علاقات دافئة بين قطر والمملكة العربية السعودية
تم استأنف الاتصالات بين قطبي الأزمة الخليجية “الدوحة والرياض”، مما يوحي برفع وشيك للحظر المفروض على الإمارة الخليجية الصغيرة.
بقلم: فينسنت جيوريس
( صحيفة” ليكو-“lecho البلجيكية, ترجمة:أسماء بجاش-سبأ):-
هبت رياح دافئة على الأبراج الحديثة التي أقيمت في قلب العاصمة القطرية الدوحة, حيث ضجيج حركة المرور لا تهدأ كما لا يوجد موضع قدم شاغر في الفنادق, بمعنى أنه لا يوجد في العاصمة القطرية ما يوحي بأن المملكة العربية السعودية وثماني دول عربية أخرى مجاورة لها قد فرضت حصارا على الدولة الخليج الصغيرة منذ عامين, إذ وضعت الدول المذكورة قطر في قفص الاتهام, متهمتاً اياها بالحفاظ على العلاقات مع إيران وتمويل الإرهاب الجهادي.
تعمل الخطوط الجوية القطرية على مدار الساعة, ناهيك عن الجسر الجوي الذي تجاوز الحصار، حيث تم نقل المواد الغذائية الحيوية والسلع الكمالية إلى البلد, أضف إلى أن مواقع انتاج الغاز والنفط واصلت مسيراتها الإنتاجية كما كان في السابق.
خسرت قطر في الأشهر الأولى التي تلت الحصار ما بين 42 إلى 43 مليار دولار, واليوم، فقد أعطت المرونة التي انتهجتها الإمارة ثمارها, حيث أشار “جيرد نورمان” أستاذ العلاقات الدولية بجامعة جورج تاون في الدوحة إلى أن القطريون عملوا على إنشاء شبكة بديلة قامت بتنويع الاقتصاد وتطوير القطاع الزراعي, مما جعلهم مكتفين ذاتياً.
ذوبان الجليد الدبلوماسي:
هل أصبحت أيام الحصار معدودة؟ ففي الأسابيع الأخيرة، ارتفعت وتيرة الاتصالات السرية الدائرة بين السلطات القطرية ونظيرتها السعودية, حيث نتج عن هذا النشاط، في 10 ديسمبر الماضي، زيارة لرئيس الوزراء القطري عبد الله بن خليفة آل ثاني إلى الرياض لحضور قمة مجلس التعاون الخليجي, وكان في استقباله الملك سلمان بن عبد العزيز شخصيا, فقد كانت البسمة تعتلي محياهما, وكأن شيئاً لم يحدث.
فهذه الزيارة مهمة للغاية, حيث كان هناك تغيير حقيقي، وبحسب جيرد نورمان, فقد جرت مناقشات مكثفة في الأشهر الأخيرة, إنه لأمر مهم.
كشف مقال لصحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية, أن وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني قد قام في أكتوبر “بزيارة وصفت بالسرية […] للقاء كبار المسؤولين السعوديين”.
غير أن هذا لا يعني أن العلاقات قد عادت إلى طبيعتها, حيث أن أمير دولة قطر لم يلبي دعوة الملك سلمان لحضور قمة دول مجلس التعاون الخليجي, وفي اليوم نفسه كان في العاصمة الرواندية كيغالي, حيث كرم الفائزين بالنسخة الرابعة من “جائزة الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الدولية للتميز في مكافحة الفساد”.
عرج جيرد نورمان على أن البالية الدبلوماسي أعطى بصيص أمل لاح في سماء الأزمة الخليجية, حيث يمكن أن نتحرك نحو تخفيف التدابير, ومن جانبها, تطالب قطر بإعادة فتح المجال الجوي والبري”.
قال مصدر أن المراقبين الآخرين أن رفع الحصار أصبح قريباً ويمكن أن يكون في الأسابيع المقبلة, ومن المحتمل أن يكون نهاية العام”, لنرى ماذا سيحدث.
إن أول من سوف يستفيد من رفع الحصار هم السكان المدنيون, حيث ألقى هذا الحصار بظلاله على العلاقات الأسرية والودية التي لطالما جمعت بين سكان منطقة الخليج.
فذوبان الجليد بين قطبي الازمة الخليجية أصبح واضح للعيان, فبينما كنا نحضر لمؤتمر المنظمة العالمية للبرلمانيين ضد الفساد 2019Gopac” “، تم تشكيل وفد من الحكومة السعودية أمامنا، ولم نهمل أي شيء من المناقشات, وبحسب أحد الشهود: “أن حركة السعوديين إلى قطر أصبحت أكثر فأكثر كثافة بسبب الأحداث الرياضية والدبلوماسية”.
أسباب رفع الحصار:
يتوقف رفع الحصار على الامتثال لثلاثة عشر شرطاً التي وضعتها دول التحالف بقيادة الرياض: إغلاق شبكة قنوات الجزيرة الفضائية، إنهاء العلاقات مع طهران، وإغلاق قاعدة الريان العسكرية التركية المتواجدة على الأراضي القطرية وإنهاء التعاون العسكري القطري مع تركيا ووقف تمويل الجماعات الإرهابية مثل حركة حماس أو جماعة الاخوان المسلمين أو استيعابها.
أردف جيرد نورمان حديثه, بأن النقاط الـ 13 لن يتم تنفيذها حيث لن تغلق قناة الجزيرة هذا من ناحية, ومن ناحية أخرى فهم يفكرون في كيف يمكن لكل جانب منهما أن ينقذ ماء وجهه كما أن قطر لن تصنف جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية, ومن ناحية أخرى، يمكن للسلطات القطرية أن تصدر بياناً تلزم فيه الجماعة بعدم القيام بأي أنشطة أخرى أو على الأقل بعض الأنشطة على الأراضي القطرية, وسيتم خفض تأثيرها، مثلها في ذلك مثل قناة الجزيرة.
كما ينبغي على الدوحة أيضا أن تقدم تأكيدات بأنها لن تتدخل في شؤون البلدان الأخرى.
تتعرض المملكة العربية السعودية من جانبها، لضغوطات من الإدارة الأمريكية لرفع الحصار في أقرب وقت ممكن, ناهيك عن فقدان الرياض لمصداقيتها منذ شن الحرب على اليمن ومقتل الصحفي والمعارض جمال خاشقجي, ولهذا يريد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، تحسين الصورة العامة للمملكة.
ومع اقتراب موعد كأس العالم 2022, لن يرغب السعوديون، الذين ما زالوا يسافرون بأعداد كبيرة إلى قطر اليوم لمتابعة المسابقات الرياضية في تفويت هذا الحدث العالمي بأي حال من الأحوال.
الرقابة المالية:
إن تمويل الإرهاب بالنسبة لدولة قطر قضية شائكة, حيث تقول إنها لم تعمل على تمويل أبدا جماعة إرهابية.
وفي الواقع، فقد ذهبت الأموال القطرية للمنظمات في سوريا وليبيا التي فقدت السيطرة عليها.
ويختم جيرد نورمان حديثه: “صحيح أن الأموال ذهبت في الطريق غير المخصص لها, وفي المقابل تدرك قطر أنها ارتكبت أخطاء حيث وضعت ضوابط صارمة للغاية علي التدفقات المالية, وهذا التحكم أصبح بمثابة أحد مفاتيح رفع الحصار, كما تزعم قطر أنها لم يكن لديها أي أجندة إسلامية, مضيفاً انها لم يكن لديها ايضاً قط أي اتصال مع تنظيم القاعدة أو الدولة الإسلامية, فهي تنتهج المذهب البراغماتي وخلال ثورات الربيع العربي، دعموا الجماعات على أساس المعايير الديمقراطية، كما عدلوا أيضا من رؤيتهم السياسية “.
* المقال تم ترجمته حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.