معلومة للمرتزقة عن قواعد الموت
محمد محسن الجوهري*
يؤمن المرتزقة في اليمن بأن للموت مسارًا واحدًا يبدأ من جهتهم وينتهي إلى جهة خصومهم؛ فهم يبتعدون عنه كما يظنون. ومما يعزز ذلك الاعتقاد هو وقوفهم في صف واشنطن وتل أبيب؛ فهم يرون في الكيانين قوةً عُظمى تفوق قوةَ الله العزيز الجبار، ولذلك لا تراهم يؤمنون بالحقائق القرآنية التي تتحدث عن طبيعة الصراع مع أهل الكتاب وتحرم على المسلمين مودتهم والموالاة لهم.
والحقيقة أن للموت رحى إذا دار قطبها دارت على الجميع بلا استثناء، وعلى كل طرف أن يوطن نفسه لهذه الحقيقة وأن يستعد للقاء الموت والرحيل عن هذه الدنيا. ولو كان للمرتزقة مثل هذه العقيدة لما تنكّروا للتوجيهات الإلهية وكفروا بها؛ فهم يرون أنفسهم مخلّدين في هذه الحياة وليس في حسبانهم أي حديثٍ عن الموت حتى اليوم الذي يواجهون فيه رجالَ الرجال بساحة المعركة، عندئذٍ فقط يؤمنون بقرب النهاية، وأن لعبة الموت لا تستثني أحدًا، وأن هم الطرف الوحيد الذي لم يستعد للقاء الله ولم يكن يؤمن بثقافة الشهادة.
وبالرجوع إلى القرآن الكريم سنرى الله يطمئن المؤمنين بحقائق ثابتة عن الصراع؛ أولها أن العدو يألم كما يألمون، وأن القرح الذي يصيبهم قد يصيب عدوهم بأضعاف ما هم عليه، والآيات عن ذلك كثيرة.
فالموت مكتوب على الجميع وسيدرك الإنسان أينما كان توجهه، لكنه بالنسبة لأهل الحق فرصة لحياةٍ أخرى أبدية. وقد بشر الله أهل الحق أيضًا أن عدوهم سيصيبه ما أصابهم وربما بأضعاف، وما عليهم سوى الصبر عند اللقاء والاستمرار على الصراط المستقيم المطابق لكتاب الله الكريم. كما أنبأهم عن طبيعة الحرب النفسية وحجم الأذى النفسي الذي سيسمعونه من الكفار ومن أهل الكتاب على وجه الخصوص، وأن الصبر على ذلك هو الحل لتلاشيه. أما عن نفسية العدو فهي تخشى الموت أيَّما خشية، وسيتجلى لها ذلك عند اشتداد وطأة الصراع. وقد رأينا في اليمن كيف بدأ المرتزقة خيانتهم بتأييد سطحي لتحالف العدوان مقابل بعض المكاسب والامتيازات المادية، لكن الأمر انتهى بإجبارهم على خوض الصراع بأنفسهم والدخول في معركة ليست معركتهم، كلفتهم الكثير من الخسائر الفادحة في الأنفس والأموال.
وحتى عفاش نفسه لم يكن يؤمن بحقيقة الموت وأن للصراع قواعد إلهية، ولذلك عمد إلى تفجير الوضع في صنعاء في ذكرى اليوم الوطني للإمارات بعد أن حسب كل حساباته المادية وتجاهل حسابات الله، فكانت النتيجة فشل الرهان على آل زايد والصهاينة من خلفهم، ووجد نفسه أمام حقيقة الصراع التي تشمل الموت كاحتمالٍ أساسي. وعندما أدرك ذلك فرّ من المواجهة، وكان قدرًا أن يموت مُدبَّرًا بعد أن أيقن بالخسران في الدارين وخيانة كل شركائه في الداخل والخارج.
وكذلك الحال بالنسبة لشركاء الخيانة من سائر الأطراف الأخرى، إلا أن مأساة خونة الجنوب هي الأكبر على الإطلاق؛ فالوعود الإماراتية لهم ببناء اقتصاد قوي في الجنوب يضمن لهم عيش الرفاهية المطلقة استحال إلى كابوس مرعب ومصائد للموت بالجملة في الشمال، ولا مجال للمقارنة بين حجم المأمول وحقيقة الواقع في أطماعهم، فالفارق يتجلّى في حجم الإحباط والفوضى الأمنية وانهيار الوضع المعيشي في محافظاتهم.
بالمقابل سنجد رجالَ الرجال يبرزون للموت وهم يتمنونه، وهذه هي نظرةُ القرآن الواقعية للحياة: أمةٌ تتمنى لقاءَ الله وتقاتل في أشرف قضيةٍ ضد حزب الشيطان بقيادة الغرب الكافر. وبالتالي فليس في درب الأنصار أيُّ خسارةٍ، وإنما مسار متصاعدٌ بالانتصارات حتى لقاء الله، ولهذا ترى أن نفسهم في الصراع طويلٌ ولا أمل للعدو أن ينال منهم؛ فالنيل منهم من المستحيلات، فسنةُ الله أن يُبعَث على أعدائه من يُسومهم سوءَ العذاب إلى يوم القيامة.
* المقال يعبر عن رأي الكاتب

