السياسية:

صحيفة “هآرتس” الصهيونية تتحدث عن الحرب في غزة، قائلةً إنها مؤلمة ومهينة لـ كيان “إسرائيل” أكثر من الحروب السابقة، ولم تكن كيان “إسرائيل” في أي حرب سابقة عاجزة إلى هذا الحد.

فيما يلي النص منقولاً إلى العربية:

كل حرب تسبب معاناة، وخصوصاً هذه الحرب. كل حرب تُبدأ بأمل ضوء في آخر النفق، وهذه الحرب ليس لها آخر وبالتأكيد ليس ضوء.

وهي مؤلمة ومهينة أكثر من الحروب السابقة، رغم أن الألم على الخسارة متساوٍ فيها كلها. من المفترض بالحرب أن تجلب انتصاراً يجلب هدوء، هذه لا. في حرب واحدة انتصرنا حققنا فيها استقلال، في الثانية أدخلنا الانتصار في مستنقع، وفي ذلك السبت غرقنا فيه.

الكثير من المعاناة كان في هذه الحرب، فقط من أجل العودة إلى روتين وقف إطلاق نار لمدة أسبوع، شهر، أو سنة أو سنتين. لن تُفتح أي صفحة جديدة عندما تنتهي، ولا نافذة إلى أمل. من يريد أن يبني حياة في مكان لا يوجد فيه أمل؟ سكان الغلاف؟ شباب يبنون مستقبلهم؟ حتى السياسيين يئسوا. توقف عن الوعد بمستقبل أفضل.

لم تكن هناك في أي حرب مثل هذه الفجوة الكبيرة بين القادة والمُقادين، بين الضحايا والمضحين. ولا في أي حرب كنا عاجزين إلى هذا الحد، ليس ضد حماس بل ضد حكومتنا. نريد ولا يمكننا تفكيكها، لأننا ربطنا أنفسنا عن طيب خاطر وبدافع الحب بقوانين الديمقراطية. لا تتضمن خيار القول له ببساطة: هيا، ارحل.

كل ما تبقى لنا هو أنين وتنهدات وبوستات مريرة. تسعة أشهر من التظاهرات لم تسقطه. أعضاء الكنيست يمكنهم، لكن لا يمكنك التعويل عليهم. إنهم غير متاحين لإنقاذ البلاد. من الممكن انهم يعوّلون على ميليشيات إيتمار بن غفير المسلحة لإنقاذ سلطتهم / أموالهم / شرفهم.

إنهم يعرفون أن السلطة / المال / الشرف، و”صالح الدولة” و”حب الوطن”، غريبون عليهم. إنهم لا يعنونهم. ولا حتى قاعدتهم، تلك التي انتخبتهم، تلك التي تلقت الآن ضربات رهيبة. ولا حتى المخطوفون. إذا كان النصر بالنسبة لنا هو إعادة المخطوفين، فهو بالنسبة لهم تذكير مكدّر بالتخلي. ليسوا وطنيين.

وطنيون كانوا المبانيون (أعضاء حزب مباي) الذين سخرنا منهم، من يديشيتهم، من حزام البنطلون. عشية حرب 67، طردوا رئيس الحكومة ليفي إشكول من وزارة الأمن، الذي راوا أنه لا يعمل بشكل جيد. لقد فعلوا ذلك لأنهم وضعوا صالح الدولة أمام أعينهم، وليس صالح الرجل الذي عيّنهم. وجاء في افتتاحية صحيفة “هآرتس”: “السيد إشكول لم يبنَ ليكون رئيس حكومة ووزير أمن في الوضع الحالي”.

نسمح للشخص الأقل بناء ليكون رئيساً للحكومة بالسيطرة علينا. من أجل من نقاتل؟ من أجل الوطن أم من أجل الرجل الذي سيطر عليه؟ هل يمكن الفصل بينهما؟ هل سنستمر في ان يقودنا من يستيقظ كل صباح على السؤال عن أي جانب نهضت زوجتي في القدس والصبي العائد من ميامي؟

في الوضع الحالي، الدولة تُدار من فوق رأس الحكومة. متطوعون يديرونها. ميري ريغيف لا تستقبل المخطوفين (ولا أحد يتذمر)، ويتركون المؤتمرات الصحفية لنتنياهو. لن تغطي أي حفلات على فشله، لكن الفشل لن يردعه. عندما لا يستطيع إطالة أمد الحرب، سيعلن النصر وتحت رعايته سنعود إلى التفكير الخطير المعروف بأن نهايتها ثكل وفشل.

فريقنا المهزوم يرفض مغادرة الملعب ويطالب باللعب حتى ينتصر. إنه لا يبحث عن انتصار بل عن “صورة انتصار”، وستوفرها أنقاض غزة. ماذا تريدون؟ لم نقوّض حماس، لكننا سوينا غزة بالأرض، والآن نحن جاهزون للجنة تحقيق للقيام بالعمل الذي لم نتمكن من القيام به.

الجيش قادر القيام بالعمل أيضاً من دون لجنة تحقيق. غوروديش (شموئيل غونن، قائد المنطقة الجنوبية خلال حرب يوم الغفران)، بطل حرب 67، أقالوه في سنة 1973 لأنه وُجد انه غير مناسب لمنصبه. نعم، في وسط القتال. واليوم، يقود المقاتلين قادة قُتل المئات تحت أنوفهم. لماذا؟ الأسئلة من دون إجابات مزعجة. إنها لا تختفي في المعارك أيضا.

لا يفوت الأوان أبداً لقول الحقيقة. الإجابات معلقة فوق رؤوسنا مثل سحابة تنذر بالشر. عندما لا تكون هناك إجابات، تزدهر نظريات المؤامرة. إنه لأمر مخيف أن نفكر في أنه في صباح أحد الأيام سنستيقظ ونجدها حقيقية.

* المصدر: موقع الميادين نت
* المادة نقلت حرفيا من المصدر