السياسية:

ذكرت صحيفة "الغارديان" البريطانية في مقال نشرته، مساء الأربعاء، أن نفس الدول التي قالت "لن يحدث ذلك مرة أخرى" بعد رواندا، "أعطت إسرائيل تصريحاً مجانياً خلال 6 أشهر من الموت والدمار".

وقالت الصحيفة: "بينما تمضي الحرب في غزة شهرها السادس المميت وتتراكم الاتهامات بارتكاب "إسرائيل" جرائم حرب، يصادف هذا الأسبوع أيضاً مرور 30 عاماً منذ أن أدار العالم ظهره لأقلية التوتسي في رواندا"، بحسب الغارديان.

وأوضحت أنّ "أعمال القتل التي دامت 100 يوم، والتي أصبحت تعرف باسم الإبادة الجماعية في رواندا، بدأت في 7 أبريل 1994، حين قتل المتطرفون الهوتو نحو 800 ألف من التوتسي، في حين وجدت القوى الكبرى، بقيادة الولايات المتحدة، أسباباً لعدم إنقاذهم".

وحتى مع تزايد الأدلة على الفظائع، أمر بيل كلينتون (الرئيس الأميركي الأسبق) موظفيه بعدم وصف عمليات القتل بأنها إبادة جماعية، لأن ذلك كان سيؤدي إلى ضغوط سياسية وقانونية لحمل الولايات المتحدة على التدخل، ومنع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة من إرسال قوات لوقف المذبحة، وفق تعبير الصحيفة البريطانية.

وتشير "الغارديان" إلى أنه "لم تكن الولايات المتحدة وحدها"، وأن "الجنود الفرنسيين في رواندا أنقذوا الأجانب وحيواناتهم الأليفة، لكنهم لم يفعلوا شيئاً لإنقاذ التوتسي العاديين".

وبدلاً من ذلك، انغمست فرنسا في "أوهامها الاستعمارية بشأن مناطق النفوذ، وسعت إلى دعم حكومة الهوتو المتطرفة التي قادت الإبادة الجماعية".

وقالت الصحيفة إنّ "هذا التخلي سمح لأعمال القتل بالانتشار من عاصمة رواندا إلى بقية أنحاء البلاد، وأعطى نظام الهوتو شعوراً بالحصانة من العقاب"، مضيفة أنّ "منظمي محاولة إبادة التوتسي اعتبروا عدم مبالاة العالم بمثابة إشارة للمضي قدماً".

وأضافت: "دفع الشعور بالذنب تجاه التقاعس عن العمل الأمم المتحدة إلى إنشاء محكمة دولية لمحاكمة أولئك الذين قادوا الإبادة الجماعية، ومهدت محاكمات رواندا، إلى جانب المحكمة الموازية ليوغوسلافيا السابقة، الطريق لإنشاء المحكمة الجنائية الدولية في عام 2002 ذات الولاية القضائية على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية".

وتابعت: "يبدو أن محاكمة العشرات من المسؤولين عن أعمال الإبادة الجماعية كانت بمثابة علامة تشير إلى أن العالم لن يسمح بعد الآن بمرور الجرائم ضد الإنسانية دون عقاب"، وأن الوعد "بعدم تكرار ذلك أبداً" قد يتحقق أخيراً.

وبحسب "الغارديان" البريطانية، "احتفل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالذكرى السنوية للإبادة الجماعية في رواندا، في وقت سابق من هذا الشهر، من خلال الاعتراف بأن بلاده وحلفاءها كان بوسعهم وقفها، لكنهم افتقروا إلى الإرادة للقيام بذلك، على الرغم من أن الأدلة على الجريمة كانت تحدّق في عيونهم"، على حدّ تعبيرها

ويتساءل كاتب المقال عن أنه "ما قيمة مثل هذا الاعتراف الصريح بالذنب" إذا كانت "إسرائيل" بعد ثلاثة عقود من الزمن، ستمرّ مذبحتها دون عقاب تجاه الفلسطينيين في غزة، حيث تسببت الهجمات البرية والقصف العشوائي في مقتل ضعف عدد القتلى من مقاتلي حماس".

وبحسب الغارديان، "قُتل ما لا يقل عن 22 ألف امرأة وطفل، وفقاً لتقديرات وزارة الصحة في غزة – أي أكثر من 1% من سكان قطاع غزة، مع وجود أعداد لا حصر لها من المفقودين تحت الأنقاض".

كما يشير المقال إلى أن "الهجوم على غزة لم يكن قط يتعلق فقط بمحاربة حماس" بل جاء "في سياق تعطش اليمين الصهيوني للأرض الفلسطينية، وتجريد السكان العرب من إنسانيتهم منذ فترة طويلة، وملاحقة ما تسميه جماعة حقوق الإنسان الصهيونية - بتسيليم، سياسات التفوق اليهودي والفصل العنصري"، وفق ما ذكرت الغارديان.

وبرأي الكاتب فإنّ "التحقيق الذي تجريه المحكمة الجنائية الدولية أمر يستحق الترحيب، ولكنه سوف يكتمل بعد فوات الأوان لإنقاذ أولئك الذين ما زالوا يواجهون القنابل والرصاص والمجاعة في غزة. ويتعين على حلفاء "إسرائيل" المقربين أن يفعلوا ما هو أكثر من مجرد انتزاع الأيدي والارتقاء إلى مستوى الدروس التي يزعمون أنهم تعلموها في رواندا".

ويقول الكاتب إن "نفس الدول التي قالت "لن يحدث ذلك مرة أخرى" منحت "إسرائيل" تصريحاً مجانياً على مدى الأشهر الستة الماضية إلى أن دفعتها أخيراً وفاة عمال الإغاثة الأجانب إلى درجة من العمل. ولكن هذا ليس كافياً".

وتختم "الغارديان" المقال بالقول: "يمكن أن تحدث الإبادة الجماعية في أي مكان، فهي ليست ظاهرة أفريقية فقط، ولا ينبغي أبداً أن ينظر إليها على هذا النحو.. لقد رأينا ذلك في أوروبا الصناعية.. لقد رأينا ذلك في آسيا.. ويجب أن نتحلى باليقظة العالمية".

* المصدر: موقع الميادين نت
* المادة نقلت حرفيا من المصدر