الثقافة القرآنية هي جوهر الإسلام
السياسية || محمد محسن الجوهري*
الإسلام هو دين الله الذي لا دين عنده سواه، ومعناه التسليم لله تسليماً مطلقاً، كما كان أنبياء الله جميعاً في علاقتهم بالله، فنبيّ الله إبراهيم سلّم لله عندما أُمر بذبح ابنه، وكذلك فعل الذبيح إسماعيل عليهما السلام. وعليه، فإننا ملزمون بترك أهوائنا واجتهاداتنا الشخصية جانباً، والتوجّه إلى الله، والقبول بدينه وتعليماته كما هي، ولو خالف ذلك هوانا ومصالحنا الشخصية أو القومية.
ولأن الله لا يأمر عباده إلا بما هو مستطاع، فقد ألزمهم بمنهجٍ ثابت، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وليس في هذا المنهج أي فرائض أو عبادات فوق طاقتنا. بل على العكس تماماً، فإن المخالفة لكتاب الله هي الهلاك بعينه. ولهذا، تنحدر الأمة الإسلامية من سيئ إلى أسوأ، وبين يديها القرآن الكريم، ولو أنها التزمت بتوجيهاته لسادت على سائر الأمم، ولكانت سيادتها تلك لصالح البشرية وحمايتها من الضلال، الذي مصدره أعداء الله، وأولهم اليهود، المغضوب عليهم بنص القرآن الكريم.
أي أننا أمام مصدرين للتثقيف لا ثالث لهما: إما كتاب الله، والخير كل الخير في اتباعه، أو الثقافة الشيطانية التي يروّج لها اليهود وأهل الكتاب عموماً، وفي ذلك الخطر الكبير على المسلمين وعلى الإنسانية جمعاء. وما نراه من مفاهيم وشذوذ فكري واسع في هذا العالم، فإنه حصيلة التثقيف اليهودي من جهة، وانحراف المسلمين عن التثقيف الإلهي ونشره بين الناس، من جهةٍ أخرى.
وكما أن للثقافة الباطلة أتباعاً يروّجون لها في العالم ويقدّمونها على أنها السبيل الأنسب والأوحد لنجاح البشرية، فإن للحق أيضاً دعاته وورثته. وكل هذه التفاصيل في سورة الفاتحة التي أُمرنا بتلاوتها عشرات المرات يومياً، فإما الصراط المستقيم وورثته الذين أنعم الله عليهم بمعرفة الحق، أو المغضوب عليهم والضالين، ممن انحرفوا واتّبعوا أهواءهم الشيطانية.
ولأن للحق وجهًا واحدًا، وثقافة واحدة مصدرها القرآن الكريم، فلا يمكن لاثنين من المسلمين أن يختلفا على الإطلاق، ولو كان كل واحدٍ منهما في أقصى الأرض. أما إذا تعددت مصادر التثقيف، فستختلف الأمة، حتى لو اجتمعت في مكانٍ واحد. وبما أن الله قد أمرنا بالوحدة والاعتصام بدينه، فإن الحكمة أن نلتزم بمنهجه حصراً، وأن نبتعد عن المشارب العقدية الأخرى، فكل صراع مسلّح خلفه خلاف ديني بدأ على شكل حوار، وانتهى بالاحتكام إلى السيف.
وفي هذا العصر، أكرمنا الله بمشروعه القرآني العظيم، الذي قاده السيدان حسين وعبدالملك بدرالدين الحوثي، رضوان الله عليهما، وقد صحّحا الكثير من المفاهيم والثقافات المغلوطة المخالفة لكتاب الله. ولو أننا تأملنا ملازم الشهيد القائد ومحاضرات السيد عبدالملك، لما رأينا بينها خلافاً مع الدين، فدعوتهم تتمحور حول الرجوع إلى كتاب الله، والقيام بمسؤولياتنا الدينية بحسب الأوامر والضوابط القرآنية. فلا إسلام صحيح قد يتعارض مع القرآن، وللأسف الشديد، فإن الساحة لا تزال مكتظة بالكثير من الدعاة والدعوات الباطلة، ولو أننا حكَّمنا كتاب الله، لوجدنا فيها اختلافاً كثيراً، وانحرافات بالجملة جاءت من مصادر أخرى غير القرآن الكريم. وتلك العقائد المحرّفة لم تأتِ من فراغ، فهي حصيلة قرون من التحريف اليهودي المقنّع من داخل الأمة الإسلامية.
* المقال يعبر عن رأي الكاتب

