تصعيد العدوان على اليمن وفلسطين نهاية حقبة الهيمنة الأمريكية
السياسية: يحيى جارالله
بهستيريا وتخبط وعشوائية مفرطة تواصل الإدارة الأمريكية وإلى جانبها بريطانيا عدوانهما ومحاولاتهما اليائسة لثني الشعب اليمني عن موقفه العظيم والمؤثر في إسناد الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة في معركته الفاصلة ضد كيان الاحتلال الصهيوني الغاصب.
يكشف تصعيد العدوان الأمريكي البريطاني لغاراته على عدة محافظات يمنية أن العدو الأمريكي ومن يقف في صفه من القوى الاستعمارية لم يستوعب بعد أن زمان الهيمنة والوصاية على الشعب اليمني قد ولى إلى غير رجعة، وأن يمن الإيمان والحكمة والصمود بات يعتبر أمريكا مجرد قشة، كما وصفها بذلك الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي.
ورط العدو الأمريكي نفسه في اليمن، دون أن يدرك، أو أنه لا يريد أن يدرك أن عدوانه على شعب أبي يرفض الخنوع والاستسلام كالشعب اليمني، سيكون من أهم أسباب إنهاء حقبة الهيمنة الأمريكية، خصوصا وقد ظهرت الكثير من الأدلة والشواهد على ذلك، بسقوط هيبة أمريكا وبريطانيا، وتعرضهما لهزائم منكرة في البحر الأحمر ومناطق أخرى من العالم.
ويصف بعض المحللين تصرفات أمريكا تجاه اليمن وفلسطين وغيرهما من دول العالم بأنها “تشبه تصرفات بريطانيا وفرنسا في خمسينيات وستينيات القرن العشرين، عندما لم تستوعبان أن زمانهما قد انتهى، وأقدما حينها على التحالف مع إسرائيل لشن العدوان الثلاثي على مصر، فلم تمض سوى عشر سنوات بعد ذلك حتى كانت معظم مستعمراتهما في إفريقيا وآسيا قد تحررت من سيطرتهما”.
برزت المواقف الأمريكية العدائية والعدوانية بشكل أكبر وجلي عندما وقفت الإدارة الأمريكية وكل مؤسساتها بقوة لدعم ومساندة كيان العدو الصهيوني بشكل علني ليواصل قتل وإبادة الشعب الفلسطيني لتكشف بذلك الكثير من الحقائق التي كان يجهلها البعض عن رعونة ووحشية أمريكا.
وبالنظر إلى ما يرتكبونه من مجازر وفظائع وحصار وتجويع بحق آلاف الأطفال والنساء والمدنيين في غزة على مدى أكثر من أربعة أشهر، أثبت الأمريكيون لكل العالم أنهم لا يختلفون عن الصهاينة في وحشيتهم وتجردهم عن الإنسانية التي يتشدقون بها ويتخذون منها شعارات لتمرير أجنداتهم ومخططاتهم لقتل الشعوب ونهب ثرواتها.
ويؤكد مراقبون أن التخبط الأمريكي منذ انطلاق معركة “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر وردود الفعل الأمريكي في دعم الكيان الصهيوني ومشاركته المباشرة والفاضحة في المجازر الوحشية وجرائم الابادة والحصار بحق أهالي غزة، وكذا تحشيدها الكبير ضد روسيا، ثم اقترافها عدوانا سافرا على اليمن بالتحالف مع بريطانيا، كل ذلك لا يعبر إلا عن الشعور بالأفول والتهاوي.
ومما يعزز الفشل والسقوط الأمريكي الوشيك هو سقوط الأقنعة والشعارات البراقة ومنظومة القيم التي لطالما تغنت بها واشنطن، وذلك لعدم إعطاء أي اعتبار لحقوق شعوب العالم وفي المقدمة الشعب الفلسطيني الذي يشاهد كل العالم ما يتعرض له من جرائم حرب وإبادة جماعية ومآس إنسانية لم يسبق أن حدثت في التاريخ بفضل الدعم اللامحدود والغطاء الذي توفره أمريكا للكيان الصهيوني سياسيا وعسكريا ولوجستيا وإعلاميا وعلى كافة الأصعدة.
هنا شاهدت كل شعوب العالم الحرة كيف تنصلت أمريكا ومن يدور في فلكها عن تطبيق أو حتى الحديث عن تلك المنظومة القيمية المزعومة وعناوين الحرية الزائفة، عندما تعلق الأمر بالشعب الفلسطيني، وحقوقه المشروعة في الحياة، والدفاع عن قضيته، وأراضيه المغتصبة وغيرها من الحقوق المسلوبة.
كما رأى الجميع أمريكا على حقيقتها عندما لم تضع أي اعتبار لآراء وتطلعات الشعوب في الشرق الأوسط وآسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية وكل من يخالفها الرأي أو يعترض المصالح والأطماع الصهيوأمريكية للهيمنة على ثروات وموارد الشعوب التي أفقرتها ودمرتها وأشاعت فيها الفوضى.
ورغم انكشافها المريع أمام الجميع، ماتزال الولايات المتحدة الأمريكية تشرعن لنفسها شن الحروب والتدخل في شؤون البلدان وانتهاك سيادتها، ومحاصرتها وتجويعها، كما هو الحال في عدوانها على اليمن، وتحركاتها العسكرية المشبوهة في البحر الأحمر والتي تفتقر إلى أي سند أو مبرر قانوني أو حتى إجماع دولي.
كما تواصل التعامل مع منظمة الأمم المتحدة وهيئاتها المتمثلة في “الجمعية العامة، مجلس الأمن، المجلس الاقتصادي والاجتماعي، محكمة العدل الدولية، المحكمة الجنائية وغيرها” كمجرد أذرع وكيانات خاضعة لنفوذها تمارس من خلالها الوصاية على الدول، مما أفقد المنظومة الأممية ما تبقى لها من مصداقية واحترام في نظر شعوب العالم.
لم تُحدث غارات العدوان الأمريكي البريطاني المتواصلة على اليمن منذ مطلع العام الجاري أي تأثير على قدرات اليمن العسكرية وعمليات قواته المسلحة المستمرة والمتصاعدة ضد السفن الإسرائيلية والأمريكية والبريطانية في البحرين الأحمر والعربي، أو كسر الحصار البحري الذي فرضه اليمن على الموانئ التي يسيطر عليها الكيان الصهيوني في فلسطين.
كما فشل التحرك العسكري الأمريكي الغربي في البحر الأحمر في تحييد العمليات العسكرية المتواصلة للقوات المسلحة اليمنية، أو توفير الحماية للسفن الإسرائيلية والمتجهة إليه، ومع ذلك تواصل أمريكا وبريطانيا المكابرة والبحث عن الوهم، دونما حساب لما يترتب على ذلك من انعكاسات خطيرة في استثارة الشعوب الحرة وتحفيزها على الانتفاض وتطوير قدراتها الدفاعية والهجومية، وغيرها من العوامل الكفيلة بتسريع أفول شمس أمريكا كما أفلت من قبلها بريطانيا وفرنسا عقب الحرب العالمية الثانية.
وبعدوانهما السافر على اليمن أخفقت أمريكا وبريطانيا مجددا في قراءة تاريخ شعب اليمن الأصيل والعصي على الانكسار، وساهمت دون أن تشعر في لملمة صفوفه واستجماع قواه وخروجه بتلك الحشود الملايينية الغاضبة والتواقة لخوض المعركة المباشرة مع العدو الأمريكي الصهيوني، الذي ظل يستهدف البلد ويستنزف قدراته عبر أدواته الإقليمية دون أن يظهر في الصورة والواجهة كما هو حاله اليوم.
وعليه فإن تداعيات وانعكاسات العدوان الأمريكي البريطاني الأرعن لن تقتصر على ما يقوم به الشعب اليمني من مقاومة وتنكيل بسفنه وبارجاته في البحر، وتهديد كل المصالح الأمريكية والبريطانية في المنطقة، بل ستكون التداعيات أوسع بكثير، عندما تقول الكثير من الشعوب الحرة كلمتها، وتثور في وجه العربدة الأمريكية البريطانية الإسرائيلية في المنطقة لتضع حدا نهائيا لها.
سبأ