السياسية || محمد محسن الجوهري*

في أبريل 2023، اعتقل الكيان الصهيوني النائبَ الأردني عماد العدوان، أثناء محاولته إدخال شحنة من الأسلحة الخفيفة عبر معبر الكرامة البري إلى الضفة الغربية المحتلة، حيث يمارس اليهود اعتداءاتٍ يومية بحق الشعب الفلسطيني المسلم.

كانت الشحنة رمزية، ولكنها كشفت الكثير من خفايا الشعب الأردني الذي يرفض التطبيع، ويُصر على نصرة القضية الفلسطينية بأي ثمن، رغم حجم المؤامرة ضد أبناء الضفتين، الشرقية والغربية.

تمتلك الأردن حدوداً برية مع فلسطين المحتلة، تبلغ 335 كم على الأقل، نحو 100 منها مع الضفة الغربية، والتي كانت تحت الحكم الأردني حتى عام 1967، وتصلح كل تلك الحدود لإمداد الشعب الفلسطيني الأعزل بما يدافع به عن نفسه وأرضه في وجه الصلف الصهيوني، سيما عبر محافظات مادبا والبلقاء وإربد، الواقعة على الضفة الشرقية لنهر الأردن، ويسهل بذلك تهريب السلاح إلى محافظات الضفة الغربية الإحدى عشر.

وبالفعل، لا يأل الشعب الأردني جهداً في نصرة فلسطين، ويسخر في سبيل ذلك كل الجهود، بما فيها الجانب الرسمي والشعبي، وقد تضاعف ذلك الجهد خلال العقدين الأخيرين.

ويرى أردنيون أن ضخ السلاح إلى فلسطين ينقسم إلى مرحلتين مفصليتين: الأولى مع اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية التي بدأت من القدس عام 2000، وعمت كل المدن المحتلة، وكان السلاح الرئيسي فيها هو الحجارة، ما دعا إلى كسر تلك المعادلة غير المتكافئة، واستبدالها بما تيسر من السلاح لسحق جنود الاحتلال.

المرحلة الثانية تبدأ مع تدهور الوضع الأمني في سورية المجاورة، بعد أن قدمت دول كثيرة الدعم بكل أشكاله للمسلحين في سورية، سيما درعا القريبة من الأردن، وقد أسهم ذلك في توفر السلاح في الأردن، خاصة إربد، ما كثّف من عمليات النقل إلى الضفة الأخرى لنهر الأردن.

وبالفعل، شهدت مناطق الضفة الغربية بعد ذلك ارتفاعاً متزايد في العمليات البطولية ضد الصهاينة، وخلفت عشرات القتلى من جنوده، بلغت عام 2022 نحو 30 عملية، بعضها داخل الخط الأخضر.

وتخشى إسرائيل أن كل قطعة سلاح تعبر إلى الضفة ستقتل إسرائيلياً واحداً على الأقل، وقد تتسبب ايضاً في حصول الفلسطينيين على المزيد من السلاح الذي بحوزة المستوطنين.

السؤال هنا: ما هو دور الحكومة الأردنية في تصدير الموت اليومي لليهود؟ لا شك أن موقفها الرسمي مخزٍ جداً، ولا يتشرف به الشارع الأردني، ويرى ذلك مشاركةً عملية في مسلسل الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني.

إلا أن ذلك الخنوع نفسه في تراجعٍ مستمر، يشهد على ذلك موقف النائب العدوان وترحيب زملائه في البرلمان الأردني بموقفه البطولي، الذي يرافقه أيضاً مواقف مشرفة من قياداتٍ أمنية وعسكرية.

والأهم من ذلك أن الشعب الأردني يحمل عقيدةً جهادية، ويؤمن بوجوب إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، ويمتلك إلى جانب ذلك السلاح بمختلف أشماله، ما يعني أنه مهيأ في أي لحظة لعبور نهر الأردن، والانقضاض على الكيان الصهيوني.

* المقال يعبر عن رأي الكاتب