السياسية || محمد محسن الجوهري*

في ديسمبر الماضي، هنأ رئيس الهيئة العليا لحزب الإصلاح “محمد اليدومي” الرئيس المصري “عبدالفتاح السيسي”، بفوزه في الانتخابات الرئاسية، في تناقض كبير بين ما يدعيه الحزب في الإعلام وبين ما يمارسه من سياسات على أرض الواقع.

وتكشف تهنئة اليدومي عن التخبط الذي يعيشه حزب الإصلاح بسبب تغليب مصالح النخبة من قيادته ولو على حساب القيم والمبادئ التي يقدم بها نفسه أمام العامة.

في سبتمبر 2016 أعلن اليدومي براءة حزب الإصلاح من تنظيم الإخوان المسلمين الدولي، وهي خطوة أخرى تضاف للمنهج الجنبلاطي المتقلب الذي تعايشه قيادة الحزب بسبب ولائها للسعودية.

ولا ننسى أن حزب الإصلاح كان أول المرحبين بالعدوان السعودي – الإماراتي على اليمن، وقد دفع الحزب ثمن ذلك التأييد من دماء شبابه وكوادره بعد أن حولهم إلى أهداف ميدانية قابلة للسحق، واستأجر لتنفيذ ذلك خبراء وشركات صهيونية.

ورغم كل تلك الدروس القاسية لا يزال الإصلاح قابعاً في حضن التحالف السعودي – الإماراتي، ويكتفي بكيل الشتائم ليل نهار لقيادة التحالف دون أن يُقدم على خطوات رجولية للثأر من الرياض وأبو ظبي، ولن يقدم على مثل ذلك حتى آخر أيام الدنيا.

ومع اندلاع عملية طوفان الأقصى البطولية في أكتوبر 2023، كان لليمن قيادةً وشعباً مواقف مشرفة يعرفها القاصي والداني، وكان شرف ذلك الموقف أكبر من حزب الإصلاح الذي لم يكتفِ بالنأي بنفسه عنها، بل وسلط عليها كل آلته الإعلامية في الرياض واسطنبول في تخبطٍ آخر للحزب لا يخدم القضية الفلسطينية، بل على العكس يصب في مصلحة الكيان الصهيوني على قاعدة (عدو عدوي صديقي).
ولو كان ذلك الحزب صادقاً في مناصرته للقضية الفلسطينية لكان من المبادرين لدعم الخطوة اليمنية المشرفة، لكن هناك أسباب خفية تمنع حزب الإصلاح من أن يكون له مواقف فعلية، وتفرض عليه أن يكتفي بإفساد حال الأمة من الداخل، وبث الفرقة بين أبنائها حتى لا تستقيم على موقف واحد.

وهنا نتذكر ما قاله القيادي المصري السابق في جماعة الإخوان ثروت الخرباوي من أن بريطانيا أسست التنظيم عام 1928 لحماية مصالحها في المنطقة باسم الدين، ولن يأتي اليوم الذي تقف فيه موقفاً مشرفاً من قضايا الأمة المصيرية.

وبالفعل لم يكتب التاريخ لهذه الجماعة أي موقف تساند فيه فلسطين بشكلٍ عملي، وقد ظهر ذلك جلياً خلال حكم الإخوان لمصر بين عامي 2012 و2013.

وإذا كان جمود الإخوان في مصر تسبب بنكبتهم هناك، فإن النذالة السياسية التي يمارسها حزب الإصلاح في اليمن قد تسببت بسقوط مشروع التنظيم الدولي إلى الأبد، وبذلك يسقط حلم “حسن البنا” مؤسس الجماعة في إقامة وطن قومي للإخوان في مصر أو اليمن.

* المقال يعبر عن رأي الكاتب