خليل نصر الله*

يوم العاشر من أكتوبر، بعد ثلاثة أيام من عملية طوفان الأقصى، وفيما كان العدو الصهيوني يقصف بشكل هستيري مناطق متفرقة من قطاع غزة، وفي ظل غطاء ودعم أمريكي غربي واضح، خرج السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي بخطابه الشهير الذي حدد فيه تموضع اليمن إلى جانب فلسطين، والاستعداد لفعل أي شيء لإسناد المقاومة ووقف الحرب، مهما كان الثمن، متوعدًا بالصواريخ والمسيّرات وأمور أخرى.

منذ ذلك الإعلان، وفيما كانت واشنطن ترسل حاملات طائراتها ومدمراتها إلى شرق المتوسط لردع المقاومة في لبنان، كما عبرت، بدأت بإرسال رسائل التهديد والترغيب إلى صنعاء، وهو ما أكده السيد عبد الملك الحوثي لاحقًا.

لم تكترث صنعاء، وردت بجرأة عبر تسيير أولى الدفعات من الصواريخ المجنحة والمسيّرات نحو جنوب فلسطين المحتلة.

الانخراط في المواجهة عمليًّا، وضع الكيان الصهيوني وواشنطن في مأزق لاعتبارات عدة، الأولى تخوض حربًا عدوانية في غزة وتسعى لمنع امتدادها من أجل تحقيق أهدافها، والثانية أي واشنطن غير جاهزة لرد من قبلها والذي قد يعني توسع المعركة انخراطها هي مباشرة فيها، وهو ما كانت تتلافاه، لأن الانخراط سيعني توسع المواجهة بشكل سريع وتضرر نفوذها ووجودها في المنطقة.

أكملت صنعاء إسنادها، حتى إشهار ورقة البحر وتمكنها من أسر سفينة صهيونية ، بعد اخطار العالم بخطوتها وقرارها باستهداف السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر.
تلا تلك العملية، استهداف سفينة أخرى بمسيرة، وبينهما إسقاط مسيرة أمريكية.

في ذكرى الاستقلال، تحدث الرئيس اليمني مهدي المشاط بمختلف الملفات، مرتديًا الكوفية الفلسطينية فوق رأسه، مطلقًا جملة مواقف، أبرزها ما يتعلق بواشنطن، محذرا إياها من أي خطوات تصعيدية ضد مصالح بلاده، وقوله إن أمرا كهذا ستعتبره صنعاء بمثابة إعلان حرب وتتعامل معه وفق هذا الأساس.

من الواضح أن موقف الرئيس المشاط هو استباق لخطوات أمريكية، قد تكون صنعاء التقطت مؤشراتها، قد لا تعني تلك المواقف عدوانا مباشرا ربما، لكنها قد تكون محاولة لتعطيل خطوات يمنية مساندة للمقاومة الفلسطينية، على سبيل المثال احتمال مرافقة البوارج الأمريكية للسفن الصهيونية في البحر الأحمر، وهو أمر خطير وقد يؤدي إلى احتكاك. ومن جهة أخرى يبدو أن صنعاء قد لمست تموضعات أميركية بحرًا وبرًّا صنفتها ضمن خانة التموضعات العدائية.

وبالتالي، فإن صنعاء كانت مضطرة لاتخاذ موقف استباقي، جريء بهذا الحجم، خصوصا أنها لن تتردد في الاقدام علي أي خطوة من هذا النوع، وهي التي حذر قائد الثورة فيها قبل أشهر الأمريكيين والبريطانيين للخروج من بلاده ملوحًا باستهداف تواجدهم غير الشرعي سواء في البر أو في الجزر.

وعليه، إن التحذير اليمني لا يأتي من فراغ، وتوقيته بالغ الأهمية ومرتبط بالمسارات التموضعية التي رسمتها صنعاء لنفسها منذ زمن، وترجمتها مع بدء العدوان الصهيوني على قطاع غزة.

* المصدر: موقع العهد الاخباري
* المقالة تعبر عن وجهة نظر الكاتب