السياسية || كامل المعمري*

"يافا" ليست مجرد طائرة مسيّرة ولم تكن تتحرك في البعد الرابع حين شقت طريقها دون أن تُكتشف وتجاوزات منظومات الرادار المتطورة في أهم القواعد الاستراتيجية المعنية بمراقبة أجواء الشرق الأوسط التابعة لأمريكا وحلفائها ناهيك عن منظومات الرادارات المتواجدة على السفن الأجنبية الداعمة للكيان الصهيوني.
وحتى حين عبرت في أجواء فلسطين المحتلة وصولا إلى الى يافا المحتلة المسماة "تل أبيب" دون أن تُكتشف من قبل الرادارات الإسرائيلية لم تكن "يافا" ترتدي طاقية الاختفاء بل كانت تمضي بصوت هادر كما سمعه الجميع قبل أن تصل للهدف وتنفجر.
منذ أن انطلقت من اليمن واستمرت بالتحليق قرابة 9 ساعات؟ كيف لم تُكتشف؟ ذلك سؤال يعكس إخفاقًا جماعيًا لأجهزة الدفاع في دول عدة أضف اليها المتصهينون الجدد ولكن ما اعرفه جيدا أنها كسرت كل القواعد التي تحمي "إسرائيل".

الطريق إلى يافا "تل أبيب"

كان على المسيّرة "يافا" أن تتجاوز منظومات رادار متقدمة في القواعد العسكرية المنتشرة في المنطقة والتابعة لأمريكا وحلفائها والتي يتجاوز عددها 13 قاعدة مجهزة بأحدث تقنيات الرصد والمراقبة الجوية، مما يجعل مهمة تجاوزها بدون اكتشاف تحديًا كبيرًا للطائرات المسيّرة كانت المهمة الثانية لمسيّرة يافا اليمنية تجاوز منظومات الرادار المتقدمة المنتشرة في القواعد العسكرية بين إيلات وتل أبيب، والتي يبلغ عددها أكثر من 8 قواعد جوية مجهزة بأحدث المنظومات الرادارية ومنظومات دفاع جوي- مختلفة والوصول إلى هدفها في تل أبيب.
في أعقاب الهجوم الذي نفذته الطائرة المسيّرة اليمنية "يافا" على يافا المحتلة، تصاعدت التساؤلات والقلق حول كيفية تمكن هذه الطائرة من تجاوز منظومات الرادار المتقدمة المنتشرة في المنطقة، وأصبح هذا الحدث الشغل الشاغل لأمريكا وحلفائها، بما في ذلك الكيان المؤقت، حيث يعتبر تجاوز مثل هذه الدفاعات الجوية تحديًا كبيرًا.

نجاح "يافا" اليمنية في تجاوز أنظمة الرادار المتطورة أظهر قدرة تكنولوجية غير متوقعة أربكت الخبراء العسكريين في الولايات المتحدة وإسرائيل.
أنظمة الرادار والدفاع الجوي المنتشرة بين إيلات وتل أبيب، التي تشمل قواعد مثل قاعدة رامون، نفاطيم، حتسريم، تل نوف، وبالماخيم، لم تتمكن من اكتشاف هذه الطائرة، ما يشير إلى أن التكنولوجيا التي استخدمتها الطائرة المسيرة "يافا" ليست معروفة بشكل كامل، مما يزيد من حيرة وتوتر الجهات المعنية.

فهذه الطائرة فتحت الباب على مصراعيه أمام مستقبل مشرق من الابتكار والتطوير في مجال التقنيات العسكرية، فاليمن برغم كافة الصعوبات والتحديات، أثبت للعالم أنه يمكنه المنافسة والتفوق في ميدان التكنولوجيا العسكرية، هذا الإنجاز ليس الأخير فهناك ما يفوق كل التوقعات، كما أن هذه الضربة لم تمر مرور الكرام على الساحة الدولية لقد أثارت ردود فعل واسعة النطاق، من الدهشة إلى الإعجاب وحتى القلق، إن قدرتها على تجاوز كل تلك الأنظمة الدفاعية المتطورة دون أن تُكتشف تضع تحديات جديدة أمام القوى العالمية، وتدفع نحو تعزيز التعاون الدولي في مجال الأمن والدفاع ضد التهديدات المتطورة.

حين ضربت "يافا" الهدف في تل أبيب، لم تكن مجرد ضربة عسكرية؛ كانت ضربة مدوية أيقظت كل سكان المدينة وأيقظت العالم أجمع، ووجهت رسالة قوية مفادها أن الظلم لن يمر دون رد، وأن الأمان المزعوم يمكن أن ينهار أمام إرادة حرة لا تقبل الخنوع.
وعندما وصلت إلى أجواء فلسطين المحتلة لم تصل لترمي شظاياها على مبنى مهجور، بل اختارت هدفًا في أكثر المناطق التي تتمتع بحماية أمنية كبيرة جدًا، لقد اخترقت الأجواء لتضرب هدفًا حساسًا، يبعد عن السفارة الأمريكية عشرة أمتار فقط، مما يعكس دقة واختيارًا متعمدًا للمكان والزمان، هذه الدقة في الاستهداف ليست جديدة على اليماني، فعندما يقوم للمنازلة، يعرف تمامًا كيف يختار هدفه ويحقق غايته.

"يافا" اليمنية بعثت برسائل عدة للعالم أجمع، أولها للكيان الصهيوني بأن الأمن الذي يتباهى به ليس سوى وهم، وطالما تقصف غزة ويقتل أهلها، فإن الأمان لن يكون من نصيبهم، الرسالة كانت واضحة وصريحة: لا أمان لإسرائيل ما دامت تمارس الظلم والعدوان على الفلسطينيين، كانت هذه الرسالة بمثابة إنذار للعالم أجمع بأن الظلم لن يمر دون رد، وأن المقاومة اليمانية ستظل شوكة في حلق كل من يحاول النيل من حقوق الشعوب المظلومة.
الرسالة الثانية كانت موجهة إلى المملكة العربية السعودية التي تعتمد على الحماية الأمريكية وطالبت بضمانات لحمايتها مقابل التطبيع مع الكيان المحتل.

"يافا" اليمنية أثبتت أن أمريكا لم تستطع حماية "إسرائيل" ولا سفارتها في قلب تل أبيب.. هذا العجز الأمريكي يبعث برسالة قوية للرياض بأن الاعتماد على واشنطن ليس خيارًا آمنًا ولا مستداما وأن السعودية مطالبة بإعادة النظر في تحالفاتها واحترام حقوق الجوار وتنفيذ خارطة الطريق المتفق عليها.

نعم "يافا" ليست مجرد طائرة مسيّره بل تقنية يمانية معجونة بإرادة وصلابة وعنفوان وشموخ وبأس اليمانيين، عندما شقت طريقها عبرت طريق أجدادها القدامى الذين غزو العالم وصولا إلى مشارق الأرض ومغاربها هي تعرف طريق أجدادها جيدا لذا لم تكن مجرد طائرة بل هي رمز للقدرة اليمانية على تحدي المستحيل وإعادة تعريف المفاهيم التقليدية للأمن والدفاع بهذه الروح، ولذلك يثبت اليمنيون مرة أخرى أنهم قادرون على تجاوز كل التحديات وتحقيق العدل في عالم مليء بالظلم، واليمني إن قام لنصرة مظلوم لا يقعد حتى يرفع الظلم عن المظلوم وينصفه وإن شد لجام خيله لا يتوقف إلا في قارة أخرى فما بالك حين يكون عدو اليمني يهودي مجرم صهيوني ما بالك حين يقف الإسلام أمام الإجرام….

"يافا" لم تكن فقط تهديداً عسكرياً تقليدياً، بل كانت نقطة تحول في المعادلات الاستراتيجية في المنطقة، فهذه الطائرة المسيرة التي تجاوزت كل التوقعات، أثبتت أن التكنولوجيا الحديثة يمكن أن تغير موازين القوى بشكل جذري، كما أنها لم تستخدم تعويذة للعبور والتخفي فهي تحمل صفات أجدادها من الملوك والجهابذة الذين ترتعد لفرائضهم الأرض لذا حينما مرت "يافا" انحنت لمهابتها كل الأشياء بما في ذلك ما تعتبرونه اعجازا في اكتشاف المقذوفات الجوية ولذلك وصلت بصوتها ترعد المدينة حتى أصابت الهدف وانفجرت فلا تتعبوا أنفسكم في البحث والتحقيق كيف استطاعت تجاوز كل هذه المنظومات المتقدمة.

* المصدر: موقع رأي اليوم
* المادة نقلت حرفيا من المصدر