توسع دائرة الحظر والحصار اليمني على واردات الكيان.. شركات عالمية كبرى تعلق أنشطتها في الأراضي المحتلة
السياسية || تقرير: عبد الخالق الهندي
دفع الحظر والحصار الذي تفرضه القوات المسلحة اليمنية على السفن التابعة للكيان الصهيوني في البحر الأحمر، وعلى موانئ الأراضي المحتلة إلى إيقاف العمليات التجارية لعدد من الشركات العالمية التي تنقل سفنها بضائع إلى الكيان الإسرائيلي، وسط توقعات بإيقاف الحركة التجارية إلى تلك الموانئ بصورة كاملة خلال الأيام القليلة المقبلة.
وأجبرت ضربات القوات البحرية اليمنية التي استهدفت السفن التي كانت متجهة إلى موانئ الأراضي المحتلة، وكذا التحذيرات التي أطلقها قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي الشهر المنصرم، أربع شركات عالمية كبرى على تعليق أنشطتها إلى موانئ الاحتلال ومنها ميناء ومدينة أم الرشراش المحتلة المسماة حاليا “ايلات” حيث تتعرض المدينة لهجمات متعددة بالصواريخ والمسيرة من القوات المسلحة اليمنية التي تفرض على مينائها حصاراً وتمنع كل السفن المتجهة إلى كيان الاحتلال من عبور البحرين العربي والأحمر، ما أدّى إلى توقف وصول السفن التجارية إلى الميناء المحتل شبه كامل، رداً على الحصار الذي يفرضه الاحتلال على قطاع غزة.
حيث أعلنت شركتا “ميرسك” الدنماركية و”هاباج لويد” الألمانية للنقل البحري الجمعة تعليق مرور سفنهما في البحر الأحمر، وإيقاف أنشطتهما وخدماتهما إلى موانئ الأراضي المحتلة اعتبارا من الخامس من ديسمبر الجاري، على خلفية استهداف القوات البحرية اليمنية لسفن تلك الشركات نصرة ودعما لغزة.
وفي اليوم التالي أعلنت شركة ” CMA CGM” الفرنسية وهي ثالث أكبر شركة في العالم، وشركة “msc” السويسرية إنهما ستعلقان جميع شحنات حاوياتهما عبر البحر الأحمر.. وتوقعتا أنّ يحذوا مشغلي الحاويات الصغيرة، وناقلات البضائع السائبة الجافة وشركات ناقلات النفط، حذوها.
وطلبت شركة “ميرسك” في بيان لها كافة سفن الشركة التي يتوجب عليها عبور مضيق باب المندب، بتعليق إبحارها حتى إشعار آخر.. على خلفية استهداف سفينة ميرسك جبل طارق الخميس والهجوم الثاني ضد حاملة حاويات في اليوم التالي.
فيما أكدت شركة “هاباغ- لويد” الألمانية في بيان لها أنها تعلّق حركة حاملات الحاويات عبر البحر الأحمر.. موضحة أن إحدى سفنها تعرضت لهجوم أثناء إبحارها قرب سواحل اليمن.
وبحسب مجلة “ذي إيكونوميست” البريطانية “فإن الشركات الـ 4 التي أوقفت عملياتها في البحر الأحمر تمثّل 53% من تجارة الحاويات العالمية، متوقعة أزمة بحرية على خلفية عمليات القوات المسلّحة اليمينة، والتي من شأنها أن “تحوّل الحرب في غزّة إلى مسألة عالمية لها آثار على الاقتصاد العالمي”.
وأشارت المجلة إلى أن التهديد في البحر الأحمر وإغلاق طريق قناة السويس نحو أوروبا، من شأنه أن يرفع تكاليف التجارة، مع إعادة توجيه الشحن حول أفريقيا على نطاق واسع، مما يستغرق المزيد من الوقت، ويزيد أقساط التأمين، وخلق عثرات في سلسلة التوريد على المدى القصير حسب تعبير المجلة.
وأكدت المجلة البريطانية أن ما وصفتها بـ”الأزمة الأمنية” في البحر الأحمر تهدّد الشحن البحري في بحر العرب المجاور، الذي يمر من خلاله ثلث إمدادات النفط العالمية المنقولة بحراً، وبذلك فإن التكاليف الاقتصادية سترتفع بشكل كبير.. واصفة تهديد القوات المسلّحة اليمينة بـ”الشاق والمعقّد”.
وأقرت “ذي إيكونوميست”، أن اليمن أثبت أنّه “من المرجّح دائماً أن تنجح بعض الطائرات بدون طيار والصواريخ من الوصول إلى أهدافها”، رغم محاولة أسطول متعدد الجنسيات بقيادة البحرية الأميركية إبقاء الأزمة تحت السيطرة.
ويأتي قرار الشركات العالمية بعد تحذير القوات المسلحة اليمنية من أنها ستستهدف السفن المتجهة إلى الكيان الإسرائيلي في البحر الأحمر قبالة سواحل اليمن، رداً على العدوان الإسرائيلي على غزة.
ومساء الجمعة، أعلن المتحدث باسم القوات المسلحة العميد يحيى سريع، أنّ القوات البحرية نفّذت عمليتين ضد سفينتي حاويات في البحر الأحمر كانتا متجهتين إلى كيان الاحتلال الإسرائيلي، مستهدفةً السفينتين MSC Alanya وMSC PALATIUM I، بصاروخين بحريين مناسبين.
ونفذت القوات المسلحة اليمنية عدّة عمليات، بينها استهداف سفينة حاويات “ميرسك جبرلاتر”، وسفينة تابعة للنرويج استهدفتها بصاروخٍ مباشر، إذ كانت تلك السفن متوجّهة نحو موانئ الاحتلال الإسرائيلي، واحتجزت سفينة إسرائيلية في البحر الأحمر، مؤكدةً أنها مستمرة في عملياتها حتّى إجبار الاحتلال على وقف عدوانه على غزّة.
وكانت القوات المسلحة اليمينة شددت في بيان أصدرته في التاسع من ديسمبر الجاري على حرصها الكامل على استمرار حركة التجارة العالمية عبر البحرين الأحمر والعربي لكافة السفن ولكافة الدول عدا السفن المرتبطة بالإسرائيلي.
اعتراف الكيان بالتهديد اليمني
من جانبها تحدّثت وسائل إعلام عبرية عن الخطر الذي تشكّله التهديدات اليمنية على سفن الكيان وكذا تلك المتجهة إلى “إسرائيل”، من الناحية الاقتصادية، وليس الأمنية فقط.
واعترف رئيس مجلس “الأمن القومي” للكيان تساحي هنغبي بأنّ “إسرائيل” تعيش حصاراً بحرياً بسبب التهديدات التي أطلقها اليمن دعماً لغزة.
فيما أقر مدير عام ميناء أم الرشراش جدعون جولبر، بخسائر كبيرة يتكبدها الميناء جراء الحظر اليمني.. مؤكدا أنّ التهديدات اليمنية بمنع السفن من التوجه إلى “إسرائيل”، “تُعطّل 80% إلى 85% من أرباح الميناء”.
ونقلت إذاعة جيش الاحتلال عن جولبر، قوله إنّ التهديد اليمني للممرات البحرية على البحر الأحمر، “أدّى إلى خسارة الميناء بنحو 14 ألف سيارة منذ منتصف الشهر الماضي وحتى اليوم”.
وأشار الى مخاوف إسرائيل من إغلاق باب المندب أمام حركة السفن التجارية المتوجهة إلى الكيان عبر البحر الأحمر إلى ميناء أم الرشراش “إيلات”، أو مروراً من قناة السويس.. لافتا إلى أن من شأن ذلك إطالة مدة سفر سفن الشحن الآتية من الشرق إلى إسرائيل، بنحو خمسة أسابيع.
بدورها أكدت “القناة الـ13” العبرية أنّ حجم الواردات من الشرق إلى الكيان الصهيوني تقدر بنحو 350 مليار شيكل ما يعادل 95 مليار دولار سنوياً.
وأشارت القناة إلى أنّ تغيير مسار الملاحة البحرية سيرفع أسعار المنتجات المستوردة بنسبة تُقدر بـ3%، مما يزيد العبء المادي على مواطني الكيان بنحو عشرة ونصف مليار شيكل، ما يعادل نحو 3 مليارات دولار.
خشية إسرائيلية من نقص البضائع وارتفاع التكلفة
وبعد تعليق شركات الشحن العالمية مرور سفنها عبر مضيق باب المندب وقناة السويس والبحر الأحمر عقب ضربات القوات المسلحة اليمنية السفن الإسرائيلية وتلك المتوجهة إلى موانئ الاحتلال، برزت مخاوف في “إسرائيل” من تأخر وصول البضائع ورفع التكاليف.
وتشير التقديرات وفق موقع الميادين نت إلى أنّ الكيان سيشهد تأخيراً في وصول الشحنات إلى الموانئ المحتلة، وارتفاع في الأسعار، تتراوح نسبته بين 5% و10%، بحسب صحيفة “إسرائيل هيوم” العبرية.
وأشارت مراسلة الصحيفة العبرية هايلي يعقوبي هندلسمان، إلى ان هناك مخاوف من تزايد عدد الشركات التي علقت أنشطتها في الأراضي المحتلة اسوة بخطوة “ميرسك” الدنماركية.
إلى ذلك أعلنت شركة “زيم” الإسرائيلية للشحن أنّها سترفع أسعار النقل من آسيا إلى البحر الأبيض المتوسط في أقرب وقت ممكن، وذلك في ظل “التهديد الأمني المستمر في البحر الأحمر وخليج عدن جراء الهجمات اليمنية وفق موقع “غلوبز” العبري.
وكشف موقع “غلوبز”، أنّ شركة “زيم” قررت، قبل نحو أسبوعين، “تغيير مسارات الإبحار” من شرق الأراضي المحتلة، بسبب التهديدات اليمنية، بحيث تتجاوز أفريقيا، بدلاً من المرور عبر باب المندب، ومن هناك إلى قناة السويس، ما يعني إضافة ما يصل إلى 18 يوماً إلى وقت النقل، وأضافت 20 إلى 100 دولار للعملاء عن كل حاوية.
موقف إماراتي مخزي
وفي موقف معادي للقضية الفلسطينية والمقاومة الإسلامية في غزة، أكدت دولة الامارات وقوفها بجانب ربيبتها إسرائيل لمواجهة الحظر البحري الذي تفرضه القوات المسلحة اليمنية على السفن والبضائع الإسرائيلية.
واعترفت وسائل إعلامٍ عبرية بوصول الدفعة الأولى من الشحنات التجارية المحملة بالمواد الغذائية الطازجة من دبي إلى كيان الاحتلال الإسرائيلي، مُشيرةً إلى أنّ الشحنات وصلت في تجربةٍ ناجحة لجسرٍ بري جديد بديل من البحر الأحمر.
وأوضحت وسائل الإعلام العبرية أنه جرى نقل البضائع عبر موانئ دبي مروراً بالسعودية والأردن إلى “إسرائيل”.
ومطلع الشهر الجاري، كشفت وسائل إعلامٍ إسرائيلية، عن توقيع اتفاقية تشغيل جسرٍ بري بين ميناء دبي وميناء حيفا المحتلة، كما ذكرت أنّ ذلك يأتي بهدف تجاوز تهديد القوات المسلحة اليمنية إغلاق الممرات الملاحية.
وكانت قناة “كان” الإسرائيلية تحدثت في وقت سابق عن أنّ الإمارات هي أكثر الدول قلقاً من “دخول اليمن حلقة إطلاق النار”، إضافةً إلى الخشية في الأردن من توسّع الصراع بدخول حركة أنصار الله اليمنية، إلى مسار الحرب رداً على الحرب على قطاع غزّة.
وتؤكد مجريات الأحداث في البحريين الأحمر والعربي، وقوف القوات المسلحة اليمنية بجانب الشعب الفلسطيني وصدق قائد الثورة السيد عبد الملك الحوثي الذي أطلق عليه الكثير سيد القول والفعل والذي أكد بأنه سيتم استهداف السفن الإسرائيلي وتلك التي تحمل بضائع ومنتجات إلى الأراضي المحتلة حتى إيقاف العدوان على غزة من منطلق ديني واخلاقي وقومي وليس من باب المزايدة كباقي الزعماء العرب.