إسماعيل المحاقري

 

لا فاعلية تذكر، ولا نصر يُعتد به يستطيع الأميركي ومعه البريطاني أن يقدماه أو يشيرا إليه بالبنان في البحر الأحمر، لناحية حماية السفن الإسرائيلية أو حتّى سفنهم ومدمراتهم وبوارجهم الحربية، رغم اتساع دائرة التحالف الدولي المزعوم وانضمام دول أخرى إلى ميدان المعركة المستمرة منذ عدة أسابيع.

عمليات اليمن إسنادًا لغزّة وانتصارًا لمظلومية الشعب الفلسطيني مستمرة وبوتيرة متصاعدة والمفاجآت في القدرات وضرب الأهداف لم تعد خافية على أحد، وأصبحت حديث العالم. والسؤال الذي يفرض نفسه اليوم على الصعيد الإقليمي والدولي وحتّى الأميركي لماذا لا توقف الاعتداءات الأميركية البريطانية الضربات اليمنية في البحر الأحمر أو تقوض القدرات على الأقل كما توهم المنفذ وروج له؟

المطالب الأميركية لن تتحقق بعرض العضلات والاستقواء بمجلس الأمن والتلويح بسلاح التجويع والحصار ولا بالحملات الإعلامية الدعائية المضللة. وإدارة بايدن تبدو في حيرة من أمرها، بسبب العجز الواضح عن استعادة الردع وبريق الهيبة المتضعضعة للقوى العظمى في ميدان البحر مع فشل الضغوط السياسية في إطفاء لهيب الشرق الأوسط وكبح فصول من المواجهات المتجددة والتي لن تنتهي إلا بخروج القوات الأميركية الغربية من المنطقة وزوال “إسرائيل” الحتمي.

من غزّة إلى لبنان وسورية والعراق، وصولًا إلى اليمن، المنطقة بأكملها تشكّل صداعًا للبيت الأبيض، وأحداثها ومتغيراتها المتسارعة تعمق متلازمة القلق الوجودي في المشروع الصهيوني، الذي تعرض لهزة كبرى وضربة في مقتل بعملية طوفان الأقصى وما يصاحبها من عمليات مساندة من محور الجهاد والمقاومة.

في غزّة لا تنفك الولايات المتحدة عن تقديم الدعم المالي والتسليحي وتوفير الغطاء السياسي في مجلس الأمن لمنح المجرم الصهيوني مزيدًا من الوقت والوسائل لارتكاب أبشع جرائم القتل والتدمير. وفي اليمن تخوض واشنطن حرب الدفاع عن أمن الكيان واقتصاده بنفسها، إلى جانب بريطانيا وبعض الدول من ضمنها ألمانيا التي تبدو مربكة وتائهة بين الأمواج العاتية في البحر الأحمر.

وفي أولى مهامها فشلت البحرية الألمانية في توفير الحماية لتمرير ثلاث سفن، واحدة يونانية والثانية إماراتية كانتا متجهتين نحو الموانئ الفلسطينية المحتلة والثالثة بريطانية حاولت اختراق الحظر اليمني المفروض وفق ما تناقلته وسائل الإعلام.

وفي مؤشر على حالة الفوضى والتخبط التي تسيطر على طبيعة نشاط التحالف الأميركي في البحر الأحمر، والفشل في التنسيق وإدارة العمليات بين القوى المتحالفة، نقلت الاي اف بي عن وسائل إعلامية ألمانية قولها إن البحرية الألمانية كادت أن تسقط طائرة مسيّرة أميركية عن طريق الخطأ في البحر الأحمر وهو ما اكده مسؤول أميركي “للسي ان ان” بقوله إن الفرقاطة الألمانية أطلقت النار على المسيرة الأميركية معتقدة أنها تابعة “للحوثيين” لكنّها أخطأتها.

الفشل الألماني هنا مركب أمنيًّا لعدم القدرة على تحديد ماهية المسيرة أكانت معادية ومصدر تهديد أم صديقة وفشل عسكري في عدم القدرة على إسقاط الطائرة الأميركية.

وفي تعبير أوضح عن الجو المأزوم والواقع المضطرب الذي تعيشه فرقاطات ومدمرات الغرب في البحر الأحمر كشف السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي أن الفرقاطة الألمانية أطلقت النار على سفينة تجارية في البحر الأحمر.

لم تكن ألمانيا بحاجة لان تقحم نفسها في شيء لا يعنيها ولا أن تحمل نفسها عناء ومسؤولية تحريك الفرقاطة “هيسن” لحماية سفنها لأنها ليست في قائمة الحظر اليمنية، لكن الضغوط الأميركية أنتجت مشاركة مشروطة بعدم التدخل في العدوان على اليمن، وهذا قد يشفع لبرلين لدى اليمن لتجنيب سفنها القصف والاستهداف، والعكس صحيح إذا ما حاولت “هيسن” توفير الحماية لسفن الكيان أو تلك المرتبطة به.

شرطان اثنان عاد وذكّر بهما السيد عبد الملك في خطابه الجديد عن تطوّرات فلسطين لضمانة أمن وسلامة السفن لأي دولة من الدول أثناء المرور في البحرين الأحمر والعربي، الأول ألا تكون متجهة إلى موانىء فلسطين المحتلة والشرط الآخر عدم الاعتداء على اليمن دعمًا للصهاينة وامداداتهم التجارية.

معادلة اليمن تحققت بفضل الله وتأييده والحركة التجارية الإسرائيلية تكاد تنعدم.

على المقلب الآخر، ازدادت القناعة في الأوساط الأميركية ومراكز البحث والدراسة بالفشل في منع العمليات اليمنية البحرية أو الحد منها ووصلت هذه القناعة إلى الكونجرس بتشكيك مشرعين أميركيين باستراتيجية إدارة بايدن حول اليمن، واعتبار العدوان على هذا البلد خطأ كارثيًّا.

معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى اكد بدوره أن العدوان الأميركي البريطاني لن يردع اليمنيين الذين لا يهابون الولايات المتحدة أو ربيبتها “إسرائيل”.

وقال المتخصص في الشؤون العسكرية والأمنية في المعهد، مايكل نايتس، إن لدى “الحوثيين” قدرة كبيرة على التحمل، وهم لا يخشون الولايات المتحدة أو “إسرائيل”.

وأضاف: لن تردعهم الضربات العسكرية أبدًا، ويمكنهم احتواء أي حجم تقريبًا من العقاب الذي يتعرضون له، فقد تعرضوا لعدد كبير من الضربات العسكرية منذ عام 2004 وحتّى عام 2014، ومنذ ذلك الحين وهم يقاتلون التحالف بقيادة السعودية.

قبل ذلك أقر قائد الأسطول الخامس الأميركي لموقع المونيتور الأميركي أن الضربات الأميركية لم تردع القوات المسلحة اليمنية.

في هذه الاعترافات وما سبقها، ما يؤكد أن الحضور الالماني في البحر الأحمر وجوده كعدمه، وأميركا إذا ظنت وبعض الظن إثم أن اليمن يمكن أن يرتدع بأسماء المشاركين في التحالف البحري فهي واهمة ولدى قواته المسلحة من المفاجآت ما لا يتوقعه العدوّ والصديق والميدان سيشهد الأفعال قبل الأقوال.

هذا ما وعد به السيد القائد عبد الملك بدر الدين معلنا عن استهداف 54 سفينة بنحو 348 صاروخا وطائرة مسيّرة منذ بدء العمليات وهو رقم كبير ومهم يعزز حقيقة الخيبة الأميركية ويرفع معنويات الشعب اليمني إلى عنان السماء.

  • المصدر: موقع العهد الاخباري
  • المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع