ياسر أبو شباب... ظاهرة يُراد لها أن تطغى
محمد محسن الجوهري*
حين نتأمل تاريخ الأمة نجد أن وجود المنافقين والخونة ليس أمرًا طارئًا، بل سنة ماضية في المجتمعات منذ فجر الدعوة. فقد شهدت المدينة المنورة نفسها، وفي حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فئةً من المنافقين الذين تظاهروا بالإسلام بينما كانوا يعملون ليل نهار على تمكين اليهود والمشركين من المسلمين، حتى فضحهم الله في كتابه العزيز.
ومن هذا المنطلق، لا عجب أن تتكرر الظاهرة في كل زمان، وإن اختلفت الأسماء والأقنعة. فما نراه اليوم من تحركات المدعو ياسر أبو شباب ومجاميعه في غزة ليس سوى امتداد لذلك التيار النفاقي الذي يسعى دائمًا إلى تشويه الصفّ المؤمن من الداخل، وتمهيد الطريق لأعداء الأمة باسم الواقعية أو المصلحة أو التهدئة.
الجديد في الأمر، أن التيارات النفاقية تمكنت من الهيمنة على مناطق متفرقة من البلاد الإسلامية مستغلة حالة الفرقة والشتات، وتقدم نفسها بأنها الصوت الفعلي للأمة، وتريد لسائر الأقطار الأخرى بأن تحذو حذوها في العمالة فتراها تدعم كل الخونة ليكونوا على رأس السلطة في أوطانهم، مستغلين الإمكانيات الهائلة التي وفرتها الطفرة النفطية والدعم الغربي، وهي بدون شرعية الخارج لا تمثل شيئاً على الأرض، ولنا في غزة خير شاهد وخير برهان.
أما عن إخوان ياسر أبو شباب فكثيرون، وهم الحكام في أغلب البلاد العربية، وفي حال سقط حكمهم على يد الشعب تداعى الطغاة والمجرمون لإسنادهم كما نرى في اليمن، حيث يصطف الخونة والمطبعون لإسناد إخوانهم في الخيانة وحتى يبقى اليمن تحت الوصاية الأجنبية ورهم حماية المطبعين، وهذه الإرادة لا تمثل الشعب اليمني الذي وقف ثائراً ضدها وقرر الوقوف في صف الشرفاء من أبناء الأمة الإسلامية ومساندة قضاياه المركزية وأولها فلسطين، ومن شذ عن هذا الطريق فهو نسخة أخرى من أبو شباب غزة، وإن تضافرت جهود العالم الغربي لدعمهم وتلميع صورتهم أمام الرأي العام.
ولا حل لدحر هؤلاء إلا بالقوة والجهاد، فهم في الواقع أضعف بكثير مما يبدون عليه في الإعلام، وقد رأينا كيف تلاشوا في اليمن وفروا من المعركة سريعاً لأنهم لا يمثلون الحق ولا الشعب اليمني، وإنما هم امتداد لمصالح الأعداء في اليمن، وحتى الدعم العسكري الفائق لم يفلح في إعادة تمكينهم من رقاب الشعب والجولة القادمة من الصراع ستكون وبالاً عليهم إذا ما قرروا الدخول في المعركة لإسناد "إسرائيل" في عدوانها على الشعب اليمني.
وقد نجحت غزة وطوفانها المبارك في فضح عملاء اليمن كما فضحت عملاء فلسطين، وها هم اليوم يساندون الصهاينة في كل تحركاتهم ضد الشعب اليمني المسلم، وما يقوله إعلامهم يكفي لفضح عقائدهم ومواقفهم، ومن العار أن يعود هؤلاء لحكم الشعب اليمني بعد أن ثار عليهم ولفضهم كما يلفظ البحر الجيف.
وفي كل الأحوال، على الشعب اليمني أن يبقى هو الحكم والمرجع: من وقف مع قضايا الأمة واستنهض الضمير العام لا يُقاس بمظاهر القوة المؤقتة، بل بثباته ونقاء مشروعه. ومن انحرف عن هذا الطريق وأصبح بوقًا لأعداء الأمة فسيجد نفسه عاجزًا عن الصمود أمام موجة الرفض الشعبي والسياسي، مهما أنفقت عليه قوى الخارج.
* المقال يعبر عن رأي الكاتب

