العجز الأمريكي عن صد هجمات “أنصار الله” ضد السفن "الإسرائيلية"
السياسية:
أثارت تصريحات قبطان المدمرة الأمريكية "يو إس إس كارني"، جيريمي روبرتسون، جدلاً واسعاً حول فعالية الهجمات التي تشنها جماعة المقاومة اليمنية "أنصار الله" اليمنية على السفن "الإسرائيلية" في البحر الأحمر، مع اعترف بصعوبة التصدي لتلك الهجمات، والحديث عن أنها تشكل تحدياً غير مسبوق للبحرية الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية، في ظل التساؤلات الكثيرة حول فعالية هذه الهجمات ونتائجها ودلالاتها في المنطقة.
هجمات صاروخية فعالة
بما لا شك فيه، تشير تصريحات القبطان روبرتسون إلى أن الصواريخ الباليستية التي تستخدمها "أنصار الله" تشكل تهديداً كبيراً للسفن الحربية الداعمة للكيان، بما فيها المدمرة "يو إس إس كارني"، وأن التعامل مع صواريخ أسرع من الصوت يتطلب اتخاذ قرارات في غضون 15 إلى 30 ثانية فقط، ما يضع ضغطاً هائلاً على الأنظمة الدفاعية والبشرية على حد سواء، وهذا التحدي يعكس تطور الإمكانات الصاروخية لدى "أنصار الله"، والتي أكد قائدها عبد الملك الحوثي على أنها لا يمكن تفاديها ومنعها.
ومن الجوانب المثيرة للاهتمام في تصريحات أمريكا هو التفاوت الكبير في التكلفة بين الهجمات والدفاعات، فقد أطلقت المدمرة الأمريكية صواريخ تبلغ قيمتها مليون دولار على طائرات دون طيار تبلغ قيمتها ألف دولار فقط، هذا التفاوت يكشف عن تأثير مالي كبير على القوات الأمريكية، حيث يجب عليهم استخدام موارد باهظة الثمن للتصدي لهجمات منخفضة التكلفة نسبياً، بالإضافة إلى ذلك، اضطرت المدمرة "كارني" إلى التوقف في الميناء لتحميل صواريخ إضافية، ما يشير إلى تعقيدات لوجستية قد تؤثر على فعالية العمليات البحرية الأمريكية في المنطقة.
وتأتي هذه الهجمات في سياق دعم "أنصار الله" للشعب الفلسطيني ضد العدوان "الإسرائيلي" المستمر، ما يضيف بعداً سياسياً للصراع، والهجمات المتكررة على السفن "الإسرائيلية" تشير إلى أن "أنصار الله" يسعون لتوسيع نطاق دعمهم لأشقائهم الفلسطينيين خارج حدود اليمن، مستهدفين مصالح إقليمية ودولية للكيان "الإسرائيلية"، وهذه التطورات قد تؤدي إلى تصعيد الضغط على تل أبيب وواشنطن في المنطقة، ما يستدعي استجابة عربية للضغط المماثل ومساعدة غزة.
وتعكس التصريحات الأمريكية مدى تعقيد وصعوبة التصدي لهجمات "أنصار الله" اليمنية في البحر الأحمر، وإن التطور التكنولوجي للإمكانات الصاروخية لجماعة "أنصار الله" يفرض تحديات كبيرة على البحرية الأمريكية، ما يثير تساؤلات حول قدرة الدفاعات البحرية الحالية على التعامل مع هذه التهديدات، في ظل التكاليف المالية واللوجستية العالية والتداعيات السياسية المحتملة.
فشل الغارات الأمريكية والبريطانية
إن هذه العمليات المستمرة التي يقوم بها جيش صنعاء تؤكد في الواقع أن الغارات التي تقوم بها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة غير مجدية ولا تؤثر على القدرات العسكرية لصنعاء، وإن القصة الأمريكية حول تأثير الضربات على قدراتهم العسكرية هي مجرد هواية لإنقاذ ماء الوجه كما يقولون، ويعترف الأمريكيون بأنهم لا يستطيعون منع الضربة اليمنية بدءا من الرئيس والقادة العسكريين إلى السفن المرتبطة بـ"إسرائيل".
وفي سياق هذا الموضوع إن رحلات التجسس والأقمار الصناعية لا يمكنها التمييز بين الصواريخ والمسيرات الحقيقية أو المسيرات المحاكاة، حيث تستهدف الغارات الأمريكية البريطانية أحيانا نماذج ومسيرات صاروخية تستخدمها صنعاء لإلهاء العدو واستنزافه، ولا تستطيع واشنطن تقديم معلومات عن مجال وجود الأسلحة في اليمن، وعلى الرغم من قوة وكالات الاستخبارات الأمريكية، لا توجد صورة كاملة لتخزين وإنتاج المعدات العسكرية في اليمن.
وإن استنفاد هذه القدرة الأمريكية ليس بالأمر السهل، لكن صواريخ توماهوك التي تستخدمها البحرية الأمريكية لتحقيق بعض الأهداف، وخاصة في اليمن غالية الثمن، وسعر صاروخ 1 من هذا النوع يتجاوز أكثر من 150 مليون دولار، ومخزون البحرية الأمريكية من هذا النوع من الصواريخ صغير جدا، وإذا علقتم على هذا الموضوع، وتقول الصحف الأمريكية: "استهلكت الضربة الافتتاحية للحوثيين 80 صاروخا من طراز توماهوك للهجوم البري،هذا هو أكثر من نصف إنتاج توماهوك السنوي".
وإن أن أحد أسباب فشل التحالف الأمريكي البريطاني هو أن غالبية دول العالم رفضت الانضمام إلى تحالفهم، وخاصة الدول الأوروبية، والدول المجاورة للبحر الأحمر، ناهيك عن عدم شرعية هذه الهجمات التي شنت دون دعم القانون الدولي، ودون إخطار مجلس الأمن، وحتى دون إخطار أعضاء الكونغرس الأمريكي.
* المادة نقلت حرفيا من موقع الوقت التحليلي