السياسية || محمد محسن الجوهري*

يمارس نظام آل ثاني القمع بكل أشكاله ضد مواطنيه، حيث تُعتبر حقوق الإنسان من آخر اهتمامات الدولة التي سنت تشريعات خاصة تُمارس من خلالها القمع والرقابة على الشعب بأسلوب قانوني، مثل منع الاجتماعات دون ترخيص، حتى في المناسبات الاجتماعية. إضافة إلى أن الحديث عن الأسرة الحاكمة قد يُكلف المواطن القطري جنسيته وكل حقوقه، ويُرمى به في السجن إلى الأبد، حيث لا رقيب ولا جهة تراقب الملف الإنساني في قطر من قبل المجتمع الدولي.

وفقاً لمنظمة العفو الدولية، اعتقلت السلطة القطرية شقيقين من آل المري بتهمة تنظيم اجتماعات غير مرخصة، كما اعتقلت العشرات من نفس الأسرة لأسباب تتعلق بحرية الرأي والتعبير، حيث لا يؤمن آل ثاني بحق المواطن القطري في انتقاد أيٍ من إجراءات الدولة الأمنية أو السياسية.

لكنها تلتف على ذلك بدعم المنظمات الحقوقية بالمال لتتجاوز الحديث عنها، وهذا ما يؤكده موقع وزارة الخارجية القطرية على الإنترنت، والذي كشف عن تبرعات قطرية للعديد من صناديق وبرامج الأمم المتحدة بلغ عددها نحو 100 هيئة أو كيان تابع للأمم المتحدة.

ويبقى السجن والحرمان من السفر وإسقاط الجنسية من أبرز العقوبات التي تمارسها ضد مواطنيها، لدرجة إسقاط الجنسية عن عشيرة كاملة بتهمة تأييد الأطراف المعادية لقطر، خاصة السعودية، حيث ترى الدوحة في النظام السعودي ألد أعدائها، وتستهدف بشتى العقوبات أي مواطن أو قبيلة لها علاقات وطيدة مع آل سعود.

كما أن تغريدة لمواطن ينتقد فيها القانون أو أي شيء مرتبط بالسلطة، قد تكلف صاحبها الحبس لستة أشهر على الأقل، ويخضع خلالها لأصناف مختلفة من العذاب الجسدي والنفسي على يد مختصين تستوردهم الدولة القطرية للتنكيل بمواطنيها.

إلا أن الملف الأصعب والأكثر تعقيداً في قطر هو ملف العمالة الوافدة، حيث تتعامل السلطات القطرية معهم كأرقاء بلا حقوق واضحة وبأجور زهيدة. وهذا ما كشفه المئات من موظفي وحراس الأمن المتعاقدين مع شركة التيسير للخدمات الأمنية، ممن عملوا ساعات مفرطة دون أيام راحة في مواقع مباريات كأس العالم لكرة القدم 2022، ولم تدفع لهم الدولة حتى الأجور المتفق عليها معهم.

ولا يزال عمال المنازل المقيمون في منازل أصحاب عملهم، وأغلبهم من النساء يواجهون ظروفًا معيشية وانتهاكات قاسية بشكل خاص بسبب تقاعس الحكومة المستمر عن تنفيذ التدابير التي استحدثتها عام 2017 لحماية هذه الفئة من العمال، بحسب تقارير العفو الدولية.

ورغم أن الملف شائك ومعقد وتفاصيله كثيرة، إلا أن قطر استطاعت صرف الأنظار عن انتهاكاتها للمواطنين والوافدين بالاستثمار الواسع في الإعلام، خاصة شبكة الجزيرة التي تثير العديد من القضايا الحساسة في العالم العربي دون الإشارة إلى الوضع في قطر، بل وتقدمها الجزيرة كواحة أسطورية من الحقوق والحريات.

يمكنك أن تتخيل كيف تمكنت الجزيرة من صرف الأنظار عن جرائم العدو الإسرائيلي، عبر استحداث الأزمة السورية وتسليط الضوء عليها أكثر من غزة، عبر التغطية المكثفة والمستمرة، والمبالغة في الحديث عن أخطاء النظام السوري ووضع الحقوق والحريات لمواطنيه، رغم أن أي نظام عربي آخر لا يمارس ما يمارسه النظام القطري من قمع وإذلال بحق شعبه.

* المقال يعبر عن رأي الكاتب