الحرب الأمريكية-الإيرانية الحقيقية سيتم خوضها في ساحات قتال بالوكالة
بقلم: فيصل اليافعي
ترجمة: جواهر الوادعي-سبأ
على الرغم من التحذيرات المروعة حول تورط إيران والولايات المتحدة في حرب جديدة، كان الرد على قتل أمريكا لقاسم سليماني، عندما حدث صامتاً: دزينة من الصواريخ الباليستية على قواعد أمريكية في غرب وشمال العراق من دون وقوع إصابات، تلاها صمت سياسي غريب.
انتهت المناوشات القصيرة وتراجع الجانبان – بشكل ملحوظ وبالنظر إلى لغة البيت الأبيض خلال الأيام السابقة – لقد مر الآن أكثر من أسبوع على الانتقام الإيراني، ويمكن الآن البدء في الرد الحقيقي – في ساحات القتال بالوكالة في جميع أنحاء المنطقة.
الهدوء الذي أعقب العاصفة، الرد الصامت من إيران تم اتخاذه في العواصم الغربية على انه اعترافاً بأن طهران غير قادرة على الرد بقوة وستقبل ببساطة وفاة قائدها الرفيع المستوى كتكلفة لحرب غير معلنة, ولكن في الشرق الأوسط الذي شهد بشكل مباشر تأثير توسع إيران على مدى العقدين الماضيين، لا أحد ساذج بما يكفي للاعتقاد بأن الضربات في العراق كانت الكلمة الأخيرة, هي فقط البدابة, مثل الضربات التي سبقتها، ستخوض إيران معركتها للانتقام لموت سليماني عبر بلدان أخرى, فداخل النظام الإيراني، عزز مقتل سليماني الاعتقاد بأن الحروب بالوكالة هي أفضل أمل للبقاء.
بدأت عقيدة إيران بالحرب بالوكالة في الثمانينيات، في خضم الحرب الإيرانية العراقية الدامية التي دامت عقداً من الزمن، وهي حرب لم يباشرها الإيرانيون انفسهم ولذلك يعتقد الكثيرون أن الولايات المتحدة هي من شجعتهم.
وبحلول أوائل الثمانينيات من القرن الماضي، كانت الحرب في طريق مسدود، وتحولت طهران نحو منظمات بالوكالة للحصول على نفوذ بدءا من كتائب بدر المكونة من المنشقين العراقيين والمقاتلين الإيرانيين ثم حزب الله في لبنان.
لكن التوسع الحقيقي للسلطة بالوكالة قد جاء هذا القرن، بدءاً من الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق والذي فتح دولة كانت في السابق مغلقة أمام شبكة الاستخبارات في طهران، ثم انتفاضات الربيع العربي التي زعزعت استقرار كل من سوريا واليمن, وفي تلك الأماكن سيأتي الرد الحقيقي.
استخدام إيران لهؤلاء الوكلاء يعتبر مقامرة، تهدف في المقام الأول للحفاظ على أراضيها آمنة, و حتى الآن، كان النجاح الإستراتيجي الرئيسي لإيران هو قدرتها على مهاجمة أعدائها دون أن يستطيعوا الانتقام ويجدوا وسيلة إلى الأراضي الإيرانية.
كانت إيران متورطة في تخريب السفن في الخليج الفارسي خلال الصيف، إضافة إلى غارة جوية بطائرة بدون طيار على منشآت نفط سعودية وهو الهجوم الذي زعم المتمردون الحوثيون اليمنيون القيام به.
ولعدة أشهر، من ربيع عام 2019 وحتى ديسمبر, استهدفت الميليشيات التي تدعمها إيران القواعد الأمريكية في جميع أنحاء العراق, وكان هناك انتقام، لكن لم يحدث أي منها على الأراضي الإيرانية.
لقد خاطرت إيران منذ فترة طويلة على خلق مسافة كافية بين القرارات المتخذة في طهران والجثث المتخلفة في العراق أو اليمن أو أفغانستان لضمان عدم حصول الولايات المتحدة على الدليل المقنع الذي ستحتاج إليه من أجل اتخاذ القرار الصارم بالقيام بالحرب, لكن مقتل سليماني غير هذا الحساب.
لقد أثبت ذلك أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يرفض اللعب وفقاً لقواعد الحرب بالوكالة التي تدور داخل العراق منذ سنوات, فالشخصيات السابقة التي لا يمكن المساس بها هي الآن أهداف.
حافة الهاوية هذه محفوفة بالمخاطر, فعلى المدى القصير، أجبر رفع المخاطر بشكل كبير إيران على التراجع عن مواجهة باهضة الثمن, ولكن على المدى الطويل، هناك حد لعدد المرات التي يمكن للولايات المتحدة أن ترفع فيها المخاطر قبل أن يصبح النزاع غير محتمل لحلفائها في المنطقة.
كان من الملحوظ في أعقاب ذلك أن الحلفاء الأمريكيين مثل إسرائيل نأوا بأنفسهم عن العملية وأنهم حذرين من ان يقعوا في مرمى الرد.
لكنها تعتبر مأساة بالنسبة للعراقيين، فبلادهم هي التي أصبحت ساحة معركة راسخة بين الولايات المتحدة وإيران وعلى هذا النحو فإن واشنطن لديها القليل من الهواجس حول مهاجمة القوات التي تدعمها إيران هناك.
ستكون طهران الآن بحاجة للقيام بالحسابات التالية: إذا كانت الميليشيات المتحالفة مع إيران وهي تعمل داخل العراق تستهدف القواعد والقوات الأمريكية، فهل يجوز لموظف متقلب من البيت الأبيض أن يوجه ضربات داخل إيران؟
وقد يؤدي ذلك إلى نشوب صراع لا يمكن التنبؤ به بالنسبة للمنطقة ولزعماء إيران الذين كما تظهر الاحتجاجات التي تجتاح البلاد حالياً، ما زالوا بحاجة إلى استخدام العنف للحفاظ على القانون والنظام.
بدلاً من ذلك، سوف تتطلع إيران إلى إنشاء ساحات معركة بالوكالة، حيث يمكنها القيام بالثأر السري, المكانان المناسبان لهذه المواجهة هما أفغانستان واليمن.
تشترك أفغانستان في حدود طويلة مع إيران، بالإضافة إلى لغة (يمكن للمتحدثين بالفارسية والداري فهم بعضهم البعض بسهولة), قيل أن الحرس الثوري الإيراني حشد عشرات الآلاف من الأفغان للقتال من أجل حكومة الرئيس بشار الأسد في سوريا, ومع اقتراب تلك الحرب من نهايتها، يتعين على هؤلاء المقاتلين الذهاب إلى مكان ما؛ المكان الأكثر وضوحا هو التجنيد كوكلاء إيرانيين داخل أفغانستان.
أما بالنسبة لليمن، فإن الإيرانيين موجودون بالفعل في ساحة المعركة, في نفس الليلة قتلت طائرة أمريكية بدون طيار سليماني وحاولت طائرة أخرى بدون طيار في العاصمة اليمنية صنعاء قتل عبد الرضا شحلاي، وهو قائد آخر في قوة القدس.
غابت الضربة وأصابت مسؤولاً عسكرياً إيرانياً آخر, لكنها كانت واحدة من أولى الضربات العامة التي قامت بها الولايات المتحدة ضد أهداف إيرانية داخل اليمن.
نشأ “الهلال الشيعي” الذي حذر منه الملك عبد الله من الأردن بعد فترة وجيزة من غزو العراق عام 2003, وإيران الآن في وضع يسمح لها بالانتقام لموت سليماني ضد القوات الأمريكية وضد حلفاءها وبعيداً عن الأراضي الإيرانية.
* موقع اشيا تايمز
* المقال تم ترجمته حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.