السياسية:

“كلها لنا.. من الفرات إلى العريش” .. هكذا كان شعار الحملة الصهيونية للعودة إلى مستوطنات قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء والتي انتشرت بوسائل التواصل الاجتماعي داخل كيان إسرائيل.

وتصاعدت حملة العودة إلى مستوطنات “غوش قطيف” – الاسم العبري لقطاع غزة – في غزة هذا الأسبوع – داخل وخارج الجيش الصهيوني ؛ حيث بدأ فنانون وحاخامات يروجون في عروضهم أمام الجنود إلى إعادة السيطرة على القطاع مما يطبع خطاب مناف لهدف العملية العسكرية.

وكشفت صور لجنود صهاينة في قطاع غزة وهم يحملون لافتة مكتوب عليها “غوش قطيف، عدنا!”.

وتأتي حملة “كلها لنا .. من الفرات إلى العريش” بعد أن كشفت السياسية الصهيونية دانييلا فايس، إحدى أولى قادة مستوطنات “غوش إيمونيم”، خريطة “سيجال” – وهي الخريطة التي تكشف كل مستوطنات اليهود بالأراضي العربية المحتلة – وذكرت في مقابلة مع القناة 14 أن ليس غزة وحدها لنا، بل كامل الأرض التوراتية الموعودة، من الفرات في الشمال إلى العريش في مصر.

ورغم أن فايس عبرت مبدئيا عن أفكارها الشخصية، قالت مراسلة القناة 14 شيرال للوم إن أفكارها وأفكار سيجال تترجم بالفعل إلى أفعال على الأرض – وسيتم في غضون أسبوعين تنظيم مؤتمر لنواة نشطاء الاستيطان بهدف العمل من أجل الاستيطان في غزة وغيرها.

كما تم كشف لقطات فيديو تظهر تكريم بن أوليئيل – والذي لا يخالف فيها جندي صهيوني أوامر الجيش فحسب، بل يتعاطف فيها أيضا، خلال القتال، مع مجرمين قاتلين – من قبل الصحفي والناشط من أجل عودة اليهود إلى جبل الهيكل (الحرم القدسي) أرنون سيجال، والذي كتب “هذا هو المكان الذي وقفت فيه وستقف فيه مستوطنة دوجيت. يا له من فرق رهيب بين القيادة الضالة للجيش والدولة وبين الجنود في الميدان”.

وقال تقرير لصحيفة “تايمز أوف كيان إسرائيل” إنه في الواقع، يتوافق هذا السلوك للجنود في الميدان مع سلوك الأحزاب السياسية في المستوى المدني.

حيث سارع سيجال، شقيق الصحفي عميت سيجال ونجل الصحفي حجاي سيجال – الذي أدين بتهم التسبب في أضرار جسيمة والانتماء إلى منظمة إرهابية – في الأيام الأخيرة إلى تسويق العودة إلى “جوش قطيف” بالألوان البرتقالية التي ميزت الجهود ضد إخلائها قبل عقدين من الزمن، ورسم خرائط للاحتلال والاستيطان هناك من جديد.

وكشف تقرير “تايمز أوف كيان إسرائيل” إنه بعد إثارة قلوب الجنود الصهاينة بهتافات “عائدون إلى جوش قطيف” و”سنقيم شاطئ نوفا على شواطئ غزة” – وهي نداءات مثيرة للجدل، فضلا عن تعارضها مع أهداف الحرب في غزة – انتقل المغني الشعبي الصهيوني حنان بن آري إلى أغنية لا تقل إثارة للجدل: “أذكرني”، والتي تشمل جملة “فانتقم نقمة واحدة عن عيني من الفلسطينيين”.

وعندما أثارت لقطات تم تسريبها من الحدث عاصفة من الجدل على الانترنت، وجه معجبو بن آري وابلا من الشتائم والتهديدات بالقتل ضد كل من انتقده، إلى ان اضطر المغني النداء إلى تهدئة. وأسبوع بعد ذلك، أدت المغنية “نركيس” عرضا أمام الجنود حيث دعت إلى “القضاء على غزة”.

وقالت الصحيفة العبرية إنه عادة ما ينأى الجيش الصهيوني بنفسه عن هذه الأحداث، محرجا وبدون إجابات على سؤال ماذا سيحدث في العرض التالي لبن آري أو نركيس، وماذا كان سيحدث لو، قام ماني مامتاري بأداء عرضه السحري المثير للاشمئزاز أمام المدرعات في مناطق تجمع الجنود، بدلا من أمام المحتفلين في حفل زفاف في بيت شيمش.

وكان المتحدث باسم الجيش الصهيوني أكثر صراحة في إدانة عرض الحاخام عميحاي فريدمان أمام جنود ناحال: “سلوك الضابط الذي يظهر من الوثائق لا يتماشى مع قيم الجيش وأوامره”، وجاء في الإعلان بشأن الضابط الذي أعلن بحماس للجنود الذين يخوضون المعركة عن “أسعد شهر في الحياة”، وتعهد بالعودة إلى غزة ولبنان لأن “البلاد كلها لنا!”

وجاء في الرسالة، “تم استدعاء الضابط للتوضيح من قبل قادته وسيتم التعامل معه. لن يسمح الجيش الصهيوني بهذا النوع من الخطاب غير اللائق بين صفوفه – في الروتين أو في القتال”.
وأوضحت الصحيفة لكن حتى الآن، لم يتم يتعليق خدمة فريدمان أو محاكمته رغم كونه رقيب في الجيش وخاضع لأوامره. ولكن نظرا لهذه الرسالة – وعروض بن آري ونركيس – من الصعب أن نفهم كيف يمكن للجيش أن يمنع مثل هذا الخطاب غير اللائق بين جنوده، وكيف علم بوجوده مسبقا.

وتعليمات هيئة الأركان العامة الصهيونية تتضمن تعليمات واضحة – على مستوى عال من الدقة – فيما يتعلق بما ويسمح وما يحظر للجنود والضباط، بما في ذلك الحظر الكامل على النشاط السياسي، أو المشاركة في الاحتجاجات بالزي العسكري، أو العمل الحزبي أو السياسي، او النشاط الذي يقوض الدولة أو الجيش، أو التعبير العام عن القضايا السياسية دون إذن الرتب العليا وأكثر من ذلك.

ولم تمنع هذه التعليمات عشرات الجنود من المشاركة الأسبوع الماضي في سلسلة من الأحداث والفعاليات التي تطالب الدولة بالسيطرة على القطاع وإعادة بناء مستوطنات “غوش قطيف”.

وذلك على الرغم من أن هذه الأهداف ليست من ضمن أهداف العملية كما حددها المستوى السياسي، وعلى الرغم من أن إعادة بناء “غوش قطيف”، على عكس الحرب مع حماس، هي مسألة سياسية، أي يحظر الجنود من الانخراط فيها.

وبدءاً من ليلة 27 أكتوبر – عندما دخلت الدبابات الصهيونية ولواء “جفعاتي” و “جولاني” إلى القطاع – صدر سيل من الصور التي تظهر جنوداً يحملون الأعلام الصهيونية داخل غزة، أو معلقة على بعض المنازل، كاحتلال لمواقع العدو (على غرار حرب الأيام الستة)، أو الوقوف في شكل حرف “حيت” حول العلم الصهيوني وغناء النشيد الوطني “هتيكفا”.

وقام بعض الجنود بتعليق الأعلام على الدبابات، وعلقوا لافتات تذكارية لرفاقهم الذين سقطوا في المعارك في النقب الغربي ابتداء من 7 أكتوبر – وهو إجراء مقبول لإحياء ذكرى القتلى وتعزيز الوحدة. لكن بعض الآخرين ذهبوا إلى أبعد من ذلك، وقاموا بتصوير أنفسهم وهم يزرعون شجرة “من أجل نهضة كيان إسرائيل” مع ذكر اسم المستوطن قاتل عائلة دوابشة الفلسطينية عميرام بن أوليئيل، والناشط اليميني آرييل دانينو المعتقل إداريا للاشتباه في ارتكاب أعمال عنف ضد الفلسطينيين.

وقال أحد الجنود: “لقد زرعنا الشجرة هنا من أجل نهضة كيان إسرائيل، وبعون الله سيتم إطلاق سراح جميع أسرى صهيون، آرييل دانينو وعميرام بن أوليئيل. لن ننساكم. أنتم جزء من هذا النضال. نحن لن نتخلى عن أي شخص. الجميع سيصلون إلى النهاية. شعب كيان إسرائيل حي”.

ويظهر مقطع فيديو أكثر خطورة جنود لواء “بنيامين” وهم يرقصون على خلفية هتافات “لتحترق قراكم” فيما كان رد فعل الجيش الصهيوني مماثل تقريبًا: سلوك الجنود لا يتوافق مع أوامر الجيش الصهيوني وقيمه.

* المصدر: موقع روسيا اليوم
* المادة نقلت حرفيا من المصدر