السياسية || محمد محسن الجوهري*

 

الدعوة لفصل تكساس عن الولايات المتحدة الأمريكية ليست وليدة اللحظة، بل هي فكرة تراود سكان الولاية منذ زمنٍ بعيد، ولها أنصار وتنظيمات سياسية مساندة.

أبرز المنظمات الانفصالية في تكساس تُعرف باسم “حركة تكساس الوطنية Texas National Movement TNM” التي تأسست في أغسطس 1996 واشتهرت دعوته الانفصالية باسم: “Texit” أي خروج تكساس (Texas Exit) ومنها استوحى الإنجليز المصطلح Brexit الداعي لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

ويرى سكان تكساس أنهم مميزون عن سائر الولايات الأمريكية لما تمتلكه من ثروات وفرص عمل، ويبررون ذلك بأنهم أولى بإيراداتها من الحكومة الفدرالية التي تنفق معظمها على مشاريع سياسية في الخارج.

ويستند ميلر دانييل مؤسس الحركة ودعاة تحرير تكساس بأن سكان الولاية قبلوا بالدعم الأمريكي عام 1836 من أجل استقلال الولاية، لا من أجل ضمها إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

وقد كانت واشنطن ساندت المطالب الشعبية في حينها ضد الحكومة المركزية في المكسيك، ودعمت الثوار بالسلاح والجنود حتى تسنى لهم الانفصال عن الجارة اللاتينية.

إلا أن واشنطن ألحقتها إلى سيادتها في العام 1845، عقب تسع سنوات من الاستقلال، ما أثار سخط الأهالي ضد الولايات المتحدة، وكان سبباً رئيساً في إعلان تكساس، إلى جانب ست ولايات أخرى، الانفصال عام 1961، ما أدى اندلاع الحرب الأهلية الأمريكية التي استمرت قرابة خمس سنوات، وتسببت في مقتل الرئيس (أبراهام لينكولن) الرئيس السادس عشر للبيت الأبيض.

الغريب لماذا عادت المطالبات في هذا التوقيت بالذات؟ وهل لذلك علاقة بحرب واشنطن المعلنة في البحر الأحمر؟

السياسة دائماً مترابطة، ولا يمكن فصل جانب عن آخر، والولايات المتحدة اليوم في أضعف مراحلها، بدليل عجزها عن تأمين السفن الإسرائيلية في باب المندب.
ومن يفشل أمام بلد صغير كاليمن فإن ذلك سيشجع الآخرين على التمرد، خاصة وأن الإعلام الأمريكي قد بالغ في الحديث عن ضعف القوات اليمنية في البحر الأحمر.

إضافةً إلى ذلك، استمرار الدعم الأمريكي السخي للكيان الصهيوني، فالأمريكيون، خاصة سكان تكساس، يرون أنهم أحق بتلك الأموال المدفوعة من الضرائب المفروضة عليهم.

بالنسبة لنا نحن العرب، فإن انفصال تكساس سيضعف من هيمنة واشنطن على المنطقة، وسيدفع المزيد من الولايات إلى الانفصال، وقد نشهد نهاية الحقبة الاستعمارية الأمريكية القائمة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945.

وقد تشجع الكثير من الزعماء حول العالم على رفض الوصاية الأمريكية، وربما يبادر البعض إلى دعم التحركات الانفصالية داخل الولايات الأمريكية.

وكما سبق وقال المحلل العسكري الإسرائيلي ” مردخاي قيدار” إن إسرائيل ستنتهي بنهاية الدعم العسكري الأمريكي محذراً وقتها من انقضاض العرب على اليهود، حتى المطبعين منهم.

 

* المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب