السياسية : تقرير || صادق سريع*

يواصل الإعلام العِبري الإقرار باستحالة وقف التهديد اليمني أو ردع هجماته، بشكل يعكس الفشل الصريح لعساكر "إسرائيل" في تغيير معادلات الردع العسكرية التي فرضتها قوة صنعاء.

صحيفة "يديعوت أحرونوت" العِبرية، الأكثر شهرة، تُقِرّ: "إسرائيل تواجه صعوبة في القضاء على التهديد القادم من اليمن، حتى تدمير ميناء الحديدة لم يردع اليمنيين".

وقالت: "المؤسسة الدفاعية الإسرائيلية تعتقد أن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة هو الحل الوحيد لوقف هجمات صواريخ اليمنيين، لكنه لن يوقف طموحاتهم في تدمير 'إسرائيل'".

وأضافت: "استهداف ميناء الحديدة وتدميره مرات، لم يوقف تهديدات اليمنيين، وقد ابتكروا حلولاً تشغيلية لعمليات التفريغ والتحميل غير موجودة بأي ميناء بحري في العالم، عبر استخدام قوارب الصيد لسحب السفن الكبيرة إلى الأحواض المعطلة".

وأكدت عن ضابط صهيوني في سلاح الجو - لم يُذكر اسمه - قوله: "لا تزال العمليات في اليمن صعبة ومعقدة بسبب بعد المسافة، حوالي 2000 كم، التي تستغرق عدة ساعات للوصول لضرب الأهداف، كما تحتاج إعادة التزود بالوقود في الأجواء والتعامل بحذر مع منظومات الدفاع الجوي المنتشرة في الأراضي اليمنية".

وأعلن اليمن إسناد غزة عسكريًا في نوفمبر 2023، بمعركة "الفتح الموعود والجهاد المقدّس"، وفرضت قواته المسلحة الحصار البحري على سفن "إسرائيل" والمملوكة والمرتبطة بها، في بحار: الأحمر، والعربي، والأبيض المتوسط، والمحيط الهندي، حتى رفع الحصار ووقف العدوان الصهيوني على غزة.

جرأة إغراق السفن

كما أقرَّت صحيفة "جيروزاليم بوست" أن البحرية اليمنية باتت أكثر جرأة بعد إغراقها سفينتَي "ماجيك سي" و"إترنيتي سي" بعمليات بحرية مزدوجة في البحر الأحمر في يومين.

برأي خبراء الصحيفة، يكشف المشهد البحري الأخير لقوات البحرية اليمنية في البحر الأحمر عن التطور اللافت بقدراتها العسكرية في تغيير موازين قوة الردع البحري.

وماذا أيضا؟ أظهر اليمنيون في عمليات البحر الأحمر ضد السفينتين أن خططهم تتم بعناية، وإن استعدادهم اللوجستي بعيد المدى، إذ إن الوصول إلى هذه النقطة يتطلب ساعات من الإبحار والتنسيق بين الزوارق والطائرات المسيّرة.

"جيروزاليم" العِبرية، تساءلت عن سر غياب أي تدخل من حاملات الطائرات الأمريكية "كارل فينسون" و"نيميتز"، اللتين تتواجدان في المنطقة، أو من تحالف "حارس الازدهار" العسكري الذي شكّلته بحريات أمريكا وبريطانيا ودول غربية في البحر الأحمر، على الرغم من امتلاكها قدرات التدخل المباشر.

وأجابت: "أن حماية سفن 'إسرائيل' أو المتوجهة إلى موانئها لم تعد أولوية في حسابات دول التحالف الغربي، ما جعل اليمنيين أكثر استعدادًا وأشد جسارة لتنفيذ المزيد من العمليات النوعية ويعزز شعورهم بالحصانة والسيادة البحرية".

وفي خلاصة قراءتها العسكرية أكدت تقدم قوات صنعاء نحو فرض معادلة السيادة على البحر الأحمر، ليس فقط كشعار، بل كواقع ميداني يعيد تعريف موازين الردع الإقليمي والدولي".

وتواصل قوات صنعاء إسناد غزة بفرض الحظر الجوي والبحري بالصواريخ والمسيّرات على مطار اللد الدولي وميناء حيفا في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والحصار البحري في البحر الأحمر، الذي أدى إلى إغلاق ميناء أم الرشراش، وإغراق أربع سفن: "روبيمار" في 18 فبراير 2024، و"توتور" في 12 يونيو 2024، ثم "ماجيك سيز" في 8 يوليو 2025، والأخيرة "إيترنيتي سي" في 9 يوليو 2025.

صلبة وقوة مستقلة

بدورها، أكدت شركة الاستشارات الإستراتيجية، "أزور إستراتيجي" أن القوات اليمنية باتت تمثل قوة إقليمية صلبة ومستقلة يصعب تجاوزها أو تجاهلها في المعادلات الجيوسياسية المتغيرة بالمنطقة.

وقالت: "الدور الاستباقي لليمنيين في إدارة الصراع الإقليمي، لا سيما في البحر الأحمر ومحيطه، يصعب عزلهم دبلوماسياً لتأثيرهم المتصاعد في فرض المعادلات الأمنية والاقتصادية".

وأضافت: "وفي حين يُشيد مسؤولون أمريكيون بالنهج المبتكر لقوات صنعاء في تطوير قدراتها التسليحية، رغم الحصار والقيود والضغوط الدولية، لا يزال حجم ترسانة الأسلحة اليمنية غير معروف".

واعتبرت إعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بشكل مفاجئ وقف العدوان على اليمن في مايو الماضي، يعكس قناعته بصعوبة هزيمة أو ردع اليمنيين، في اعتراف ضمني بفعالية قدراتهم العسكرية على الواقع.

وأكدت، في تقرير عسكري حديث، أن صمود اليمنيين أمام الحملات العدوانية الأمريكية والصهيونية والغربية يُعد بمثابة ثقب أسود لحكومات الغرب و"إسرائيل"، ويُثبت الواقع الذي فرضته قوات صنعاء في تحقيق توازن القوى بالمنطقة.

وشنت الولايات المتحدة العدوان الأخير على اليمن، بالغارات الجوية باسم عملية "الفارس الخشن"، في 25 مارس 2025، بأكثر من 1,500 غارة جوية لمدة 53 يوما، أدت لاستشهاد 280 مدنياً، وإصابة أكثر من 650 آخرين.

وفي 12 يناير 2024، شنت عدوان بمشاركة بريطانيا و"إسرائيل" بأكثر من 950 غارة وقصفا جويا، خلف 250 شهيداً و714 جريحاً من المدنيين.

يُشار إلى أن القوات المسلحة اليمنية أطلقت، بفضل الله وتأييده، أكثر من 1,245 صاروخًا ومسيّرة إلى عمق الكيان، واستهدفت أكثر من 245 قطعة بحرية تجارية وحربية تابعة لأمريكا وبريطانيا و"إسرائيل"، في البحرين: الأحمر، والعربي، والمحيط الهندي.

وأسقطت ثلاث طائرات من طراز "F-18" لحاملة الطائرات الأمريكية "هاري ترومان"، و26 طائرة من طراز "MQ-9"، منها 22 في معركة إسناد غزة، وأربع خلال العدوان الأمريكي - السعودي، منذ 26 مارس 2015 وحتى 2023.