السياسية || تقرير: مرزاح العسل ||

لاقت جريمة اغتيال سبعة من عمال الإغاثة الدوليين بغارة جوية صهيونية استهدفت مركباتهم الليلة الماضية، في دير البلح وسط قطاع غزة، تنديد دولي واسع، ومطالبات للعدو الصهيوني بوقف عمليات القتل العشوائي وحرب التجويع التي يمارسها في القطاع منذ أكثر من ستة شهور.


وفي هذا السياق أعرب مؤسس منظمة "وورلد سنترال كيتشن" (المطبخ المركزي العالمي) خوسيه أندريس في منشور له على منصة "إكس"، عن حزنه لمقتل أعضاء في المنظمة بالغارة الصهيونية.. داعياً حكومة العدو إلى الكف عن "القتل العشوائي"، وعن فرض قيود على المساعدات الإنسانية، كما طالبها بوقف استخدام الغذاء سلاحا.

وأوضحت المنظمة الإغاثية أن القتلى السبعة من أستراليا وبولندا وبريطانيا وبعضهم لديهم جنسيات مزدوجة من أمريكا وكندا وفلسطين.

وقالت المنظمة: إن فريقها المستهدف كان يتحرك في منطقة منزوعة السلاح بسيارتين مصفحتين ومركبة أخرى تحمل شعار المنظمة، لكنه تعرض للقصف أثناء مغادرته مستودعا بدير البلح بعد تفريغ أكثر من 100 طن من المساعدات الغذائية الإنسانية، رغم تنسيق التحرك مع جيش العدو الصهيوني.

بدورها.. قالت الرئيسة التنفيذية للمؤسسة الخيرية إيرين جور، في بيان لها: "أشعر بالحزن والفزع لأننا فقدنا أرواحًا جميلة اليوم بسبب هجوم مستهدف شنه الجيش الصهيوني".. مضيفة: إن "الحب الذي كان لديهم لإطعام الناس، والتصميم الذي جسدوه لإظهار أن الإنسانية تسمو فوق كل شيء، والأثر الذي أحدثوه في حياة عدد لا يحصى من الناس، سوف نتذكره ونعتز به إلى الأبد".

وقررت مؤسسة "وورلد سنترال كيتشن" – المطبخ المركزي العالمي - الخيرية للأغذية، تعليق عملياتها في غزة بعد مقتل سبعة من موظفيها في غارة جوية صهيونية.. وقالت: إن القتلى كانوا ضمن قافلة مساعدات كانت تغادر أحد المستودعات وسط غزة.

وقال مصدر طبي فلسطيني لشبكة "بي بي سي" البريطانية: إن الموظفين كانوا يرتدون سترات واقية من الرصاص تحمل شعار المؤسسة.

فيما قالت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني: إنها انتشلت جميع الجثث السبعة من مكان الحادث بعد "عملية صعبة استمرت عدة ساعات".. مضيفة: إن الجثث نقلت إلى مستشفى أبو يوسف النجار جنوب غزة تمهيدا لإجلائها عبر معبر رفح الحدودي إلى مصر.

فصائل المقاومة الفلسطينية أدانت الجريمة "المروعة" التي ارتكبها العدو الصهيوني ضد فريق إغاثي أجنبي تابع لمنظمة "المطبخ المركزي العالمي" بعد استهداف سيارتهم التي تحمل شعار المنظمة، في دير البلح وسط قطاع غزة.

وأدانت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، الجريمة.. معتبرة أنّ هذه الجريمة تؤكّد مجدداً أنّ العدو الصهيوني لا زال يصر على سياسة القتل الممنهج ضدّ المدنيين العزل، وضدّ فِرَق الإغاثة الدولية والمنظمات الإنسانية، في إطار مساعيه لإرهاب العاملين فيها، لمنعهم من مواصلة مهامّهم الإنسانية.

وطالبت حركة حماس المجتمع الدولي ومجلس الأمن بإدانة هذا الفعل الشنيع، والتحرك لوضع حدّ لجرائم العدو الصهيوني وعدوانه على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

فيما أكدت حركة المجاهدين أن هذه الجريمة البشعة مضافة للجرائم المتواصلة ضد الشعب الفلسطيني في غزة الصامدة تعكس إصرار العدو على القتل وإيصال رسالة للعالم والمؤسسات الدولية أنه فوق القانون والمحاسبة.

وأشارت الحركة إلى أن هذه الجريمة الوحشية الجديدة تعكس مدى حجم الاجرام الذي تمارسه العصابات الصهيونية ضد الجنس البشري في فلسطين دون تفرقة أو تمييز.

وشددت على أن "استمرار الجرائم الصهيونية يوجب على كل حر في العالم أن يرفع صوته وأن يمارس مزيد من الضغط لوقف جرائم الإبادة الجماعية الصهيونية في قطاع غزة، فالعار سيلحق كل متخاذل وصامت".

كما استنكرت القوى الوطنية والإسلامية في فلسطين، استهداف طائرات العدو عددًا من السيارات المصفحة التي تحمل إشارات دولية معروفة لدى عودتها من منطقة اللسان البحري في المحافظة الوسطى، ما يكشف عن مستوى الإرهاب الصهيوني النازي الذي يستهدف البشر والحجر والشجر ويسعى لتدمير كل مناحي الحياة المدنية.

وأكدت هذه القوى أن هذه الجريمة البشعة هي رسالة ترهيب لكل العالم ولكل الجهود الدولية والإنسانية التي تسعى لتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني جراء الحصار والعدوان.

على الصعيد الدولي.. أعلن وزير الخارجية البولندي رادوسلاف سيكورسكي أنه طلب توضيحات من الكيان الصهيوني غداة الغارة التي أسفرت عن مقتل سبعة من موظفي الإغاثة بينهم بولندي.

وكتب على منصة إكس قائلاً: "طلبت شخصيا من السفير الصهيوني ياكوف ليفني توضيحات عاجلة.. وأكد لي أن بولندا ستتلقى قريبا نتائج تحقيق حول هذه المأساة".. مضيفاً: إن وارسو تعتزم إجراء تحقيقها الخاص.

بدوره طالب رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، حكومة العدو الصهيوني بتوضيح ملابسات الهجوم على عمال الإغاثة في أقرب وقت.

فيما أعرب وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث، عن غضبه من مقتل عمال الإغاثة، وقال في تصريحات صحفية: "رغم الحديث عن وقف إطلاق النار، إلا أن الحرب تسرق أفضل ما فينا ولا يمكن الدفاع عن تصرفات من يقف وراءها".

وأكد مدير قسم (إسرائيل وفلسطين) بمنظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية الدولية: إن الكيان الصهيوني اتخذ قرار قصف قافلة عمال الإغاثة رغم معرفته بتحركاته.. مبيناً أكثر من 170 عامل إغاثة قتلوا بغزة، وأي شخص يساعد الفلسطينيين بغزة أصبح معرضا لخطر القتل.

أما رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز، فقد اعتبر أن مقتل عاملة إغاثة أسترالية في الغارة "أمر غير مقبول على الإطلاق".. مشدداً على أن حكومته على اتصال بالحكومة الصهيونية وسفيرها سعياً إلى "المساءلة".

وقال ألبانيز: "نتوقع المساءلة الكاملة عن مأساة مقتل عمال الإغاثة في غزة.. عمال الإغاثة والعاملون في المجال الإنساني، وجميع المدنيين الأبرياء، بحاجة إلى توفير الحماية لهم".

وبينما تعهد جيش العدو الصهيوني اليوم، بإجراء تحقيق ادعى أنه سيكون "شفافاً" في الغارة الجوية التي أدت إلى مقتل عمال الإغاثة في غزة، طالب وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن سلطات العدو الصهيوني بإجراء تحقيق "سريع ومحايد" حول مقتل العاملين السبعة.

وقال: "تحدثنا مباشرة إلى الحكومة الصهيونية بشأن هذه الواقعة تحديدا.. دعونا إلى إجراء تحقيق سريع وشامل ونزيه لفهم ما حدث بالضبط".. مضيفاً: إنه يجب حماية العاملين في المجال الإنساني.

بدوره أعرب وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه اليوم عن إدانة بلاده الحازمة.. مؤكدا أن "حماية الطواقم الإنسانية هو واجب أخلاقي وقانوني يجب أن يلتزم العالم به".

كما أدان مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الاعتداء الدموي على منظمة "وورلد سنترال كيتشن" الأمريكية الخيرية في غزة.. داعياً إلى فتح تحقيق.

وكتب بوريل على موقع "إكس": "أدين هذا الهجوم وأدعو إلى بدء تحقيق في أقرب وقت ممكن".. مضيفاً "على الرغم من كل المناشدات لحماية المدنيين وعمال الإغاثة، ما زلنا نرى أبرياء يُقتلون".

من جانبها عبرت الصين اليوم عن "صدمتها" حيال الضربة الصهيونية التي أسفرت عن مقتل سبعة من موظفي منظمة إغاثة أمريكية في قطاع غزة.

وأعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ وينبين في بيان له، أن بكين "تعارض أي عمل يسيء إلى المدنيين ويدمر بنى تحتية مدنية أو ينتهك القانون الدولي".. مضيفة: "إننا ندين" هذا الهجوم.

وقال نائب رئيس منظمة أطباء العالم جان فرنسوا كورتي الثلاثاء، إن الضربة التي أودت بسبعة عمال في منظمة المعونة الغذائية الأمريكية غير الحكومية في غزة هي "رسالة أرسلها الجيش الإسرائيلي" تهدف إلى منع العاملين في المجال الإنساني من التدخل على الأرض.

كما طالب وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون الكيان الصهيوني بـ"التحقيق الفوري وتقديم تفسير كامل وشفاف لما حدث" " بشأن الغارة الجوية التي أسفرت عن مقتل سبعة من عمال الإغاثة في القطاع.

وكتب كاميرون خلال منشور على منصة "إكس": تم الإبلاغ عن مقتل مواطنين بريطانيين ونعمل بشكل عاجل على التحقق من هذه المعلومات".. مضيفاً: "من الضروري أن يتمتع العاملون في المجال الإنساني بالحماية وأن يكونوا قادرين على أداء عملهم".

كما دعا الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس إلى إجراء تحقيق فوري في مقتل موظفي الإغاثة السبعة، قائلا: إن جمعية المطبخ المركزي العالمية الخيرية ومقرها الولايات المتحدة كانت "شريكا مهما" في مبادرة إيصال المساعدات إلى القطاع عن طريق البحر.

وقال بعد اجتماع مع رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا: "نحن بحاجة إلى مضاعفة الجهود لتوصيل المساعدات إلى غزة".

ويشار إلى أن منظمة "وورلد سنترال كيتشن" شاركت بشكل نشط منذ بدء الحرب بين كيان العدو الصهيوني والمقاومة الفلسطينية في غزة في السابع من أكتوبر الماضي في عمليات الإغاثة، ولا سيما توزيع وجبات غذائية على سكان القطاع المهدد بالمجاعة، وتقدّم مساعدات غذائية ووجبات جاهزة للمحتاجين.. وقالت الشهر الماضي إنها قدمت أكثر من 42 مليون وجبة في غزة على مدى 175 يوماً.

وبدأت المنظمة العمل في 2010 عندما أرسل الطاهي خوسيه أندريس طهاة وطعاماً إلى هايتي بعد وقوع زلزال هناك.. ومنذ ذلك الحين، تقوم المنظمة بتوصيل الغذاء للمجتمعات المتضررة من الكوارث الطبيعية واللاجئين والعاملين في مجال الرعاية الصحية.

الجدير ذكره أنه وفقاً لسجلات بيانات أمنية لموظفي الإغاثة التي تمولها الولايات المتحدة، وتسجل حوادث العنف الكبرى ضد موظفي الإغاثة، فقد قُتل أكثر من 196 من موظفي الإغاثة في غزة منذ أكتوبر الماضي.

سبأ