السياسية:

لساعات طويلة خلال النهار كان البحث جارٍ للعثور عن الهدف الذي قصده حزب الله في بيانه. حيث جرت العادة، أن تسرب بعض المعلومات عن حدث ما في منطقة ما قبل الإعلان عنه. لكن كشف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عن طبيعة الهدف الذي أصيب بدقة، أعطت إجابات واضحة عن الإصرار على التكتم الشديد من الجانب "الإسرائيلي". اذ أن استهداف مقر الوحدة 8200 في عملية "يوم الأربعين" يعني بمثابة توجيه خطاب مباشر لرئيس الموساد ديفيد برنياع.

يشير القائد السابق لوحدة 8200، يائير كوهين، الذي خدم لمدة 33 عاماً في الوحدة إلى أن "90٪ من المواد الاستخباراتية في "إسرائيل" تأتي من وحدة 8200". مؤكداً "لا توجد عملية كبرى، من قبل الموساد أو أي وكالة استخبارات أمنية، لا تشارك فيها وحدة 8200".

عام 2010 لفتت صحيفة لوموند ديبلوماتيك إلى أن الوحدة كانت تدير شبكة تجسس دولية ضخمة من خلال قواعدها المختلفة. والواقع أن قاعدة أوريم (أكبر منشأة لجمع المعلومات الاستخبارية الإشارية تابعة للوحدة في صحراء النقب، على بعد حوالي 30 كم من بئر السبع) قادرة على مراقبة المكالمات الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني وغيرها من الاتصالات بين الدول الصديقة والعدوة في الشرق الأوسط وأوروبا وآسيا وأفريقيا. ويتم تبادل معظم هذه البيانات داخليًا عبر الجيش "الإسرائيلي" وأصحاب المصلحة ذوي الصلة في الوحدة، سواء القوات المقاتلة أو صناع القرار أو وكالات الاستخبارات الأخرى، فيما يستحوذ الموساد (الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية) على حصة الأسد من المعلومات، حتى أن هناك من أطلق على الوحدة بأنها "ذراع الموساد".

يعتمد الموساد كما جيش الاحتلال بشكل أساسي على المعلومات التي تؤمنها الوحدة لتنفيذ مهماته. وبناء على الروايات العبرية كان لوحدة 8200 دور في عدد من العمليات الأمنية والعسكرية:

-عام 2010، ساهم فيروس "ستوكسنت" في تعطيل أجهزة الطرد المركزي النووية في نطنز، لبعض الوقت، ووفقًا لبعض الروايات العبرية، كان الفيروس جزءًا من عملية الألعاب الأوليمبية.

-عملية البستان في أيلول/ سبتمبر عام 2007، حيث قامت الوحدة 8200 بتشويش أنظمة الرادار السورية دون تنبيه مشغلي الدفاع الجوي من أجل السماح بشن غارة جوية دقيقة ضد منشأة سورية في دير الزور.

يُعرف عن الوحدة 8200 أيضاً أنها تتألف من عدة وحدات:

-هاتزاف Hatzav

وهي وحدة الاستخبارات مفتوحة المصدر (OSINT) ضمن الوحدة 8200. هي مسؤولة عن الحصول على الاستخبارات العسكرية والاستخبارات المضادة من خلال مراقبة مختلف وسائل الإعلام العالمية بدءًا من التلفزيون إلى الراديو والصحف والإنترنت ومؤخرًا وسائل التواصل الاجتماعي. وبما أن هاتساف تراقب وتحلل وسائل الإعلام بجميع اللغات الرئيسية، فقد اعتمدت على المتحدثين باللغة العربية والفارسية والإنكليزية والروسية والفرنسية والألمانية لترجمة وبحث وسائل الإعلام بهذه اللغات. ووفقًا لتقارير إعلامية، توفر الوحدة الفرعية أكثر من نصف المعلومات الاستخباراتية الإجمالية لمجتمع الاستخبارات "الإسرائيلي".

-الوحدة 81

الوحدة الفرعية الثانية، الأكثر سرية وهي وحدة التكنولوجيا التابعة لـ AMAN. تركز على البحث وتزويد الجنود الإسرائيليين المقاتلين بأحدث التكنولوجيا. ووفقًا لبعض التقديرات، تضم الوحدة حوالي 1000 جندي، أو حوالي خمس قوات الوحدة 8200.

-جيداسيم Gedasim

وظيفة هذه الوحدة في جمع المعلومات الاستخباراتية في الوقت الفعلي على الأرض وتحليلها وإرسالها مرة أخرى إلى القوات القتالية وقوات النخبة، لضمان قدرتهم على تنفيذ مهامهم بشكل صحيح.

تعمل الفرق بطريقة مستقلة إلى حد ما وسرية تامة، حيث لا تعرف الفرق ما يفعله كل منها. لا يتم تجميع الفرق نفسها وفقاً للرتب ولكن وفقًا للتخصصات والخبرة. تشمل بعض الفرق أيضًا ما يسمى "الميسرين" ذوي الخبرة في قيادة ودمج أعضاء الفريق المختلفين.

ساعدت هذه الوحدة الموساد والجيش على تنفيذ عمليات هامة، لكنها وصمت بعار الإخفاق مرات عدة، نظراً لحجم الفشل الذي تسببت به وما نتج عنه. ولعل ما جرى في طوفان الأقصى يوم 7 أكتوبر عام 2023، رغم اطباقها المحكم عبر التنصت والتجسس على كافة أراضي قطاع غزة، هو الإخفاق الذي سيخلق وعياً جديداً لمختلف المؤسسات الاستخبارية "الإسرائيلية" في الكيان. اذ أن الفشل لا يزال ممتداً إلى اليوم مع حفاظ قوى المقاومة في فلسطين ولبنان وإيران واليمن على التواصل والاتصال والتنسيق فيما بينهم دون انقطاع ودون أي تسريب طيلة أكثر من 10 أشهر.

* المادة نقلت حرفيا من موقع الخنادق الاخباري