"الغارديان": غزّة.. الفشل الأخلاقي والسياسي الخارجي الأكثر إرباكاً لـ بايدن
السياسية:
صحيفة "الغارديان" البريطانية تنشر مقالاً للكاتب محمد بزي، هو مدير مركز "هاجوب كيفوركيان" لدراسات الشرق الأدنى، وأستاذ الصحافة في جامعة نيويورك.
أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:
منذ طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، أظهر الرئيس الأميركي جو بايدن دعماً شبه مطلق لـ"إسرائيل" وقادتها، فقد أرسلت إدارته المئات من شحنات الأسلحة التي مكّنت "الجيش الإسرائيلي" من مواصلة حربه الوحشية على غزة، واستخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لمنع قرارات متعددة تطالب بوقف إطلاق النار، وقوّضت شرعية كل من محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية بسبب انتقاداتهما للإجراءات "الإسرائيلية".
كان بايدن على استعداد لتدمير واجهة النظام الدولي القائم على القواعد لحماية "إسرائيل" والحكومة المتطرفة لرئيس وزرائها بنيامين نتنياهو.
قد تعتقد أن نتنياهو سيُظهر امتناناً عميقاً لحليف مثل بايدن الذي يُظهر مثل هذا الدعم غير المشروط لما يقارب 9 أشهر، وغالباً ما يتصرف ضد مصالحه الخاصة ومصالح الولايات المتحدة الأكبر. وبدلاً من ذلك، دأب نتنياهو على تجاهل وتحدي حليف "إسرائيل" الأكثر أهمية، ولم يدفع أي ثمن في مقابل ذلك.
والآن، يسخر رئيس الوزراء "الإسرائيلي" علناً من بايدن وإدارته؛ ففي 18 حزيران/يونيو، أصدر نتنياهو مقطع فيديو باللغة الإنكليزية يدّعي فيه أنّ الولايات المتحدة تحجب الأسلحة التي تحتاجها "إسرائيل" لمواصلة حربها.
فشل بايدن في استخدام النفوذ الأكثر فعالية الذي يتمتع به على الحكومة "الإسرائيلية": وقف شحنات الأسلحة الأميركية وإجبار نتنياهو على قبول اتفاق وقف إطلاق النار الذي تحاول إدارة بايدن التوسط فيه منذ أشهر. وبدلاً من ذلك، أظهر بايدن ضعفاً، وبدَّد أيّ تأثير كان يمكن أن يكون له على نتنياهو والحرب "الإسرائيلية" التي أودت بحياة أكثر من 37 ألف فلسطيني ودفعت غزة إلى حافة المجاعة.
لقد تحوّلت غزة إلى فشل بايدن الأخلاقي والسياسي الخارجي الأكثر إثارة للحيرة كرئيس: لماذا سمح لنتنياهو بتقويضه؟ ولماذا تستمر إدارة بايدن في الرد بطريقة غير ماهرة على زعيم أجنبي يعتمد على الولايات المتحدة أكثر بكثير من الآخر؟
كان من الواضح منذ أشهر أنّ نتنياهو لا يريد إنهاء الحرب في غزة. وقد عمل على تخريب المفاوضات التي تتوسط فيها الولايات المتحدة لوقف إطلاق النار والاتفاق على إطلاق سراح الرهائن المتبقين الذين تحتجزهم حماس. وبمجرد انتهاء الحرب، يشعر نتنياهو وحلفاؤه من اليمين المتطرف بالقلق من احتمال مواجهة انتخابات برلمانية مبكرة وتحقيقات عديدة في الإخفاقات الاستخباراتية للحكومة "الإسرائيلية" التي أدّت إلى هجوم حماس. إذا أُجبر على ترك السلطة، فسيواجه نتنياهو أيضاً محاكمة طال انتظارها بتهمة الرشوة وتهم الفساد الأخرى بسبب أفعال يُزعم أنه ارتكبها خلال فتراته السابقة كرئيس للوزراء.
لقد وقع بايدن وإدارته في نوع من التفكير السحري، فهم يطالبون نتنياهو وحكومته بوقف حرب وحشية، مع الاستمرار في توفير الأسلحة والغطاء السياسي الذي يمكّن "إسرائيل" من إطالة أمد إراقة الدماء.
* المادة نقلت حرفيا من موقع الميادين نت