثر ترجيحاً أن الغاية المرجوة من هكذا اختراق لخصوصية بيزوس لا بد وأن تدور في فلك محاولة تتعلق بعملية ابتزاز لمالك صحيفة واشنطن بوست على حد قول أستاذ العلوم السياسية في جامعة هولواي الملكية في لندن، ديفيد ويرينج, وذلك ما يمكن أن نستشفه إذا ما تتبعنا الخيوط التي تربط بين الصحيفة والصحافي السعودي المغتال، جمال خاشقجي، وفي ضوء عمله لديها ككاتب ومؤرخ سياسي.

وتعقيباً على ذلك، يرى البروفيسور ويرينج أنه “بعد فشل محاولة القرصنة تلك فمن الوارد بشدة أن تكون عملية اغتيال خاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول في أكتوبر من العام 2018, قد تمت بناءً على أوامر مباشرة صدرت من ولي العهد السعودي, وفي حال كانت المعلومات التي نشرت في يناير 2019 من قبل صحيفة “ناشنال أنكيرير” الأميركية التي تتحدث بخصوص علاقة لا أخلاقية لبيزوس تسببت في إنهاء حياته الأسرية قد تسربت من المصدر ذاته، فلا شك مطلقاً أن محاولة القرصنة تلك “سوف تتوافق بشكل جيد مع سلوك العصابات” لاسيما وأن هناك تاريخ سابق يشهد بهكذا مدلول في ظل عمليات الاعتقال القسرية التي طالت عدداً كبيراً من نخبة رجال الأعمال والأمراء السعوديين في نوفمبر 2017 والتي كانت تهدف إلى “ابتزاز المليارات” على غرار محاولة الإطاحة برئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري.

من ناحية أخرى، هناك العديد من الأبعاد التي يمكن أن تفضي إليها هكذا فضيحة إذا ما ثبتت الاتهامات الموجهة نحو ولي العهد السعودي.

وفي هكذا سياق، لم يتردد البروفيسور ويرينج عن توجيه اتهام آخر وبشكل مباشر وفي إطار موازٍ لكلاً من المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأميركية ليس فقط في المساهمة في دعم والترويج لما يسمى ب”برنامج الإصلاح” السعودي، بل أيضاً تمهيد الطريق أمام قوات التحالف لمواصلة حربها الجائرة في اليمن والتمادي في انتهاك القوانين الدولية وحقوق الإنسان وبالرغم من كل ذلك، يتحتم علينا هنا، في ظل المستجدات الاخيرة، أن نتحلى بمزيد من الأمل في أن يثير ذلك مخاوف وقلق القيادة في واشنطن ولندن لتعيد النظر في ما تقدمه من دعم ومساندة لمثل هذه شخصية “مشبوهة وغير مأمونة الجانب”.

ومن هنا، يمكننا أن نؤكد بأن الأمر جد خطير وليست باريس في منأى من أن تطالها التبعات في ظل علاقاتها المشبوهة بولي العهد السعودي الذي يكاد نجمه أن يأفل.

* المقال تم ترجمته حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.