السياسية: بقلم: فريدريك لاسيز

في نهاية شهر أغسطس، تحدث صالح العاروري، الرجل الثاني في حركة حماس الفلسطينية، في مقابلة عن الحاجة إلى دفع كيان إسرائيل “على المدى القصير” إلى حرب إقليمية على عدة جبهات.

قال، إذا اندلعت الحرب، فإن كيان إسرائيل سوف تعاني من “هزيمة غير مسبوقة في تاريخها، نحن متأكدون من ذلك وسوف تخضع كيان [إسرائيل] لحقائق جديدة، مكانتها، الطريقة التي ينظر بها إليه العالم … ثقتهم بأنفسهم … وأيضا أولئك في المنطقة الذين يأملون أن تكون كيان إسرائيل ضامنة وحامية، كل ذلك سوف يتغير».

نبوءة تحققت إلى حد كبير بعد بضعة أسابيع، منذ 7 أكتوبر، تغير كل شيء بالفعل.

وبوحشية لم يسمع بها من قبل، اكتشف الصهاينة أنفسهم ضعفاء بشكل مأساوي.

لم تعد إسرائيل تبدو لهم ملاذا لا يمكن انتهاكه فحسب، بل إنهم يفهمون أن المحرقة يمكن أن تتكرر في منطقة الشرق الأوسط.

وضع يقوض أحد أسس المشروع القومي اليهودي ووعده بضمان أمن مواطنيه في المستقبل.

من وجهة النظر هذه، ليس أمام كيان إسرائيل خيار سوى تدمير حركة حماس، هدف يثير في حد ذاته شكوك العديد من الخبراء، ولكن قبل كل شيء، هو جزء من سياق جيوسياسي متدهور.

وعلى الرغم من تصميمها، ومع تحرك قواتها البرية إلى قطاع غزة، تجد كيان إسرائيل نفسها وسط عدة دوائر متحدة المركز من التهديدات التي تشكل خطرا وجوديا عليها.

الدائرة الأولى: المعضلة الفلسطينية

في 22 سبتمبر، في الأمم المتحدة، أعلن رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو عن قدوم شرق أوسط جديد.

وكمتابعة لاتفاقيات إبراهيم، وبفضل الجهود المشتركة للولايات المتحدة الأمريكية، كانت كيان إسرائيل على وشك إبرام سلام تاريخي مع المملكة العربية السعودية “مثل هذا السلام سوف يقطع شوطا طويلا نحو إنهاء الصراع العربي الصهيوني ، وهذا سوف يشجع الدول العربية الأخرى على تطبيع العلاقات مع كيان إسرائيل.

وهذا من شأنه أن يحسن آفاق السلام مع الفلسطينيين ويشجع على مصالحة أوسع بين اليهودية والإسلام.

وقد وضع هجوم حماس الإرهابي بعنف حدا لذلك الأمل، وكان هذا بالتأكيد هو هدفه.

لقد خرجت منطقة الشرق الأوسط “القديم” من النسيان حيث اعتقد الأمريكيون الصهاينة أنهم حبسوها إلى الأبد.

وخلافا لتوقعات نتنياهو، تشبه كيان إسرائيل مرة أخرى “دولة صغيرة معزولة، محاطة بعالم عربي معاد.

ولكن مع تصاعد عملياتهم العسكرية، وارتفاع عدد القتلى المدنيين في قطاع غزة، كما أصبح مصير الرهائن أكثر غموضا، ويواجه الصهاينة فخاً ثانياً.

وبمساعدة الكثير من وسائل الإعلام الغربية واليسار السياسي، تشن حركة حماس حربا نفسية وإعلامية تهدف إلى تشويه سمعة الدولة اليهودية أخلاقيا، وبالتالي إجبارها على وقف عملياتها العسكرية.

في ظل تحول اتهامي رهيب، تتحمل كيان إسرائيل المسؤولية عن مأساة 7 أكتوبر، التي يقال إنها نتيجة لسياسات بنيامين نتنياهو وعملية التطبيع التي تحاول التهرب من “القضية الفلسطينية”.

وبغض النظر إذن عن أيديولوجية «حماس» الجهادية التي تقوم على الإبادة الجماعية علنا، فإن كيان إسرائيل مدعوة إلى التخلي عن أهدافها الأمنية وقبول حل تفاوضي للصراع.

هذا النهج سريع جدا بحيث لا يتجاهل السياق الإقليمي الذي يحدث فيه هجوم «حماس».

إن الصراع من أجل الهيمنة الذي يمزق منطقة الشرق الأوسط قد يدفع المرء بالفعل إلى الاعتقاد بأن وراء ما يعتبره البعض عودة “القضية الفلسطينية” يكمن في الواقع استمرار “المسألة الإيرانية”.

* 4 جماد الأولى 1445, الموافق 18 نوفمبر 2023(موقع “بوليفارد فولتير – bvoltaire” الفرنسي- ترجمة: أسماء بجاش، الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)
* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر و بالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع