أفيخاي عبدالمجيد أدرعي الزنداني
السياسية || محمد محسن الجوهري*
لو افترضنا أن اليهودي أفيخاي أدرعي نشأ وترعرع في منزل عبدالمجيد الزنداني، ما كان ذلك ينقص من يهوديته شيئاً، ولو أنه أشرف على الإعلام التابع لحزب الإصلاح (كقنوات سهيل وبلقيس ويمن شباب) ما استطاع أن يزيد في تضليلها ودجلها أكثر مما هي عليه. وهذا التطابق في المواقف السياسية ليس وليد الصدفة بل نتاج تطابق آخر ديني، حيث يتشارك الطرفان في الكثير من العقائد المناهضة للإسلام والمسلمين. وما حزب الإصلاح وجماعة الإخوان عموماً إلا امتداد لمعسكر النفاق الذي كان حاضراً منذ العصر النبوي، ونجح في أحيان كثيرة في انتزاع الحكم وعمل على تحريف الدين والعقائد حسب الرواية الإسرائيلية، ومن أبرز أدواتهم ابن تيمية وابن كثير وحتى محمد بن عبدالوهاب وقيادات السلفية الوهابية في عصرنا الحاضر.
وهذه الحالة من التمييع الديني لصالح اليهود قد سبق أن حدثت مع المسيحيين تحت عنوان "البروتستانتية"، وهي مجموعة من العقائد جعلت النصارى عبيداً لليهود، وأجبرتهم على خدمتهم والعمل لصالحهم منذ نحو خمسة قرون. وها هي أوروبا وأمريكا تتنافس على تنفيذ المشاريع التدميرية التابعة لهم، وها هو البيت الأبيض ينطق بلسانهم ويتحاشى أن يسيء لليهود بأي كلمة أو عبارة تتضمن تلميحاً عن إجرامهم في فلسطين وخارجها.
وقد أدرك اليهود أهمية اليمن منذ القدم، فجندوا أدوات رخيصة لخدمتهم، منها الزنداني وصعتر وغيرهم. وقد تكفلت دول الخليج بتمويل تحركاتهم التضليلية في البلاد، والتي تتضمن إحداث الفتن المناطقية والطائفية وإدخال الجميع في صراعات مزمنة لا نهاية لها، حتى تخرج اليمن من إطارها الإسلامي وتكون في منزلة واحدة مع دول الخليج المتصهينة، وقد فشل ذلك المخطط بفضل الله عز وجل.
ونتذكر هنا حادثة محرجة عن علاقة اليهود بحزب الإصلاح في اليمن، ففي مايو 2012، أقدم مواطن يمني مسلم على قتل حاخام يهودي ينتمي لعائلة الزنداني (هارون الزنداني)، ولم يقتصر الإحراج على الاسم، بل على إصرار قيادة حزب الإصلاح (الحاكم حينها) على إرسال جثمانه إلى فلسطين المحتلة ليدفن هناك، رغم أن المقتول أمضى حياته كلها في اليمن.
وقد فشل إعلام الإصلاح في تبرئة شيخهم من تهمة اليهودية، ولم يعثروا على نسبٍ له يثبت انتماءه للإسلام أبًا عن جد، وبرروا ذلك بأنهم ضد ثقافة الانتساب والأصل، وبأن هذه ثقافة سلالية ينبغي معاداتها، وهي الذريعة التي يتستر بها الإخوان للتغطية على دينهم ودين آبائهم. ولا تزال الشبكة العنكبوتية حافلة بالشواهد على قصة اليهودي الزنداني، وعلى كمية الإحراج الذي لازمت الإخوان في تلك المرحلة.
يتضح لنا دائماً أن العلاقة المعقدة بين بعض الشخصيات السياسية والدينية في اليمن واليهود لا ترسم فقط صورة عن انحرافات فكرية، بل تكشف أيضًا عن مخاطر التلاعب بالعقائد تحت شعارات مضللة.
إن الوعي بهذه الحقائق يعد خطوة ضرورية في مواجهة محاولات التضليل والتفتيت التي تهدد الوحدة الإسلامية. ومع استمرار الصراع بين الحق والباطل، يبقى الأمل معقودًا على الأجيال القادمة في استعادة الهوية الإسلامية الأصيلة وتحقيق التغيير الحقيقي الذي يضمن مكانة اليمن بين الأمم.
* المقال يعبر عن رأي الكاتب