السياسية || محمد محسن الجوهري*

ليس هناك مبرر لوجود القوات السعودية والإماراتية على الأراضي اليمنية من الأساس، ففي ذلك انتهاك للسيادة الوطنية وامتهان لكرامة اليمنيين في المحافظات المحتلة، وهذا ما يؤكده حتى عملاء السعودية من المرتزقة في الرياض وغيرها، فالكثير منهم رهن الاعتقال والإقامة الجبرية، وتتعامل معهم السلطات السعودية بشكل مهين وغير أخلاقي، كما يحدث حالياً لعبدربه وعلي محسن، وهما من أكثر السياسيين خدمةً للمؤامرة على اليمن.

وإذا افترضنا أن المبرر لوجودها هو حماية أطرافٍ يمنية معينة، فهذا غير منطقي أيضاً فالسعودية عاجزة عن حماية نفسها وتخضع للحماية الأمريكية بشكلٍ مباشر، كما تحدث ترامب في العام 2018 خلال ولايته الأولى، وبالتالي فإن فاقد الشيء لا يعطيه، ومن يعجز عن حماية نفسه وعرضه فلن يتمكن من حماية غيره.

أما إذا كان المبرر ديني، فلم يعد للسعودية أي شرعية دينية في الظاهر، فحديثها عن الإسلام بات مفضوحاً مع كل الإفساد الأخلاقي والديني الذي تمارسه سلطة محمد بن سلمان في بلاد الحرمين، كما أن تنكرهم لقضية المسلمين الأولى القضية الفلسطينية، يضعهم في مصاف اليهود، ويكشف أن تحركهم في اليمن ليس إلا لخدمة الصهيونية العالمية، والتي بدورها اعتادت أن تحقق أهدافها العسكرية بدماء غيرها من المخدوعين والمرتزقة.

أما الحديث عن النظام الجمهوري وحمايته، فهذه نكتة سياسية وكذبة مفضوحة، ويعلم القريب والبعيد بأن آل سعود أعداء الأنظمة الديمقراطية في العالم العربي، وأن الرياض تنفق مليارات سنوياً لحماية الأنظمة القمعية في المنطقة، كما هو الحال في مصر وتونس وغيرها، ويكفي أن المملكة أنشأت لجنة خاصة لتدجين السياسيين اليمنيين بعد قيام النظام الجمهوري، وكل ذلك بهدف إفشال أي نظام ديمقراطي على حدودها، وحتى يبقى شعب بلاد الحرمين مقتنعاً بالطغيان السعودي القائم منذ مائة عام تقريباً.

إضافة إلى كل ذلك، ما هو موقف أهالي الجنود السعوديين الذين قضوا بالأمس في سيئون، وهم يرون أبناءهم يهلكون بعيداً عنهم، ولخدمة قضايا غير إسلامية ولا أخلاقية، خاصة إذا علموا بأن مثل هذه الهجمات ستكرر، وسيسقط المزيد من الجنود في ظل إصرار اليمنيين على تحرير بلادهم من المد الصهيوني، وبعد سقوط كل الأقنعة التي لبسها آل سعود طيلة السنوات الماضية، وظهور صهيونية السعودية إلى العلن؟

ولا ننسى أن منفذ العملية البطولية في سيئون هو جندي يمني من الموالين لجيش المرتزقة، وهذا يؤكد ألا مكان آمن للجيش السعودي في اليمن، والأولى لهم الرحيل قبل فوات الأوان، فالقريب والبعيد وكل مكونات الشعب اليمني لا ترحب بالسعودية في اليمن، وترى في آل سعود عدواً تاريخياً للبلاد، وعلى استعداد على دعم أي حرب دولية ضد النظام السعودي، بدليل الإجماع اليمني الكبير على تأييد صدام حسين في حربه مع آل سعود إبان حرب الخليج الثانية، وهو ثاني أكبر إجماع سياسي في تاريخ اليمن بعد القضية الفلسطينية.

إن الأنسب للسعودية أن تنسحب من اليمن وأن ترفع يدها كلياً عن شعبها، والحفاظ على أمن اليمن واستقراره، فمخططات محمد بن سلمان ورؤيته الاقتصادية مهددة بكل ما يحدث على حدود المملكة، كما أن الفوضى التي تدعمها الرياض في اليمن قد ترتد إليها في أي لحظة، فالأسلم لبن سلمان الانسحاب ومعرفة حجمه ونقاط ضعفه، فصواريخ اليمن قد تدك مصالحه ومهرجاناته الترفيهية إذا ما أصر على دعم المخططات الصهيو-أمريكية في البلاد، خاصة وأن إجماعاً شعبياً غير مسبوق يناشد القيادة اليمنية بضرب السعودية، انتقاماً لليمن وانتقاماً لأطفال غزة ونسائها.


* المقال يعبر عن رأي الكاتب