السياسية:



تعيش الأكاديميات "الإسرائيلية" أسوأ أيّامها على المستوى الدولي، وتصطدم بالمقاطعة الغربية على وقع حرب غزة في أماكن واسعة في العالم، حيث إن المكانة العالميّة للمؤسسات الأكاديمية "الإسرائيلية" تأثرت بشكل كبير، على ضوء عوامل عدة تدفع باتجاه إلقاء مزيد من القيود على المؤسسات والشخصيات الأكاديمية في "إسرائيل"، في سياق العزلة الدولية التي يعاني منها كيان الاحتلال، تتعلّق هذه القيود بسحب التمويل وإلغاء مختلف أنواع تبادل الخبرات العلمية، وصولاً إلى قطع العلاقات المؤسساتيّة. وبالإضافة إلى الأجواء الأكاديمية المتوترة على الصعيد الخارجي، يعاني القطاع الأكاديمي "الإسرائيلي" أيضاً أزمات أخرى داخلية.

التأثيرات الداخلية: الطلاب إلى الاحتياط

من مظاهر التأثيرات المباشرة الداخلية على الأكاديميات "الإسرائيلية"، استدعاء 55 ألف طالب جامعي لجيش الاحتياط، 18% من مجمل الطلاب، بالإضافة إلى 3000 عضو في طاقم التعليمي والإداري في الجامعات "الإسرائيلية" (تبعاً للمخطط المتفق عليه بين رؤساء المؤسسات الجامعية والجيش) كما تقليص الفصل التعليمي الجامعي إلى 11 أسبوعاً بدلاً من 13، بالإضافة لتأجيل العام الدراسي الجامعي لنحو شهرين ونصف الشهر.

تجدر الإشارة، أن التدريبات والدورات التي تقدمها مؤسسات التعليم العالي "الإسرائيلية" تشكل عنصراً أساسياً في المجمع العسكري الصناعي لـ"إسرائيل". وهذا الترابط بين الجامعات وصناعة الأسلحة والجيش يدينها النشطاء المؤيدون للقضية الفلسطينية بشدّة، الذين دعوا إلى المقاطعة الأكاديمية لـ"إسرائيل" في مختلف الجامعات في العالم الغربي.

الباحثون "الإسرائيليون": الأسوأ كامن في المستقبل

كتبت صحيفة هآرتس العبرية مقال مطوّل من مقابلات مع عدد كبير من الباحثين "الإسرائيليين"، يجمعون على اختلاف التجارب التي مرّوا بها، وأكثرها في دول أوروبية على ضغوط يتعرضون لها تتعلق بإلغاء العضوية في مؤسسات غربية، فلا يريد عدد كبير من الباحثين الاشتراك في بحث يرتبط بباحث "إسرائيلي".
كما وإلغاء دعوات لمؤتمرات علمية، وإبطال تبادل الخبرات العلميّة، وشطب مقالات علميّة منشورة، ورفض نشر مقالات علمية، ورفض الإشراف على دراسات عليا لطلاب "إسرائيليين"، والتظاهر ضد الباحثين بحضورهم، ويقول الباحثون في المؤسسات الغربيّة إنهم لا يستطيعون التعاون مع دولة ترتكب إبادة جماعيّة، وتمارس جرائم حرب بينما تقول المؤسسات التي تحاول الوقوف في مساحة رماديّة، إنها لا تستطع تجاهل رفض الطلاب في الحرم الجامعي حضور باحث "إسرائيلي" في حرم الجامعة، لذا فإن إبطال الزيارة هو الخيار الأمثل.

يتفق الباحثون أيضاً حسب الصحيفة على أن ما تتعرّض له "إسرائيل" من مقاطعة أكاديميّة غير مسبوق، على مستوى الانتشار الأفقي وشدّة الموقف. لكن الأكثر إثارة للقلق بنظر الباحثين "الإسرائيليين" أن "إسرائيل" ما زالت في بداية الطريق، والأسوأ كامن في المستقبل".

يضاف إلى ذلك، على مستوى التعاون المؤسساتي، استجابة الكثير من الجامعات الأوروبية لمطالب طلابها، الداعية إلى قطع الشراكة مع المؤسسات الأكاديمية "الإسرائيلية" التي تعمل في الأراضي الفلسطينية المحتلّة، وشاركهم في ذلك آلاف الباحثين وأساتذة جامعيين وقّعوا على وثيقة تعهّد بـ"لا تعاون أكاديمي" مع المؤسسات "الإسرائيلية". فلم تكن الحالات مقتصرة على الأفراد فحسب بل طالت أيضاً المؤسسات والجامعات "الإسرائيلية"، وأبرز الدول الأوروبية التي استجابت فيها الجامعات لمطالب طلابها وقطعت علاقتها مع الجامعات "الإسرائيلية": بلجيكا وإسبانيا وإيطاليا والنرويج والمملكة المتحدة وهولندا.

يربط رئيس معهد أبحاث الأمن القومي "الإسرائيلي" العلاقات الدوليّة باعتبارها شريان حياة الأكاديمية "الإسرائيلية"، والأخيرة هي شريان الحياة للصناعات المتطوّرة والصناعات الأمنيّة. ويضيف على ذلك رئيس معهد "إسرائيل" للتكنولوجيا، بأن البحث العلمي "الإسرائيلية" والدراسات العليا "يرتكزان على العلاقات الدولية، وتبادل الخبرات الأكاديميّة مع المؤسسات والباحثين الأجانب". وعليه فإن حجم الأضرار التي ستلحق بالقطاع الأكاديمي على ضوء العزلة الدولية، التي باتت أزمة حقيقية يعيشها الكيان، تصعب السيطرة عليها أو تعويضها، ما يجر سلسلة من الخسائر الاقتصادية ومنع التطور في المجمع العسكري الصناعي لـ"إسرائيل"، وسوء جودة البحث العلمي "الإسرائيلية" وبالتالي للحياة المهنيّة للباحثين "الإسرائيليين" في الخارج.

* المادة نقلت حرفيا من موقع الخنادق الاخباري