رجال غزة.. ملوك إعادة التدوير
محمد محسن الجوهري*
من الأمور المرعبة للعدو الصهيوني بعد وقف إطلاق النار في غزة هو مصير المخلفات التي تركها الجيش الصهيوني خلفه هناك، سواءً ما غنمها مجاهدو القطاع بشكل مباشر أو تلك التي لم تنفجر وباتت تشكل رقماً مهماً في مستقبل الصراع، ففي غزة لكل تفصيل بيد العدو قيمة عملية لدى الأبطال وقد يجعلوا منها وسيلة إضافية لإماتة العدو وجنوده.
مؤخراً، وأثناء تسليم الأسرى، فاجأ مقاتلو القسام الإعلام الصهيوني بعدد البنادق الإسرائيلية التي بحوزتهم، خاصة بندقية "تافور" السلاح الرسمي لأفراد الجيش الصهيوني، وعدد البنادق يعني عدد القتلى من العدو، من جهة، ومؤشر على ضعف معنوياتهم وسهولة انتزاع السلاح من قبضتهم، وفي الحالتين هناك بطولات فلسطينية يقابلها هزائم بالجملة للصهاينة.
وإذا كانت مجاميع الصهاينة المسلحة والمدربة قادرة على إرعاب النساء والأطفال بجدارة إلا أنها تتحول إلى نساء عند مواجهتها لرجال الرجال، فهناك عقيدة جهادية قادرة على توظيف كل شيء ضد العدو، وحتى السلاح الذي بحوزته تحول إلى مصائد للموت يتساقط فيها جنود العدو يومياً حتى تجاوزت الأرقام العشرين ألف ما بين صريعٍ وجريح، ناهيك عن الإصابات النفسية التي يُقدر ضحاياها بمئات الآلاف.
ولك أن تتخيل، أن جولات الصراع السابقة بين رجال غزة والعدو خلفت من النفايات العسكرية ما يكفي لحصد تلك الأرقام رغم أنها جولات قصيرة جداً بالمقارنة بحرب العامين، وهذا يكشف أن لدى المقاومة اليوم مخزون هائل من المتفجرات يكفي لأعوام أخرى قادمة، ما يعني أن أرقام الضحايا ستتضاعف هي الأخرى، وقد ظهرت بوادر إعادة التدوير حتى خلال العمليات الأخيرة، سيما تلك التي حملت عنوان "بضاعتكم ردت إليكم".
وكل ذلك يكشف عظمة العقيدة الجهادية، وكيف أن الإسلام قادر على تربية جيل لا يعرف الهزيمة، فالمجاهد لا يتسول النصر من الآخرين بل يصنعه بنفسه، وهذا ما رأيناً أيضاً في عدوان السنوات الثمان على اليمن، والمقارنة بين حجم التسليح بين العام الأول واليوم تؤكد أن الشدائد تصنع الرجال وتضاعف أعدادهم، وأن لا خوف على أمة أنجبت مثل هؤلاء الشرفاء.
وهنا نتذكر عظة الشهيد الغماري رضوان الله عليه، فقد كان المسؤول الأول عن التصنيع العسكري للقوات المسلحة اليمنية، واستطاع أن يستغل كل الإمكانات المتاحة لإنتاج وسائل الموت التي أرعبت العدو وأجبرته على التراجع من عدوانه، وكان لها الدور الأبرز في التنكيل به وبمرتزقته طيلة السنوات الثمان.
وما رأيناه حتى اللحظة هو ثمار للسنوات الأولى من التصنيع العسكري، أما الأخيرة فالا تزال حبلى بالمفاجأة التي من شأنها كسر شوكة العدو وربما كسر ظهره إلى الأبد، والأيام المقبلة ستشهد إنجازات نوعية كماً ونوعاً، وستتمكن من تحقيق التوزان بيننا والعدو وحتى نتمكن من مواجهة الموت بالموت والإبادة بالإبادة، وحتى يتحقق لنا وعد الآخرة الذي تنتظره كل الأمة ويعلم أحرارها ارتباطه باليمن فهم رجال الله أولوا البأس الشديد.
* المقال يعبر عن رأي الكاتب

