بقلم:وائل عواد*

(صحيفة: فايننشال اكسبرس الهندية الناطقة بالانجليزية- ترجمة: انيسة معيض- سبأ)

دخلت الحرب على اليمن عامها الخامس، ومات الآلاف، والملايين من الناس يكافحون من أجل البقاء على قيد الحياة وكيف سيؤثر هذا الصراع على غرب آسيا, الوقت فقط من سيخبرون بذلك.

إن الهدف من ذلك بسيط: يتمثل في جعل اليمن دولة فاشلة والسماح “بالتدخل الإنساني الأجنبي” من قبل الجناة أنفسهم.

حرب اليمن، مثلها مثل أي حرب، تعتبر كارثة. في الواقع، لن يكون من الخطأ اعتبارها جريمة القرن وواحدة من أسوأ الكوارث في القرن الحادي والعشرين.

وبالنسبة للأشخاص الذين يعانون، فإنهم شعبها المحب للسلام، للأسف يعد اليمن ايضاً واحداً من افقر البلدان  في المنطقة، ويعاني الآن من الفظائع والقتل الذي يرتكبه التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية, والأسوأ من ذلك هو حقيقة أن هذه الحرب على اليمن قد ادت إلى استقوى تنظيم القاعدة وزيادة انتشاره في المنطقة العربية. عندما يقول خبير اقتصادي أمريكي: “نحن من يستطيع رفع سعر النفط إلى 150 دولاراً وخفضه إلى 15 دولاراً للبرميل وسنعيد العرب إلى عصر الإبل”، فإنه يجعل من السهل فهم التوتر في الخليج الفارسي.

من باب المندب في البحر الأحمر إلى مضيق هرمز في الخليج الفارسي، إن الهدف هو السيطرة على تدفق التجارة العالمية والنفط. ربما لم تعد الولايات المتحدة تنقل كميات كبيرة من النفط من هذه المنطقة، لكنها من مصادر القوة الأمريكية ولن تسمح لأي دولة بالسيطرة عليها حتى لو كان ذلك يعني استخدام الأسلحة النووية.

في الواقع، كان ذلك التحذير الذي وجهه الرئيس الأمريكي في الستينيات لنظيره السوفيتي ولم يتغير منذ ذلك الحين.

تتربع اليمن على بحيرة من النفط غير مستكشفة، وأهميتها الجيوسياسية تجعلها هدفاً للدول المهتمة للمهيمنة على السيطرة على ممر باب المندب أو بوابة الدموع.

بالمعنى الحقيقي، فهي تربط خليج عدن بالبحر الأحمر، حيث يمر 15٪ من التجارة العالمية و 12٪ من تجارة النفط العالمية. وتتمثل خطة القوى الكبرى في بناء جسر بين جيبوتي وخليج عدن.

دور المملكة العربية السعودية

يتم تنفيذ الإبادة الجماعية التي تقودها السعودية في اليمن من قبل ولي عهدها محمد بن سلمان, بناء على أمر من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.

تدعم الولايات المتحدة والغرب النزاع من خلال تزويدها بالقنابل المحظورة. منذ بدء الحرب، تم بيع حوالي 20 مليار دولار من الأسلحة. الهدف المعلن هو هزيمة المتمردين الحوثيين والجيش اليمني المدعوم من إيران.

ومع ذلك، فإن تكلفة الحرب تجعل من المستحيل على الرياض وأبو ظبي مواصلة هذا الأمر حيث لا يوجد منتصر واضح. على الرغم من القصف الجوي وعدد القتلى  معظمهم من المدنيين، فقد توصلوا إلى نتيجة مفادها أن الانسحاب في منتصف الطريق يتطلب الشجاعة. لا يمكنهم تحمل حرب طويلة والاستخفاف بالقوة اليمنية.

لذلك فإنه بدون قوات برية، من المستحيل كسب الحرب في اليمن. إن القوات البرية المرتزقة الذين استأجرهم التحالف بقيادة السعودية غير راغبة في البقاء في ميادين القتل، وبالتالي لا فائدة من حرب لا نهاية لها.

تم جر الإمارات العربية المتحدة إلى المستنقع. ساعدت هذه الحرب فقط تنظيم القاعدة الإرهابي على اكتساب الأرض ونشر منطقة نفوذه في شبه الجزيرة العربية، والتي ستكون في نهاية المطاف كارثية على المنطقة، وخاصة عندما عززت المنظمة الإرهابية نفوذها في اليمن ببعض الدعم المحلي والكراهية لدى السكان للولايات المتحدة ورعايتها.

وفقاً للعديد من التقارير، يمر اليمن بأحد أكثر الأزمات الإنسانية كارثية منذ عام 1945.

لماذا يتحمل المدنيون وطأة أزمة من صنع الإنسان بامتياز, الأزمة التي تسببت في المجاعة وتفشي وباء الكوليرا، حيث يموت الأطفال بكثرة بسبب الجوع، وأزمة الغذاء، وأزمة المياه والنظافة، وسفك الدماء، والاقتصاد المشلول ونقص الوقود؟

من العار على المجتمع الدولي السماح لهذه الحرب بالاستمرار ويترك الجناة احراراً ولا يتحملون مسؤولية جرائمهم ضد الإنسانية.

إنهم يزودون المملكة العربية السعودية بأسلحة محظورة تلك الاسلحة التي تستهدف المدنيين.

المفارقة هي أن من يسمون بأبطال حقوق الإنسان لا يقولون شيئاً ضد بيع الأسلحة المحظورة التي تستخدم على نطاق واسع لقتل أعداد هائلة من المدنيين!

الولايات المتحدة وحلفاؤها يشعرون بخيبة أمل بسبب فشل حلفائهم في الفوز في الحرب، وبالتالي يتحدثون الآن عن الفظائع المرتكبة ضد اليمنيين الأبرياء ويريدون الانسحاب من الدعم الرياض.

هذا جنون. الرأي العام في هذه البلدان يعارض تساهل حكوماتهم ودعمها لهذه الحرب.

لقد ايقضت الصور لمئات الآلاف من المدنيين الذين قُتلوا والأطفال الذين يعانون من سوء التغذية وانتقال الأمراض المعدية بين الفقراء في اليمن ضمائرهم أخيراً لاستجواب حكوماتهم حول فائدة هذا الفوضى التي تتجاوز الربح المجني من بيع الأسلحة.

الولايات المتحدة وحلفاؤها قلقون من أن الشعب اليمني سيزيد من نجاحه العسكري في عمق السعودية ومن المرجح أن يهدد مصالحهم في الدولة الغنية بالنفط بعد استهداف المنشآت النفطية والمطارات السعودية, ومن هنا يبحثون عن حل سلمي بسبب تعرض مصالحهم الإستراتيجية للخطر!

التأثير العالمي:

سيكون انتشار الحرب إلى  الخليج الفارسي كارثة لأصحاب المصلحة والأشخاص الذين يعيشون هناك. ستكون حرباً شاملة ولن تكون أي منطقة بمنى عن القصف.

التحدي للهند:

بالنسبة للهند، يمثل هذا تحدياً لا يمكن التخلص منه مع الأخذ في الاعتبار الأمن النفطي و 8 ملايين مغترب يعيشون في المنطقة بأكثر من 80 مليار دولار من التحويلات الواردة سنوياً. إنه يتطلب تحركاً سريعاً من نيودلهي لإنشاء نظام أمني إقليمي لمنع التصعيد وضمان السلام والهدوء.

هجوم طائرات بدون طيار على مصافي النفط السعودية:

يثير “الهجوم الغامض” على حقول النفط السعودية العديد من الأسئلة التي لم تتم الإجابة عنها: من قام بذلك؟ وحتى طائرة F-35 الإسرائيلية القادرة على التخفي لم تستبعد.

ما تعرفه الولايات المتحدة وحلفاؤها في حلف الناتو، لم يتم تقاسمه معنا، لكنه قد يغير من نمط الحرب.

تحاول الولايات المتحدة السيطرة على منشأة إنتاج النفط السعودية وحشد الحلفاء لمهاجمة إيران بعد إخفاقات متكررة في القيام بذلك. في اللحظة التي وقع فيها الهجوم على مصافي التكرير السعودية، وضع البيت الأبيض اللوم بشكل مباشر على إيران ويريد من الحلفاء والدمى السياسية دعم مطالبتها حيث لا يوجد دليل يدعمها.

اليمن هي أرض السلام والسعادة. لن ينسى الناس الأخطاء السعودية وسيجعلونهم يدفعون ثمنها.

سوف يستغرق شفاء جراح الشعب اليمني وقتاً طويلاً. نحتاج إلى وقف هذه الحرب على الفور ووضع حد لمعاناة الشعب اليمني.

لقد دمر التحالف الذي تقوده المملكة السعودية اليمن، البلد الاثري وصاحب الحضارة العريقة قديماُ، لكنه فشل في هزيمة إرادة الشعب وكرامته.

*وائل عواد:صحفي معروف عالمياً وخبير