بقلم: يوسي ميلمان

 

(موقع”infos-israel.news- انفور اسرائيل نيوز”, ترجمة:أسماء بجاش – سبأ)

 

كشفت الولايات المتحدة الأمريكية في وقت سابق أن أجهزة مخابراتها خلصت إلى أن الهجوم الذي استهدف مواقع النفط السعودية في منتصف سبتمبر المنصرم كان من عمل إيران, حيث أشارت وكالة رويترز إلى أن الحطام المسترد يشير إلى أن الهجوم جاء من الجهة الشمالية لأحد المواقع التي تم استهدافها وهو ما تنفيه الحركة الحوثية اليمنية التي تبنت الهجوم.

ومن جانبها, نفت إيران، التي تدعم الحوثيين في اليمن، أي تورط لها في هذا العمل، ومع ذلك، فإن اليمن الذي يقع في الجهة الجنوبية للمملكة العربية السعودية، يجعل الحوثيون هم  المسئولون في حال كان تقييم أجهزة الاستخبارات الأمريكية صحيحاً.

قال مسئولون إسرائيليون لموقع “ميدل إيس آي” البريطاني إنهم يميلون إلى قبول النتائج التي توصلوا إليها الإدارة الأمريكية, لكنهم شددوا أيضاً إلى أنه على غرار العديد من الهجمات والمواجهات الأخرى، فإنه من المرجح أن يكون ذلك الهجوم عبارة عن عمل مشترك ضم في طياته الحركة الحوثية ووزارة الاستخبارات الإيرانية وقوة فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.

تنضوي قوات فيلق القدس تحت قيادة الجنرال قاسم سليماني والذي ينضوي بدوره تحت قيادة الجنرال حسين سلامي، قائد الحرس الثوري المعروف بخطبه النارية والعدوانية ضد الولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية.

ولكن في الواقع، يعتبر الجنرال قاسم سليماني المقرب والمستشار للمرشد الأعلى علي خامينئي والذي طور معه علاقات أبويه، قائداً ذو أهمية بالغة وبالتأكيد مع صورة عامة أفضل بكثير.

ومع ذلك، فإن التطورات الأخيرة المثيرة للاهتمام والتي تحوم حول إيران واليمن لا تتوقف عند التقييم الأمريكي, حيث حددت مصادر مخابرات غربية استشهدت بها صحيفة “إنتليجنس أونلاين” الفرنسية أن قائد قوة القدس الإيرانية التابعة للحرس الثوري الإيراني  في اليمن هو الجنرال رضا الشاهي، من مواليد مدينة شيراز الإيرانية والتي تضم حوالي 400 مقاتل يعززها خبراء من حزب الله الذين قدموا من لبنان.

ومن جانبهم, لطالما عكف خامنئي وقادته العسكريين، بمن فيهم السلامي والسليماني والشاهي على طمس ملامح المشاركة العسكرية الإيرانية في اليمن, ومع ذلك تمكنت المخابرات الأمريكية والإسرائيلية والسعودية من جمع أدلة كافية لإثبات عكس الإدعاءات الإيرانية.

وبحسب مصادر الاستخبارات الإلكترونية، فقد شارك الجنرال الشاهي وبعض مرؤوسيه بصورة كبيرة في الهجمات الصاروخية والطائرات بدون طيار التي استهدفت منشآت نفط السعودية التابعة لشركة  أرامكو.

يشكل الوجود الواسع النطاق لحزب الله اللبناني  في اليمن مصدر قلق عميق لأجهزة المخابرات الإسرائيلية وحكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو, الذي سلط الضوء في الأشهر الأخيرة مراراً وتكراراً عن نشر إيران لصواريخ في اليمن, حيث تضع هذا الصواريخ من المملكة العربية السعودية و إسرائيل هدفاً نصب اعينها.

مصلحة تاريخية

أبدت تل ابيب اهتماما بالغاً باليمن منذ عقود, نظرا للموقع الجغرافي الاستراتيجي الفريد الذي تحتله, حيث تطل على الممرات المائية للمحيط الهندي والبحر الأحمر، بالإضافة إلى قربها من منطقة  القرن الافريقي واثيوبيا.

ووفقاً للتقارير، ففي ستينيات القرن الماضي، طلب جهاز المخابرات البريطاني “أم أي 6″ وقائد القوات الجوية البريطانية الخاصة السابق ديفيد سترلنج من الموساد الإسرائيلي مد يد العون للقوات الملكية في الحرب الأهلية في اليمن التي دار رحاها ضد الجمهوريين الذين تلفقوا الدعم من مصر”الناصريين”, وردا على ذلك، نظم سلاح الجو الإسرائيلي عمليات إنزال جوية للأسلحة إلى القوات الموالية للإمام البدر الذي خسر الحرب في نهاية المطاف.

وبعد حرب الأيام الستة في العام 1967, تم أنشاء العديد من المنظمات الفلسطينية مثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين “الإرهابية” بقيادة وديع حداد, كما تم أنشاء معسكرات تدريب وقواعد للعمليات في اليمن.

قررت تل ابيب تصفية حداد بدس السم له, بداعي تدبيره لعملية اختطاف طائرة “إير فرانس” التي كانت في طريقها من باريس إلى تل أبيب إلى عنتيبي في أوغندا في العام 1976، كما أنه كان مسئولا عن سلسلة من العمليات الخطيرة, حيث توفي في احدى مستشفيات ألمانيا الشرقية.

وفي الوقت نفسه، كانت السفن البحرية الإسرائيلية تبحر في المياه المحيطة باليمن لمراقبة ناقلات النفط الإيرانية إلى إسرائيل, وعلى الرغم من أن هذا الإمداد انتهى بقدوم الثورة الإسلامية في ايران في العام 1979, إلا أن الدوريات الإسرائيلية واصلت الإبحار في نفس المياه التي تستورد من خلالها النفط والبضائع من الهند والشرق الأقصى.

وفي الوقت الذي ارتفعت فيه وتيرة التنافس الإيراني السعودي خلال العقد الماضي، ازداد أيضا اهتمام إسرائيل باليمن, حيث ساعد اتساع الانشقاق بين الرياض وطهران علي تقوية التحالف السعودي الإسرائيلي, وفي المقابل تشكل المناورات الإيرانية في اليمن بعداً إضافيا لذلك.

قلق إسرائيلي

تبلغ المسافة الفاصلة بين دولة إسرائيل واليمن ما يقرب من 2000 كم، ولكن تهديدات الصواريخ الحوثية أصبحت بمثابة قضية أرقت مضجع “نتنياهو” بصورة متكررة, حيث عززت الحركة الحوثية من المخاوف التي تعتلي رئيس الوزراء الإسرائيلي, إذ قال وزير الدفاع اللواء محمد العاطفي  في الإدارة الحوثية قبل ثلاثة أسابيع من خلال لقاء أجرته معه قناة المسيرة التابعة للحركة الحوثية, إن قواته حددت سلسلة من الأهداف العسكرية الإسرائيلية التي يمكن أن يهاجموها, إذ لن يترددوا ولو دقيقة واحدة في تدمير هذه الأهداف, نظراً لمشاركة تل ابيب في حرب على اليمن والتي يقودها التحالف بقيادة الرياض.

وعلى الرغم من أنه لا يوجد دليل يذكر على أن الحركة الحوثية لديها القدرة على شن هجوم على بعد مئات الكيلومترات، إلا أن  إسرائيل ترى في اليمن مسرح آخر لمحاولات طهران في فرض الهيمنة الإقليمية.

تجد إسرائيل نفسها محاطة بكرة من النار والمتمثلة في الميليشيات الإيرانية والترسانات الضخمة التابعة لها في لبنان وسوريا والعراق واليمن.

وعلى الرغم من أن الاحتجاجات الشعبية التي جابت الشوارع في كلاً من لبنان والعراق تثير قلق طهران، فليس هناك ما يشير إلى أن عزيمتها العسكرية وطموحاتها الإمبريالية قد وهنت, حيث ولا يزال القادة الإيرانيون متحدين في الاعتقاد بأنه يجب دعم الجمهورية الإسلامية، كما لا يزال المرشد الأعلى يواصل جهوده لتوطيد المستقبل الصعب لبلاده.

* المقال تم ترجمته حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.