السياسية: تقرير //

تسعى روسيا إلى إقناع دول "بريكس" ببناء منصة بديلة للمدفوعات الدولية تكون محصنة ضد العقوبات الغربية من خلال قمة "بريكس" التي افتتحت يوم الثلاثاء في مدينة قازان الروسية، والتي يأمل الكرملين في تحويلها إلى نقطة تجمع لتحدي ما يراه البعض النظام الليبرالي الغربي.

وتبدأ اليوم فعاليات قمة "بريكس" في قازان الروسية ، بنسختها الـ16، بمشاركة نحو 40 دولة، تحت شعار "تعزيز التعددية من أجل التنمية والأمن العالميين العادلين".

وتعد هذه القمة الأولى بعد انضمام 5 دول جديدة لمجموعة "بريكس" في العام 2024، وتستمر لمدة 3 أيام حتى يوم الخميس المقبل (24 أكتوبر 2024).

ومن المقرر أن تشارك في القمة 38 دولة، منها 24 دولة ممثلة بقادتها، أما 8 دول فسيمثلها مسؤولون رفيعو المستوى، كذلك من المقرر أن يشارك في القمة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.

وتترأس روسيا مجموعة "بريكس" هذا العام وخلال هذه الفترة حددت موسكو 3 أولويات وهي: السياسة والأمن، والتعاون في الاقتصاد والتمويل، والتبادلات الإنسانية والثقافية، كما نظمت أكثر من 200 حدث سياسي واقتصادي واجتماعي، لتعزيز سبل تنفيذ المزيد من التعاون بين دول "بريكس".

وعن المواضيع الرئيسية لقمة "بريكس" قال مساعد الرئيس الروسي يوري أوشاكوف إن قمة قازان ستبحث طرق تعزيز التعددية في العالم، ودمج الأعضاء الجدد، وحل النزاعات الإقليمية.

ومن المحاور التي ستبحثها القمة هو إنشاء منصة مدفوعات رقمية لمجموعة "بريكس" تعرف باسم "بريكس بريدج".

كما من المتوقع أن تنظر القمة في مسألة قبول أعضاء جدد للمجموعة، إذ تسعى أكثر من 34 دولة إما للانضمام إلى "بريكس" أو التعاون في بعض الأشكال.

وخلال القمة سيعقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اجتماعات ثنائية مع معظم القادة المشاركين، بما في ذلك مع الرئيس الصيني شي جينغ بينغ، ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ومع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان حيث من المقرر مناقشة الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين موسكو وطهران.

وفي اليوم الثالث والأخير من القمة من المقرر أن تتبنى إعلان قازان وهو وثيقة شاملة تلخص إنجازات المنتدى، بل وأيضا إنجازات الرئاسة الروسية بالكامل.

و"بريكس" هي مجموعة دولية تم إنشاؤها في العام 2006، في البداية كانت تضم روسيا والبرازيل والهند والصين، ومن ثم انضمت جنوب إفريقيا إلى المجموعة في العام 2011.

ومع بداية العام 2024، انضمت 5 دول جديدة إلى المجموعة وهي مصر والإمارات والسعودية وإيران وإثيوبيا.


وتتقاطع القمة مع بدء الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين في واشنطن، في وقت تتهم موسكو صندوق النقد الدولي بخدمة مصالح الدول الغربية وتقول إنها بحاجة إلى تحسينات لخدمة الاقتصاد العالمي المتطور بشكل أفضل، حتى أن وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف دعا أعضاء مجموعة "بريكس" الأسبوع الماضي إلى إنشاء بديل لصندوق النقد الدولي.

ويحرص الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من خلال مجموعة "بريكس" - التي توسعت لتشمل مصر وإثيوبيا وإيران والإمارات العربية المتحدة بالإضافة إلى البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا - لبناء ثقل موازن قوي للغرب في السياسة والتجارة العالمية.



وتقدم موسكو القمة التي تعقد في الفترة من الثاني والعشرين إلى الرابع والعشرين من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي على أنها دليل على فشل الجهود الغربية لعزل روسيا. وتريد موسكو من الدول الأخرى أن تعمل معها على إصلاح النظام المالي العالمي، وإنهاء هيمنة الدولار الأميركي.

وتتمثل النقطة المحورية في هذا الاقتراح في نظام مدفوعات جديد يعتمد على شبكة من البنوك التجارية المرتبطة ببعضها البعض من خلال البنوك المركزية لمجموعة "بريكس"، وفقاً لوثيقة أعدتها وزارة المالية الروسية والبنك المركزي، وتم توزيعها على الصحافيين قبل القمة. وسيستخدم النظام تقنية "بلوكتشين" لتخزين ونقل الرموز الرقمية المدعومة بالعملات الوطنية. وهذا بدوره سيسمح بتبادل هذه العملات بسهولة وأمان، متجاوزاً الحاجة إلى المعاملات بالدولار، وفق "رويترز".

ومن المقرر أن يتم بناء هذا النظام، الذي تطلق عليه روسيا اسم "جسر بريكس"، في غضون عام، وسوف يسمح للدول بإجراء تسوية عبر الحدود باستخدام منصات رقمية تديرها بنوكها المركزية. ومن المثير للجدل أن هذا النظام قد يستعير مفاهيم من مشروع مختلف يسمى mBridge الذي يديره جزئياً معقل النظام الذي يقوده الغرب، بنك التسويات الدولية، وفق ما ذكرت صحيفة «ذي إيكونوميست».

وترى روسيا في ذلك وسيلة لحل المشاكل الزائدة في تسوية المدفوعات التجارية، حتى مع الدول الصديقة مثل الصين، حيث تخشى البنوك المحلية أن تتعرض لعقوبات ثانوية من قبل الولايات المتحدة.

في الشهر الماضي، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف: «الجميع يدركون أن أي شخص قد يواجه عقوبات أميركية أو غربية أخرى... ومن شأن نظام مدفوعات مجموعة (بريكس) أن يسمح بالعمليات الاقتصادية دون الاعتماد على أولئك الذين قرروا تسليح الدولار واليورو».

وقال ياروسلاف ليسوفوليك، مؤسس مركز أبحاث "بريكس بلس"، إن إنشاء مثل هذا النظام ممكن من الناحية الفنية، لكنه سيستغرق بعض الوقت. وقال: "بعد التوسع الكبير في عضوية مجموعة (بريكس) العام الماضي، أصبح تحقيق الإجماع أكثر صعوبة".

من بين المبادرات الأخرى لتسهيل التجارة والاستثمار، تقترح روسيا أيضاً إنشاء منصة «BRICS Clear» لتسوية التجارة في الأوراق المالية. تدعو الوثيقة إلى تحسين التواصل بين وكالات التصنيف الائتماني في الدول الأعضاء وإلى منهجية تصنيف مشتركة، لكنها تمتنع عن اقتراح وكالة تصنيف مشتركة لمجموعة "بريكس"، وهي الفكرة التي ناقشتها المجموعة في وقت سابق.

تحث روسيا، أكبر مصدر للقمح في العالم، أيضاً على إنشاء بورصة تجارية للحبوب لمجموعة "بريكس"، بدعم من وكالة تسعير، لإنشاء بديل للبورصات الغربية، حيث يتم تحديد الأسعار الدولية للسلع الزراعية. ولكن في إشارة إلى أن موسكو سوف تحتاج إلى العمل الجاد لدفع مقترحاتها إلى الأمام، لم ترسل أغلب الدول الأعضاء في مجموعة "بريكس" سوى مسؤولين من المستوى الأدنى، ليسوا وزراء مالية أو محافظي بنوك مركزية، إلى اجتماع تحضيري الأسبوع الماضي.