السياسية:

 

مرزاح العسل

رغم الدعم الأمريكي الأوروبي المُتناهي وغير المشروط لكيان العدو الصهيوني المُحتل.. تواصل معركة “طوفان الأقصى” استنزاف وتكبيد العدو الغاصب خسائر اقتصادية باهظة بكل المجالات، في ظل وضعه الاقتصادي المتردي وبيته الداخلي مضطرب.

وفي هذا السياق.. كشفت تقارير اقتصادية حديثة نُشرت اليوم الأحد، عن تسجيل الشيكل هبوطاً بنسبة ثلاثة في المائة في اليوم الأول للتداول، حيث وصلت قيمة الشيكل مقابل الدولار إلى 3.95 ليصل إلى أدنى مستوياته منذ ثمانية أعوام.

وكان البنك الصهيوني المركزي أعلن الاثنين الماضي، عن بيع ما مقداره 30 مليار دولار في سوق النقد الأجنبي لدعم وحماية الشيكل المُنهار، فيما انخفضت بورصة الكيان المُحتل بنسبة ثمانية في المائة في أول أيام التداول، بعد بدء معركة “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر الجاري.

وتقدر خسائر كيان العدو الصهيوني اليومية منذ بداية المعركة بنحو مليار دولار يومياً، فيما طالت الأضرار كافة القطاعات الاقتصادية وخاصة قطاعات الصناعة، والسياحة والزراعة، وتسببت المعركة بإغلاق كامل مستوطنات غلاف قطاع غزة، وتعطيل الملاحة الجوية وإيقاف منشآت صناعية عن العمل، ما شكل تحدياً للحالة الاقتصادية لدى العدو وفاقم من الأزمة لدى هذا الكيان الزائف.

ولفتت توقعات الخبراء إلى ارتفاع تكلفة الحرب التي يخوضها الكيان الغاصب أمام حركة “حماس” في قطاع غزة إلى ما يصل نحو 200 مليار شيكل، أي ما يعادل 51 مليار دولار.

وأفادت صحيفة “كالكاليست” الاقتصادية الصهيونية، اليوم، نقلا عن أرقام أولية لوزارة مالية كيان العدو، بأن تقدير التكاليف، التي تعادل عشرة في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، يستند إلى احتمال استمرار الحرب من ثمانية، إلى 12 شهراً مع اقتصار الأمر على غزة دون مشاركة كاملة لحزب الله، اللبناني أو إيران أو اليمن، وكذلك على أساس العودة السريعة لنحو 350 ألف صهيوني تم تجنيدهم في قوات الاحتياط إلى العمل قريبًا.

وأضافت الصحيفة: إن “نصف التكلفة ستكون في نفقات الدفاع التي تصل إلى نحو مليار شيكل يوميا، وسوف تتراوح تكلفة الخسائر في الإيرادات بين 40 و60 مليار شيكل أخرى، إلى جانب ما بين 17 و20 مليار شيكل سوف تتكبدها “إسرائيل” على شكل تعويضات للشركات، وعشرة إلى 20 مليار شيقل لإعادة التأهيل.

بدورها أكدت سلطة الضرائب التابعة للعدو الصهيوني، أن الدمار الناتج عن الحرب غير مسبوق في تاريخ حروب الكيان.. مبينة أن حجم الخسائر المادية في اليوم الأول فقط للمعركة تقدر بحوالي ثلاثة مليار شيكل على الأقل، إذ تضررت 20 مًستوطنة بشكل كبير ودمرت المنازل والبنية التحتية والطرق والمزارع.

وتأتي هذه المعطيات الرسمية، وسط حالة ركود تعصف بالاقتصاد الصهيوني وعلى سوق العمل والعُمال والمعاملات في مختلف المصالح التجارية.

وكشفت دائرة الإحصاء المركزية الصهيونية، الخميس الماضي، أن الاستطلاعات التي أجرتها أظهرت أن الحرب على غزة أثرت على النشاط التجاري الذي أصيب بشلل شبه تام، وكذلك سوق وحركة العمالة، حيث ما زال 764 ألف عامل عاطلين عن العمل، أي ما يعادل 18 في المائة من إجمالي القوى العاملة.. لافتة إلى أن هذا العدد هو الحد الأدنى والذي يمكن أن يصل إلى نحو مليون عامل.

وبحسب ما نقلته صحيفة “غلوبس” الاقتصادية الصهيونية عن بيانات وزارة العمل الصهيونية التي نشرتها هذا الأسبوع، فقد تم تسريح مئات الآلاف من العمال من وظائفهم بسبب الأضرار التي لحقت بمختلف الصناعات وبسبب استدعاء قوات الاحتياط بالجيش للحرب، وهذا يضع عبئا كبيرا على “اقتصاد الحرب” وخطط التعويضات التي تحضرها المالية.

ويعتبر الكيان الصهيوني المُحتل أكبر متلق للمساعدات الخارجية الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية، حيث أفادت المؤشرات الرسمية الأمريكية، بأن المساعدات الإجمالية المقدمة من الولايات المتحدة للكيان الغاصب فيما بين عامي 1946 و2023 بلغت نحو 158.6 مليار دولار.

وفقاً لبيانات “الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية” فإن حجم المساعدات أكبر بكثير مما جاء في التقديرات الرسمية، إذ وصل إجمالي المساعدات الأمريكية المُلتزم بها للكيان الغاصب في الفترة ذاتها نحو 260 مليار دولار.

ويذكر أن معظم هذه المساعدات الأمريكية للكيان الصهيوني الغاصب تذهب إلى القطاع العسكري، حيث بلغ حجم المساعدات الأمريكية العسكرية للكيان فيما بين عامي 1946 و2023، بحسب التقديرات الأمريكية الرسمية، نحو 114.4 مليار دولار، إضافة إلى نحو 9.9 مليارات دولار للدفاع الصاروخي.

وعلى الرغم من حرص عدد من الدول الأوروبية على إظهار دعم مطلق لكيان العدو الصهيوني في حربه على قطاع غزة، فإن دول الاتحاد الأوروبي لا تزال عاجزة عن الخروج بموقف موحد من هذه الأزمة.

ويظهر ذلك جليا في تباين وجهات النظر بين دول تُظهر حماسة كبيرة في دعم الكيان الصهيوني كما هو الحال بالنسبة لألمانيا، وأخرى توجّه انتقادات لاذعة لكيان العدو وحكومة بنيامين نتنياهو، كما هو الأمر بالنسبة لإسبانيا.

أما على صعيد الاتحاد الأوروبي نفسه، فقد ظهر التباين الواضح بين رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، الداعمة وبقوة للكيان المُحتل وبين الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية جوزيب بوريل، المعروف بنبرته المنتقدة للكيان المُحتل قبل الأحداث الأخيرة، لدرجة أن صحيفة “بوليتيكو” وصفته بأنه “شخص غير مرغوب فيه” في “تل أبيب”.

ويتواصل العدوان الصهيوني الأمريكي على غزة لليوم الـ30 منذ بدء معركة “طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر الماضي، ما أسفر عن ارتفاع حصيلة ضحاياه إلى 9770 شهيدًا منهم 4800 طفل و2550 سيدة وأكثر من 24 ألف جريح.

الجدير ذكره أنه رغم الدعم الأمريكي والأوروبي المفتوح والغير مشروط لكيان العدو الصهيوني إلى أن معركة “طوفان الأقصى” تواصل استنزاف العدو بشرياً ومادياً ومعنوياً واقتصادياً وفي كل المجالات، وعلى الرغم من أن الأرقام التي يُعلنها العدو في خسائره اليومية إلى أن ما خفي كان أعظم.