محاكمة جناة العدوان مطلب أمام القضاء البريطاني
بقلم: ريتشارد هول
(صحيفة “الإندبندنت” البريطانية، ترجمة: نجاة نور– سبأ)
تقدمت عائلة رجل قُتل في غارة جوية سعودية في مجلس عزاء في اليمن بطلب لدائرة القضاء في العاصمة البريطانية لندن للتحقيق في التفجير المميت، والذي قد يودي إلى إمكانية ان يتم محاكمة الجناة في محكمة بريطانية.
كان محمد علي الرويشان من بين 137 مدنياً قُتلوا في غارة جوية عام 2016 استهدفت مجلس مراسم عزاء مكتظة بالحضور في قاعة تجمع بالعاصمة اليمنية صنعاء.
وبعد أن أنكرت المملكة العربية السعودية مسؤوليتها عن الغارة الجوية في البداية، إلا أنها اعترفت في النهاية بالخطأ واعتذرت.
في واحدة من الحالات الأولى من نوعها، تسعى عائلة الرويشان الآن إلى محاكمة الأشخاص الذين يقفون وراء تلك الضربة في المحاكم البريطانية باستخدام قوانين الولاية القضائية الدولية والتي تنطبق على الجرائم الدولية الخطيرة.
قدم المحامون الذين يمثلون ثلاثة أفراد من العائلة شكاوى إلى قيادة شرطة مكافحة الإرهاب في المملكة المتحدة ووزارة العدل الأمريكية, وفي حالة وجود أدلة كافية لاعتقال المتهمين، فسيخضعون للمحاكمة في كلا البلدين.
قال رودني ديكسون وهو المحامي الموكل عن أفراد أسرة الضحية: “يسمح القانون بمحاكمة بعض الجرائم الدولية الخطيرة بصرف النظر عن مكان ارتكابها، ومن هو الجاني وما هي جنسيته”, وأضاف “إنها قضية مهمة للغاية، بالنظر إلى شهرة الهجوم، وحقيقة أن السلطات السعودية قد اعترفت بمسؤوليتها عن الهجوم”, أن الشكوى تضم بعض اسماء المشتبه بهم, ونود أن يتم التحقيق معهم، وندعو الشرطة إلى تحديد أشخاص آخرين متورطين في الغارة الجوية.
من جانبها, وصفت هيومن رايتس ووتش القصف بأنه “غير متناسب بشكل غير قانوني” وحددت نوع الذخيرة المستخدمة وهي قنبلة «جي بي يو – 12بايفواي 2» موجهة بالليزر أمريكية الصنع.
كانت قاعة العزاء مزدحمة بمئات الأشخاص، بمن فيهم الأطفال، عندما تعرضت للهجوم.
ذكر أحد الشهود لمنظمة حقوق الإنسان: “عندما وصلت إلى مجلس العزاء، كان هناك أكثر من 50 جثة محترقة، الكثير من الجثث كان لا يزال البعض منها يمكن التعرف على ملامحها، كما أن بعض الجثث قد احترق نصف جسدهم أو الرأس قد انفصل تماما، والبعض الآخر كان من الصعب للغاية التعرف عليهم”.
يمثل المضي في القضية محاولة قانونية لمحاسبة التحالف الذي تقوده السعودية على ما وصفته منظمات حقوق الإنسان بأنه شكل من اشكال جرائم الحرب في البلد.
البحث عن ناجين تحت أنقاض المنازل في احد المواقع الاثرية المدرج في قائمة اليونسكو للتراث العالمي في مدينة صنعاء القديمة, في يونيو 2015 بعد غارة جوية ليلية بقيادة السعودية.
تدخلت الرياض في الحرب الأهلية في اليمن عام 2015 لإعادة حكومة عبد ربه منصور هادي المعترف بها دولياً، والتي أطاح بها الحوثيين الذين تدعمهم إيران.
اتهمت الأمم المتحدة التحالف الذي تقوده السعودية “بضربات واسعة النطاق ومنهجية” ضد أهداف مدنية.
كما اعترف التحالف بالتسبب في وقوع إصابات بين المدنيين في الماضي، لكنه يبرر ان الوفيات بسبب “أخطاء غير مقصودة” ويقول إنه ملتزم بالقانون الدولي.
إلى جانب الولايات المتحدة، لعبت المملكة المتحدة دوراً رئيسياً في دعم الحملة العسكرية للتحالف ضد الحوثيين – الذين تم اتهامه هو الآخر من قبل الأمم المتحدة أيضاً بارتكاب جرائم حرب.
وتأتي هذه المحاولات للمسألة القضائية في الوقت الذي تتعرض فيه المملكة المتحدة لضغوط متزايدة على بيع الأسلحة للسعودية.
حالياً، تستعد الحكومة البريطانية للرد على حكم محكمة الاستئناف الذي أجبرها على تجميد مبيعات الأسلحة البريطانية للسعودية بينما تعيد النظر فيما إذا كان تم استخدامها لانتهاك القانون الإنساني الدولي.
خلصت المحكمة في يونيو المنصرم إلى أن الحكومة “لم تقم بتقييمات نهائية حول ما إذا كان التحالف الذي تقوده السعودية قد ارتكب انتهاكات للقانون الإنساني الدولي في الماضي، أثناء النزاع في اليمن، ولم يقم بأي محاولة للقيام بذلك.”
تم تقديم الشكاوى الجنائية نيابة عن عم الرويشان، المواطن نبيل الجباري والذي يحمل الجنسية البريطانية, وعبد الله الرويشان الذي يحمل الجنسية الامريكية، وآخر يدعى خالد علي صالح الرويشان.
تطالب الشكاوى أنه يجب التحقيق مع المسؤولين السعوديين واليمنيين المسؤولين عن التفجير في 8 أكتوبر 2016 “بسبب جرائم التعذيب وكذلك القتل المتعمد، والتسبب في معاناة كبيرة أو إصابة خطيرة بالجسم أو الصحة النفسية، مما يجعل السكان المدنيين هدف للهجوم، وشن هجوم عشوائي يؤثر على السكان المدنيين أو المناطق المدنية مع العلم أن هذا الهجوم سوف يتسبب في خسائر فادحة في الأرواح أو إصابة مدنيين.”
وقال بيان للفريق القانوني للعائلة إن الأدلة تُظهر “أن الهجوم أسفر عن إلحاق ألم شديد ومعاناة جسدية وعقلية، للسيد محمد علي الرويشان والعديد من القتلى والمصابين في الهجوم.”
لقد نجا من الهجوم الأشخاص الذين كانوا خارج مجلس العزاء عندما تم القصف، إلا أن العديد من الذين قتلوا في الهجوم لقوا حتفهم بسبب الحريق.