لأول مرة في تاريخ الكيان الغاصب.. المقاومة الفلسطينية تُسطر ملاحم بطولية يُخلدها التاريخ
السياسية: مرزاح العسل
لأول مرة في تاريخ كيان العدو الصهيوني الغاصب.. تُسطر المقاومة الفلسطينية منذ انطلاق معركة “طوفان الأقصى” المباركة في السابع من أكتوبر الماضي وحتى اليوم ملاحم بطولية وأسطورية سيُخلدها التاريخ بأحرف من ذهب، ملحقة خسائر فادحة للكيان المُحتل.
ويشكل أبطال المقاومة بعد “طوفان الأقصى”، بما حققوه من انتصارات عظيمة أعادت الاعتبار لكرامة الأمة الإسلامية ومقدساتها، وبمحورها الممتد في المنطقة، أملاً كبيراً يجعل المنطقة كلها تسير أمام تحول تاريخي في الصراع مع العدو الصهيوني، وعنوان هذا التحول هو بداية الهزيمة، وأن نهاية المشروع الصهيوني في أرض فلسطين ممكنة وليست صعبة.
فالعدو الصهيوني منذ بدء الطوفان الجارف الذي انطلق من غزة يتكبد الكثير والكثير من الخسائر، ويتلقى الصفعات تلو الصفعات، ويكابد الهزائم تلو الهزائم، يتألم كثيراً ولا يكاد يتكلم.. قال تعالى: (وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ ۖ إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ ۖ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا) (104) النساء.
ولعل ما يكشفه إعلام العدو الصهيوني من الخسائر والنكسات أمام المقاومة الفلسطينية لا يكاد يُذكر، فما خفي ويخفى بكل تأكيد أعظم.
خسائر بشرية في صفوف العدو:
لأول مرة في تاريخ الكيان الغاصب يتكبد العدو الصهيوني خسائر بشرية فادحة في وقت قياسي، خلال شهر من انطلاق معركة “طوفان الأقصى”، حيث تمكن مجاهدو القسام والفصائل المقاومة الفلسطينية الأخرى من اقتحام الكثير من مستوطنات ومواقع العدو وقتل وأسر الكثير من جنوده، حيث اعترف العدو (في حصيلة غير نهائية) بارتفاع أعداد قتلاه إلى أكثر من 2000 بين قتيل وأسير، فيما تجاوزت حصيلة الإصابات في صفوفه أكثر من 6000 صهيوني بينهم المئات في حالة الخطر الشديد.
وبالإضافة إلى ذلك فقد غادر أكثر من 230 ألف صهيوني الكيان المحتل منذ بدء عملية “طوفان الأقصى”، ويُتوقع ارتفاع أعداد المغادرين مع استمرار العدوان على قطاع غزة، وتصاعد التوتر على الجبهة الشمالية مع لبنان، والمواجهات المتواصلة في الضفة الغربية المحتلة.
وكذلك أعلن كيان العدو عن ارتفاع حصيلة القتلى في صفوف جنوده إلى ما يقارب الـ40 صريع منذ بدء الحرب البرية على قطاع غزة، كما أقرّ بارتفاع حصيلة القتلى العسكريين إلى 348 جندياً، وبالتأكيد فأن العدد أكبر بكثير ولكن التعتيم الإعلامي الصهيوني يخفي الكثير خوفا من انهيار جبهته الداخلية.
محرقة آليات العدو:
ففي الوقت الذي يروج فيه العدو الصهيوني، عبر المتحدث باسم جيشه الكرتوني “الذي لا يُقهر” مزاعم تفيد بنجاح فصل شمال قطاع غزة عن جنوبه، تواصل كتائب “الشهيد عز الدين القسام” تسديد ضرباتها الصاروخية في العمق الصهيوني، وبثت مشاهد ليلية للالتحام بالقوات الصهيونية وتفجير دباباتها من مسافة صفر.
وعلى الرغم من كثافة القصف ليلًا واتباع سياسة الأرض المحروقة في تقدم الجنود الصهاينة، إلا أن المقاومة فجرت مفاجأة جديدة من خلال بثها مشاهد ليلية تظهر جانبًا من تصدي مقاتليها لقوات العدو التي حاولت التقدم شرق محافظة خان يونس جنوب قطاع غزة، وتدمير عدد من آلياتها.
وقد أعلن أبو عبيدة المتحدث باسم “كتائب القسام” الجناح العسكري لحركة حماس أن “مجاهدي القسام دمروا في محاور القتال خلال الـ48 ساعة الأخيرة كليًا أو جزئياً 27 آلية عسكرية”.
كما أعلنت كتائب القسام، اليوم عن تدمير، أحد عشر دبابة للعدو الصهيوني بالإضافة إلى آليات أخرى، بقذائف الياسين على مشارف مخيم الشاطئ غرب غزة، وبيت حانون، في وقت تستمر فيه ملاحم وبطولات التصدي للتوغل الصهيوني في عدة محاور من قطاع غزة، إلى جانب تواصل الرشقات الصاروخية تجاه مواقع العدو ومستوطناته.
ولعل ما توثقه كتائب القسام وتنشره بين الحين والآخر من ملاحم بطولية يثبت أن العدو الصهيوني يتلقى صفعات كبيرة أمام أبطال المقاومة الفلسطينية، بل وتتلقى آلياته العسكرية العملاقة محارق عظيمة سيخلدها التاريخ.
ولعل ما اعترف به وزير الحرب في حكومة العدو الصهيوني يوآف غالانت، يؤكد ذلك حيث قال: “أمامنا أيام عديدة من القتال، وأنّ هذه حرب مختلفة عما عرفناه.. وهذا سيستغرق الوقت”.
وقبل أيام، اعترف غالانت، بأنّهم يدفعون “أثماناً باهظة في غزة”، وقال في كلمة له أمام قوات الاحتلال، بحسب إعلام العدو: “نحن نُفعّل قوات بحجم كبير، في عمق قطاع غزّة، هناك معارك ضد القوات العاملة.. وللأسف في الحرب هناك أثمان، والأثمان في اليوم الأخير، كانت باهظة”.
خسائر دبلوماسية كبيرة:
في السنوات الأخيرة، بل في الشهور التي سبقت يوم السابع من أكتوبر الماضي، كان الكيان الصهيوني يشعر بنشوة عالية ويتفاخر بعلاقات دبلوماسية فتح من خلاله أبواب دول عديدة حتى كادت أن تتحول إلى الدولة القائد في منطقة الشرق الأوسط.
فما بين إعادة تعزيز العلاقات مع كيان كانت تقطع علاقتها بها، إلى توقيع اتفاقيات تطبيع، وصولا لمراحل متقدمة من التماهي في السياسات، أصبحت الكيان الغاصب يمثل الحليف الاستراتيجي بل شريكاً محوريا كاد أن يقودها لإقامة مجموعة من التحالفات الأمنية والاقتصادية والسياسية.
لكن اليوم، وبعد مرور شهر على معركة “طوفان الأقصى” وعدوانه على قطاع غزة، برزت مجموعة من التحولات في هذا المسار على مستويات عدة.. فقد أعلنت الكثير من الدول قطع علاقاتها الدبلوماسية مع هذا الكيان، احتجاجا على المجازر التي ينفذها في قطاع غزة، وبالتزامن استدعت العديد من الدول سفراءها لدى الكيان المُحتل للتشاور بسبب استمرار الحرب، وبسبب ارتكاب “مذبحة للشعب الفلسطيني”.
وترى صحيفة “إسرائيل هيوم” أن هناك مؤشرات في جميع أنحاء القارة الأمريكية الجنوبية موجة من تغيير أنظمة الحكم نحو اليسار، مما يجعل العلاقات مع الكيان الصهيوني محفوفة بالمخاطر، وكذلك في المكسيك وهندوراس وكولومبيا وبوليفيا والإكوادور والبرازيل والأرجنتين وفنزويلا، وهو ما يعني أن هذه الحرب ونتائجها ستعزز هذا التوجه المستقبلي أيضاٍ.
ووفقا لتقديرات وسائل إعلام العدو، والباحثين بالسياسات الخارجية والإقليمية فإن استمرار الحرب على قطاع غزة، ستعمل على اتساع دائرة التوتر الدبلوماسي بين الكيان الغاصب ومزيد من الدول، كما قدرت أن هذا التوتر قد ينتقل إلى منطقة الشرق الأوسط وحتى مع الدول المطبعة مع هذا الكيان.
الاقتصاد الصهيوني يترنح:
ويتعرض الاقتصاد الصهيوني لآثار سلبية كبيرة منذ السابع من أكتوبر ولعلّ أهمها حالة الغموض وعدم اليقين من المستقبل، فالغموض أكبر عدو للاقتصاد والمستثمرين.
ويقوّض الغموض من إمكانية التوقع بمصير النشاط التجاري والاستهلاك والاستثمار وقيمة العملة، وهو ما يزيد من الخسائر وقدرة الشركات على الصمود وتعقيد الحسابات.
وإضافة للغموض وعدم اليقين هناك انعكاسات مباشرة على الاقتصاد الصهيوني مثل ارتفاع الأسعار ومعدلات الفائدة والبطالة والعجز التجاري والدين العام وسعر صرف العملة أمام العملات الأجنبية.
وبالعودة إلى السابع من أكتوبر فقد فشلت حكومة نتنياهو في حماية أصول واستثمارات الشركات ورجال الأعمال، وتعمّق شرخ الثقة مع الدخول في الحرب والخسائر التي يمنون بها يومياً.
وفي استطلاع رأي أجرته بلومبيرغ مع 500 شركة تقنية، نجد أن ما يقرب من 250 شركة أفادت بإلغاء أو تأخير اتفاقية استثمار وأكثر من 70 في المائة من الشركات أشارت إلى إنه تم تأجيل أو إلغاء مشاريع كبيرة.
وللمرة الأولى تشير التقارير الاقتصادية المحلية والدولية بخطورة ما يمر به الاقتصاد الصهيوني، وأن ما يجري ليس فسحة، إذ من المحتمل تعطيل 1.8 مليون عامل يشكلون حوالي 41 في المائة من القوى العاملة في الكيان الصهيوني، ووقوع الاقتصاد في حالة ركود، وإغلاق منظومة التعليم ومعظم الشركات وإقرار العمل عن بعد.
ومن المتوقع أن تبلغ الخسائر أكثر من 18 مليار دولار، وأن يتخطى عجز الموازنة العامة 20 مليار دولار في عام 2024.. وأن تصل تكلفة التعويضات للضحايا والأضرار إلى 4.25 مليارات دولار، كما ستؤدي الحرب إلى خسائر عائدات الضرائب بقيمة 7.75 مليارات دولار.