السياسية: مرزاح العسل


في ظل صمت العالم المنافق واستمرار العدوان الصهيوأمريكي الغاشم على قطاع غزة.. يعاني سكان القطاع في شهر رمضان المبارك من شح المواد التموينية وعدم توفر الكثير من البضائع في الأسواق، بسبب تعمد سلطات العدو الإبقاء على إغلاق المعابر منذ اليوم الأول للحرب.

ومع دخول العدوان الهمجي يومه الـ162، استقبل سكان قطاع غزة، سادس أيام شهر رمضان المبارك على وقع حرب “الإبادة الجماعية” المتواصلة منذ أكتوبر الماضي، وذلك مع تفاقم الجوع الذي بلغ مستويات قياسية في مختلف أنحاء القطاع وخاصة في مناطق الشمال، وسط الدمار الشامل الذي طال البنية التحتية والاحياء السكنية.

ووفقا لسياسات حكومة العدو الصهيوني، فإن عملية دخول البضائع بما فيها تلك التي تدخل على شكل مساعدات، لا تزال بسيطة مقارنة بالفترة التي كانت قبل الحرب، والتي كان خلالها يشتكي السكان أيضا من الحصار المطبق على غزة منذ نحو 17 عاماً.

ويؤكد سكان غزة أن المواد التي توفر لهم حاليا على شكل مساعدات، والتي تتمثل بالدقيق والمعلبات وبعض البقوليات، لا تكفي احتياجاتهم اليومية، كما أن تحضيرها يحتاج إلى مواد أخرى وهي أيضاً معدومة.

وأفادت تقارير إعلامية بأن الكثير من السكان الذين يقطنون مناطق وسط وجنوب قطاع غزة، يضطرون لشرب الشاي بدون سكر، وتجهيزه كالعادة على مواقد النار، لعدم توفر غاز الطهي، الذي يسمح بدخوله بكميات مقننة.

وهذا ما أكد عليه المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في الغذاء مايكل فخري، في مقال نشره قبل أيام، حيث قال: إنه رغم الكمية الضئيلة من المساعدات الإنسانية المسموح بدخولها “لا يزال سكان القطاع يفتقرون إلى الوقود اللازم للطهي، ومعظم المخابز تفتقر لما يكفي من الوقود أو الدقيق لصنع الخبز للناس، ويحاول الآباء إطعام أطفالهم بالقليل من الطعام الحيواني المتبقي لديهم، كما أن حيوانات المزرعة تتضور جوعا ولا يمكن أن تصبح مصدرا للغذاء”.

وحذر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، من أن “المجاعة تتعمق” في القطاع وتهدد حياة مئات آلاف من الأطفال والنساء، بسبب استمرار الحرب.. مشيراً إلى أن هذه المجاعة تتعمق بشكل أكبر في محافظتي غزة وشمال غزة، وهو أمر أكد أنه “ينذر بكارثة إنسانية عالمية قد يروح ضحيتها أكثر من 700 ألف مواطن فلسطيني ما زالوا يتواجدون في هاتين المحافظتين”.

وكشفت مصادر إعلامية مؤخراً عن رفض حكومة العدو الصهيوني 22 طلبًا قدمها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) خلال يناير الماضي، من أجل تأمين الطريق لإيصال المساعدات الإنسانية إلى تلك المناطق.

ونقل موقع الأمم المتحدة عن المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، قوله: إن الإمدادات الغذائية المتسقة والتي يمكن الاعتماد عليها لخدمة جميع سكان غزة لا تزال تواجه عوائق، بسبب الإغلاق المتكرر للحدود والقيود على استيراد البضائع إلى غزة، والأضرار التي لحقت بالبنية التحتية الحيوية، فضلا عن الوضع الأمني.

وأضاف دوجاريك: “إن انعدام الأمن الغذائي في غزة وصل إلى حالة حرجة للغاية، نظرا للقيود الكبيرة المفروضة على إيصال المساعدات الإنسانية”.

وذكر تقرير أممي أن أناسا في غزة، أبلغوا موظفي برنامج الأغذية العالمي، أنهم غالبا ما يمضون أياما كاملة دون تناول الطعام، وأن العديد من البالغين يعانون من الجوع حتى يتمكن الأطفال من تناول الطعام.

بدوره.. قال متحدث منظمة الصحة العالمية، كريستيان ليندماير، في تصريح لوكالة الأناضول التركية الخميس: إن الوضع كارثي، وإن الجوع يفتك بالناس في قطاع غزة الذي يتعرض لحرب صهيونية مدمرة، وإن الأطفال هم الأكثر عرضة لخطر الإصابة بالأمراض.. لافتاً إلى أن غالبية السكان يواجهون الجوع وسوء التغذية، وبالتالي فهم معرضون بسهولة لجميع الأمراض.

وأضاف: إن المرضى في المستشفيات وغرف العمليات يستجدون الماء والطعام، وأن هناك أشخاصا في مراكز الإيواء لا يعرفون كيف يمضون يومهم بسبب غياب الغذاء.

وشدد المسؤول الأممي على أن الأطفال في الواقع هم الأكثر عرضة للخطر في مثل هذه الحالات، وعندما يتضورون جوعا، ويعانون من سوء التغذية، فإنهم يصابون بسهولة بجميع الأمراض، وخاصة الإسهال.

كما حذر برنامج الأغذية العالمي اليوم السبت، من أن “خطر الجوع لا يأخذ استراحة خلال رمضان، لا سيما في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”.. قائلاً: “لا تزال التبرعات ضرورية لضمان استمرار العائلات في تلقي مساعدات برنامج الأغذية العالمي لتأمين وجبتها التالية”.

وفي منشور له، سلط البرنامج الضوء على الوضع بقطاع غزة.. بالقول: “يعد التجمع حول الطعام عادة أساسية في رمضان، لكن في غزة يكافح العديد من الأشخاص للعثور على شيء يأكلونه”.. مضيفاً: “فرقنا تعمل على منح الطعام للمطابخ المجتمعية لإعداد 500 ألف وجبة إفطار للصائمين كل يوم”.

بدوره قال المستشار الإعلامي لوكالة (الأونروا) في قطاع غزة عدنان أبو حسنة، في تصريح صحفي اليوم: إن انتشار سوء التغذية يشكل ظاهرة خطيرة، والانزالات الجوية للمساعدات لا تفي بالمطلوب ولا تصل إلى كل محتاجيها.

وأضاف: إنّ المساعدات التي أنزلت جوا على القطاع غير كافية ولا تصل إلى كل محتاجيها.. مؤكداً أن أوضاع سكان قطاع غزة بائسة لدرجة نفاد أعلاف الحيوانات لاستخدامها غذاء.

وتابع قائلاً: من الضروري إدخال الدقيق بصورة فورية وتوفير المياه الصالحة للشرب.. مشيراً إلى أن “سوء التغذية أصبح يشكل ظاهرة خطيرة وبدأ ينتشر في جنوب القطاع”.

وشدد بالقول: “نحن أمام كارثة كبرى تتمثل في نقص الغذاء في القطاع”.

وكانت وكالة “الأونروا”، قد أعلنت اليوم، أن طفلاً من كل ثلاثة أطفال دون السنتين في شمال غزة يعاني من سوء التغذية.. مضيفة: إن سوء التغذية ينتشر بسرعة بين الأطفال ويصل إلى مستويات غير مسبوقة في غزة.. مشددة على أن “المجاعة تلوح في الأفق”.

من جهته قال الأمين العام للاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر في بيان، اليوم: إن الوضع الإنساني في غزة يتجاوز الكارثي.. مضيفاً: “المدنيون يواجهون مستوىً غير مسبوق من الإهانة والبؤس والمعاناة، والوضع الصحي على شفا الانهيار مع مواجهة المستشفيات ظروفاً يائسة.

وأشار إلى أن “أزمة الغذاء المتصاعدة تتفاقم في وضع بالغ الخطورة”.. موضحاً أنه مع بدء رمضان عدد لا يحصى من الناس ليس لديهم ما يفطرون عليه.

وتجدر الإشارة إلى أن رمضان تحول بالنسبة لسكان غزة من وقت للعبادة والإحسان والصيام من الفجر حتى المغرب، إلى صراع يومي من أجل البقاء، وسط أنقاض المباني والمنازل وتحت القصف الصهيوني.

وكان مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل قد ندد باستخدام الجوع “سلاحاً للحرب” في غزة، في خطاب له أمام مجلس الأمن الدولي الأسبوع المنصرم.. قائلاً: “هذه الأزمة الإنسانية ليست كارثة طبيعية، هي ليست فيضاناً أو زلزالاً بل من صنع الإنسان”، وطالب بإدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع المدمر.

وأضاف بوريل: إنه “عندما نتباحث في السبل البديلة لإيصال المساعدات، بحراً أو جوّاً، لا بدّ من ألا يخفى علينا أننا نقوم بذلك لأن المسار البرّي الاعتيادي مغلق، وقد أغلق في شكل مصطنع”.. مؤكداً أن “تجويع السكان يستخدم سلاحاً للحرب”.

الجدير ذكره أنت سكان شمال القطاع لجأوا إلى البحث عن أي طعام يمكن تناوله، ووصل بهم الحال إلى طحن علف المواشي والدواجن لتناوله، والبحث في الأراضي الزراعية عما تنبته الأرض من ورقيات لسد الجوع.. وفي جنوب ووسط القطاع يواجه السكان مشقة بالغة في توفير المواد الغذائية، نتيجة النقص الكبير في المواد الغذائية وارتفاع أسعار المواد المتوفرة منها، في ظل أوضاع معيشية واقتصادية جد سيئة.

سبأ