السياسية || تقرير: جميل القشم

واجهت مؤسسة موانئ البحر الأحمر على مدى تسع سنوات في ظل العدوان والحصار، العديد من التحديات والتداعيات، التي انعكست على نشاط دخول البضائع ومعاناة ملايين اليمنيين بسبب إغلاق الموانئ وفرض اجراءات تعسفية على الملاحة التجارية، نتج عنها أكبر كارثة إنسانية في العالم.

ورغم استمرار بعض التحديات جراء التداعيات والقيود التي عانت منها لعدة سنوات، نتيجة الحصار والقيود على نشاط موانئ البحر الأحمر، وما لحق بها من أضرار مادية بليغة جراء استهداف البنى التحتية ومعدات الحركة التشغيلية، إلا أن ثمة جهود واسعة بدأت تتجلى في تطوير خدمات ميناء الحديدة.

حيث منع دخول الغذاء والدواء وانعكست تأثيرات الحصار على محدودية توفير احتياجات ملايين اليمنيين، عبر هذه المنافذ، إذ مثل ميناء الحديدة كغيره من موانئ البحر الأحمر، هدفاً استراتيجياً لتحالف العدوان الذي عمد إلى فرض إجراءاته التعسفية بتجميد أنشطتها ومنع دخول المواد الأساسية، ما تسبب بحدوث الكارثة الإنسانية التي عانى منها الشعب اليمني.

كما نتج عن هذه الكارثة وإغلاق وقصف الموانئ وتدمير معداتها، وتوقف النشاط التجاري وخطوط الملاحة، خسائر مادية بمليارات الدولارات، والتزامات كبيرة تواجه مؤسسة موانئ البحر الأحمر، خصوصا بعد انفراج عملية تدفق السفن التجارية، وما تتطلبه من جهود وأعمال لمعالجة مجمل هذه الأضرار.

واتجهت جهود المؤسسة خصوصاً خلال الفترة الماضية، إلى تنفيذ عدد من البرامج والخطط التطويرية لمشاريع وخدمات ميناء الحديدة، والانتقال النوعي بإجراءات وآليات مواكبة تدفق السفن وتنظيم ساحات وأرصفة تفريغ ومناولة البضائع، وخطط رفع كفاءة وجاهزية الميناء ومضاعفة طاقته الإنتاجية.

ولمواكبة متطلبات النشاط التشغيلي لميناء الحديدة، الذي يغطي احتياجات أكثر من 70% من أبناء الشعب اليمني في عموم المحافظات، أثمرت جهود قيادة المؤسسة خلال الفترة الماضية عن إعادة تأهيل وصيانة العديد من المعدات والآليات التشغيلية والتي أسهمت بوتيرة عالية في تقديم خدماتها الملاحية لمختلف السفن.

ونظرا لما تتطلبه عملية مناولة ونقل البضائع، من تنظيم وترتيب لمنع تكدس وازدحام الشاحنات والقاطرات وما تسببه من إعاقة لحركة السير بأرصفة ميناء الحديدة وساحاته وخارج البوابات الرئيسية، تركزت الجهود على تنفيذ جملة من الأعمال والمشاريع لمعالجة المشاكل التي تعاني منها المنطقة التشغيلية بالميناء.

وفيما يتعلق بجهود تعزيز الأداء، نجحت المؤسسة في خطة تطوير كفاءة وقدرات كوادرها والعاملين بالميناء، والتكامل وتعزيز التنسيق بين مختلف المرافق العاملة في الميناء، إلى جانب تقديم التسهيلات لرجال الأعمال والشركات الملاحية، في تحسين خدمات شحن وتفريغ البضائع، وتزايد نشاط دخول السفن.

وحول تداعيات العدوان ومؤشرات النجاح، أوضح رئيس مؤسسة موانئ البحر الأحمر المهندس بحري ياسر محمد، لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ) أن استهداف دول العدوان للبنى التحتية للموانئ والتدمير الممنهج لمعدات وآليات خدمات المؤسسة، والتعمد في إعلان إغلاق كافة الموانئ البحرية، سيظل شاهدا حيا على فداحة أكبر جرائم الحرب الإنسانية التي ارتكبها التحالف في اليمن.

واستعرض أبرز الأضرار التي طالت الموانئ ومنها ميناء الحديدة الذي تم تدمير كريناته الجسرية وهناجر الصيانة والتخزين ومنزلقات العائمات البحرية، واحتلال ميناء المخاء، واستهداف مرافق وأرصفة مينائي رأس عيسى والصليف، وكذا تعطيل النشاط الملاحي والتجاري ومنع دخول الاحتياجات الأساسية المتمثلة بالغذاء والدواء ومشتقات النفط.

وشدد على الحرص على الاستمرار في تطوير خدمات الموانئ ورفع كفاءة قدرات الجانب التشغيلي، ومعالجة الأضرار حسب المتاح من الإمكانات، وحشد كافة الجهود لتنفيذ المسئوليات بما يكفل استعادة النشاط الملاحي لتخفيف معاناة الشعب اليمني.

وثمن المهندس ياسر، الدور الفاعل للقيادة الثورية والمجلس السياسي الأعلى وحكومة تصريف الأعمال وقيادة وزارة النقل والجهات ذات العلاقة في تذليل الصعاب والعوائق التي تواجه المؤسسة جراء ما لحق بها من أضرار كبرى نتيجة استهداف تحالف العدوان الممنهج لموانئ البحر الأحمر.

وأشاد بجهود وأداء كافة العاملين في المؤسسة وحرصهم على تحسين خدمات الموانئ وما تحقق بفضل صمودهم في العمل والذين لم تثنهم تداعيات العدوان عن الاستمرار في تأدية واجبهم الوطني والإسهام بدور إيجابي في الارتقاء بآليات العمل ومعالجة وإصلاح بعض الأضرار الفنية في معدات التشغيل حسب المتاح من الإمكانات والقدرات.

وفيما يتعلق ببرامج وأداء المؤسسة، بين رئيس مجلس الإدارة، أن خطة العمل ترتكز على عدة مسارات تشمل : إعادة تأهيل وصيانة المعدات، وتحفيز قدرات الجانب الإداري والفني، وتحسين الأداء المالي، ومواكبة الاحتياجات الطارئة والتطويرية بأعمال ومشاريع متعددة.

ونوه إلى أن قيادة المؤسسة، تركز اهتمامها منذ الربع الأخير من العام الماضي 2023م، وعبر مصفوفة عمل تنفيذية، على معالجة التحديات التي شهدها عمل الموانئ، وتحقيق مستوى أفضل في سلاسة الخدمات والإجراءات المتعلقة باستقبال السفن التجارية وسفن الحاويات، وتنفيذ المشاريع التطويرية بميناء الحديدة.

وأفاد بأن من ضمن هذه المشاريع، إنجاز مشروع تطوير المنطقة التشغيلية للميناء، وتنفيذ أعمال تسوية ساحة استقبال الشاحنات المحملة بالحاويات جوار البوابة الغربية بمساحة80 ألف متر، وإعادة تأهيل ساحة الحاويات الجديدة التي خصصت لموقف شاحنات الحاويات بمساحة 180 ألف متر مربع، وتأهيل بوابة المستثمرين جوار البوابة الشرقية التي تم تخصيصها لخروج البضائع.

وتطرق رئيس المؤسسة، إلى الأعمال والمشاريع التي شملتها الأرصفة العامة وأرصفة الحاويات وصولاً إلى بوابة الخروج والمرافق العامة، لغرض تسهيل إجراءات التفتيش على البضائع وتخفيف الازدحام وتكدس الحاويات، والحد من الضغط على الساحات القريبة من الأرصفة وعلى معدات وآليات المناولة في محطة الحاويات من حاضنات ورافعات.

وبين أن تنفيذ مشاريع تسوية وتأهيل وتنظيم الساحات الترابية، وأرصفة الميناء لتسهيل حركة السير ومواقف انتظار الشاحنات والقاطرات، تمت وفق دراسات فنية ولجان عمل مكونة من خبراء واستشاريين، لتحقيق التشغيل الآمن والكفاءة في الأداء وإنهاء العوائق.

وذكر أنه تم إعداد آلية دقيقة لترتيب قاطرات الحاويات في الساحة المخصصة للمواد الخطرة، وذلك بتقسيم الساحة إلى خطوط ومسارات من 1- 13 لاستيعاب أكبر عدد من الحاويات يصل إلى ألف و220 قاطرة، بما يكفل تقليل وقت انتظار السفن لدخول الميناء وزمن الرسو بالأرصفة، وبما يسهم في رفع كفاءة التشغيل وتحقيق أعلى معدلات في التفريغ.

وبشأن صيانة المعدات، نوه المهندس ياسر، إلى جهود صيانة الكرينين الجسريين "عدن ـ المكلا" اللذين تعرضا لقصف مباشر من قبل طيران العدوان منتصف أغسطس 2015م، وكذا صيانة اللنشين "تعز، وحجة" في منزلق العائمات البحرية، بالإضافة إلى صيانة اللنش القاطر "22 مايو".

واستعرض ما تم إنجازه في القناة الملاحية بتركيب بوج بحرية لعدد 20 بوجة من إجمالي 27 بوجة إرشادية للسفن، وذلك لأهميتها في التقليل من فترة بقاء السفن في الغاطس وانتظارها أثناء دخولها أو خروجها من وإلى الميناء خصوصاً في فترة الليل، إضافة إلى أعمال تأهيل الحاضنتين رقم (10، 13) لغرض إعادتهما للخدمة، للتخفيف من ضغط تداول الحاويات بميناء الحديدة، وصيانة وتأهيل أربع قواطر حاويات، لافتاً إلى أنه تم تأهيل وإصلاح ثلاث كماشات 40 طناً وإعادتها للخدمة بما يخدم كفاءة عملية تداول الحاويات.

وبين الرئيس التنفيذي لمؤسسة الموانئ، أنه تم تنفيذ الصيانة الدورية لجميع المعدات بحسب البرنامج المعد مسبقا، مؤكداً أن أعمال الصيانة للمعدات والآليات، تتم بجهود ذاتية وخبرات محلية، مثمناً الدور الكبير لكوادر المؤسسة في صيانة هذه المعدات رغم الصعوبات والتحديات.

وأشاد بدور قيادة وزارة النقل وحرصها واهتمامها بمتابعة تذليل العوائق التي تواجه مؤسسة الموانئ، وكذا استمرار جهود التنسيق لمعالجة الأضرار، مبينا أن نشاط ميناء الحديدة يشهد تطورا ملحوظا بدعم واهتمام القيادة الثورية والمجلس السياسي الأعلى.

وأكد أن الرؤية الاستراتيجية للمؤسسة، تتضمن الاهتمام بمسار الإصلاح الإداري والمالي وترشيد النفقات، وتنفيذ سلسلة من البرامج التدريبية المواكبة لمتطلبات خدمات الميناء والنهوض بقدرات الموظفين والعاملين لتحقيق الكفاءة في العمل، لافتاً إلى ما تم إنجازه خلال الأشهر الماضية من تدريب وتحسين مؤشرات الأداء المالي للمؤسسة.

من جانبه أكد نائب رئيس المؤسسة زيد الوشلي، أن الجهود النوعية في انجاز وتنفيذ عدد من الأعمال والمشاريع التطويرية لخدمات القطاع البحري خلال فترة قصيرة، توّجت بتدشين العمل بخدمات النافذة الواحدة مطلع يناير الماضي.

واعتبر تدشين العمل بمشروع النافذة، نقطة تحول في تطوير الخدمات وفقا لما هو معمول به في موانئ العالم، بغرض تبسيط وأتمتة تبادل المعلومات بين كافة الجهات المعنية في القطاع البحري والمتعلقة بوصول السفن ومغادرتها وحركة البضائع والحاويات وتسريع إجراءات نقلها وتعزيز الأمن والسلامة في سلسلة التوريد البحرية.

ونوه الوشلي، الى أن النافذة البحرية الواحدة، ستسهم في تسهيل المعاملات وسرعة استكمال الإجراءات في مكان واحد ونظام آلي فعال في إطار الخطوط التوجيهية التي أصدرتها المنظمة البحرية الدولية، وبكفاءة عالية تواكب التطور والتحول البحري ونشاط الملاحة.

وأشار نائب رئيس المؤسسة، إلى ما لحق بموانئ البحر الأحمر من أضرار كبيرة والتعمد في قصف بنيتها التحتية والمعدات الخاصة بخدمات تفريغ السفن، بتواطؤ ودعم أمريكي، في انتهاك للقانون الدولي الإنساني والمواثيق المتعارف عليها ومنها اتفاقيات جنيف الأربع والبرتوكولات الملحقة بها والتي تجرم استهداف الأعيان المدنية والمرافق الخدمية.

كما اعتبر تعمد دول العدوان ممارسة سياسة التضليل والأكاذيب في الحصار على موانئ البحر الأحمر وفرض المعاناة وتجويع الشعب اليمني، وربط الاستحقاقات الإنسانية والقانونية في دخول الغذاء والدواء والمشتقات النفطية بملفات عسكرية وأجندات سياسية تخدم مصالحها؛ انتهاكاً سافراً لحقوق الإنسان وجريمة حرب مكتملة الأركان.

وتطرق الوشلي، إلى تداعيات الحصار وإيقاف نشاط الموانئ، وما نتج عنها من عجز في حرمان الدولة من الإيرادات، إلى جانب النقص الحاد في المواد الغذائية والدواء ومواد البناء، والمشتقات النفطية في ارتفاع الأسعار وحدوث أزمة في الخدمات العامة تسببت بكارثة ليس لها مثيل.

وأكد أن المؤسسة حريصة على تنفيذ مهامها وفق القوانين والأعراف الدولية والقيام بدورها في تعزيز خدماتها والعمل بمسؤولية أخلاقية وقانونية، لإنهاء تبعات الأزمة الإنسانية التي يتعرض لها الشعب اليمني، مطالباً الأمم المتحدة والجهات ذات العلاقة، بسرعة الايفاء بالتزاماتها المتفق عليها بما فيها توفير الكرينات الجسرية والمعدات والآليات التشغيلية التي دمرها العدوان بشكل ممنهج.

ونبه الوشلي، إلى أن استعادة نشاط موانئ البحر الأحمر ودخول السفن المحملة بالبضائع والمشتقات النفطية وسفن الحاويات عبر ميناء الحديدة بعد سنوات من المعاناة، يمثل حقا مشروعا لا منّة فيه ولا فضل لأعداء اليمن، ومن أهم أولويات القيادة لإنهاء معاناة الشعب اليمني وفرض التجويع الممنهج على الملايين من أبنائه.

وكانت مؤسسة موانئ البحر الأحمر، كشفت في مؤتمر صحفي العام الماضي، أن الخسائر المادية المباشرة وغير المباشرة التي لحقت بها جراء العدوان والحصار، بلغت ثلاثة مليارات و254 مليونا و970 ألف دولار.



سبأ