“طوفان الأقصى” تُسقط زيف أقنعة الأنظمة
السياسية: مرزاح العسل
مع تواصل معركة “طوفان الأقصى” القاصمة ظهر العدو الصهيوني الغاصب لليوم الـ24 على التوالي ، تتساقط أقنعة الأنظمة العربية المزيفة التي أزاحت عملية الطوفان قشرتها الرقيقة التي يغلفها العدو السعو صهيو أمريكي غربي عربي على مدى عقود ، لتظهر خلفها أبشع صور الخيانة والعجز والتواطؤ والخذلان .
فما يحدث في غزة ولا يزال حتى اليوم يحدث يفوق الخيال البشري، فكيف لغزة المحاصرة أن تتحول منذ سنوات قليلة إلى قوة عسكرية ضاربة تسيطر المقاومة فيها على ضعف مساحتها وتستعيد مستوطنات اغتصبها المحتل..؟
سقوط الأقنعة
أسقطت عملية الطوفان أقنعة كثيرة وجاري تساقط البقية منها , فقد أسقطت عملية السابع من أكتوبر 2023 ، أقنعة التضامن العربي والإسلامي ونصرة الأقصى، كما سقط قبلهما أقنعة حلم الشارع العربي ومنظومة الالتزام العربي وشعار وحدة المصير وأكذوبة حقوق الإنسان” وسلام التطبيع العربي و زوبعات المدافعين عن القضية الفلسطينية.. وغيرها من الأقنعة ضلت على مدى عقودا من الزمن ترسم أحلام للشعوب المستضعفة.
وكما أسقطت عملية “طوفان الأقصى” تلك الأقنعة المصنوعة في دهاليز الحكومات الصيهو ـ غربية بخبرات ومساعدة لوجستية من الحكومات العربية ، فقد أسقطت أعتاها والتي تمثلت في أسطورة الجيش الذي لا يُقهر”، خلال بضع ساعات قادتها إرادة أبطال الطوفان وتحرير فلسطين كل فلسطين من الغزاة والمحتلين.
ولعل أول قناع تم إسقاطه هو قناع حقوق الإنسان والتي تتغنى به دول الغرب ما تعاقب الليل والنهار ؛ فقد خرجت كل الأبواق الحاكمة للغرب الكافر لتعلن عن دعمها الكامل وغير المشروط لجيش العدو الصهيوني المتهالك ضاربه بشعاراتها الإنسانية وما يسمى بشعار حقوق الإنسان عرض حائط السور الفولاذي والعنصري لقطاع غزة.
الفصل العنصري
فهذا وزير الحرب الصهيوني يوآف غالانت، يعتبر الفلسطينيين “حيوانات” وأنه سيتعامل معاهم حسب هذا المصطلح ، والحال كذلك عند مسؤولي وساسة الغرب وعلى رأسهم الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيسة المفوضية الأوروبية فون ديرلاين، فقد صنفا الحرب بأنها “حرب ضد الإرهابيين في غزة”.
أن تساقط الأقنعة الغربية ليس وليد اليوم في حرب غزة وأنما تعود جذوره لجرائم الفصل العنصري التي ارتكبتها دول الغرب في إطار الحملة الممنجة التي تشنها على العدو الأخضر الذي هو دين الإسلام حسب الخطة التي رسمها مستشرقوها ، بداً من المذابح الصليبية في زمن العصور الوسطى وبدايات وما قبل القرن العشرين ،مرورا بجرائم النازية الغربية التي نفذتها في ربيع ثورات التحرر العربية في منتصف القرن الماضي ، انتهاء بمذابح شماعات الإرهاب وداعش وخواتها في عدد من الدول العربية والإسلامية.
والحال نفسه مع أقنعة التضامن العربي والشارع العربي والالتزام العربي ووحدة المصير والتطبيع العربي، وكل ما له علاقة بالعرب، فقد اسقطتها بيانات وخطابات الأنظمة العربية المخزية في حين تحشد دول الغرب ساستها ودعمها السياسي والعسكري وترسل جنودها وعتادها وأسلحتها الفتاكة دعما للعدو الصهيوني لقتل أطفال غزة على مرأى ومسمع العالم.
يُعد معبر رفح الذي يفصل قطاع غزة عن مصر أكبر مثال على ذلك السقوط، فقد عادت شاحنات المساعدات أدراجها بعد أن هدد الكيان المحتل بقصفها، بل قصف المعبر أكثر من مرة دون ردة فعل مصرية تذكر ولو حتى بالتنديد الكاذب ، خاصة بعد أن وصلت صواريخ الكيان الصهيوني للعمق المصري ولم تحرك مصر العروبة أي ساكن.
مهرجان سعودي على جراح غزة
أليس من المخجل أن تدعي دول عربية عروبتها وإسلامها كدويلات الإمارات والبحرين فتظهر في بياناتها الرسمية منددة ومستنكرة بتصعيد المقاومة الفلسطينية وتسميتها بالمجموعات الإرهابية ضد مدنيي كيان إسرائيل، في حين تكتفي جامعة الدول العربية كالعادة بتصريحاتها الهزيلة .
ليس ذلك فحسب ، بل ذهبت أغلب دول الخليج العربي وبكل وقاحة إلى مهاجمة المحتويات الفلسطينية وتشويه نضال الشعب الفلسطيني واتهامه بالإرهاب بشكل لم يحدث من قبل، مما اضطر المغردون إطلاق عليهم مصطلح “الصهاينة العرب” .
وعلى جراح غزة ، يغرق أمراء ومواطني السعودية وعرب في غمرة احتفالاتهم المهرجانية الراقصة في فعاليات موسم الرياض 2023 ، في نسخته الرابعة والذي انطلق يوم 20 أكتوبر ويستمر لمدة ثلاثة أشهر بحضور عدد تقديري يصل لأكثر من 12 مليون زائر وفقا لتصريح رئيس الهيئة العامة للترفيه تركي آل الشيخ
، وسط دعوات ناشطون للسلطات للسعودية إلى تأجيل احتفالاتها مراعاة لما يحدث في غزة من قصف وحشي وتضامنا مع القضية الفلسطينية ولا ثبات عروبية ال سعود في مواقفهم مع القضايا العربية وقضية فلسطين بشكل خاص.
صمت عربي مطبق
المخجل الأبرز هو الصمت العربي المطبق الذي ضرب كل المشاهير والوجوه العربية المعروفة على الساحات الرياضية والفنية والفكرية وغيرها باستثناءات قليلة هنا وهناك ، في حين تقف الشعوب العربية عاجزة عن الحركة بعد أن فعل الاستبداد بها فعلته، فجزء كبير منها لا يهمه غير توفير ضروريات الحياة له ولعائلته وسط بحيرات الفساد التي تسبح فيها المنطقة العربية.
الجدير ذكره أنه كما أسقطت عملية “طوفان الأقصى” الرهانات والأقنعة، فإنها أعادت القضية الفلسطينية إلى الواجهة، بل وأعادت لها هيبتها، وهدفها الرئيس هو إزاله العدو المحتل عن أرض فلسطين ووقف مشاريعه الاستيطانية، وليس فقط التسوية والتطبيع معه في اطار الهدنة طويله الأمد كما كان من قبل .. لذا من الواجب على القوى العربية والإسلامية وشعوبها مناصرة الشعب الفلسطيني حتى استرجاع كامل حقوقه.